الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قلبي يدق كثيرًا وأتلعثم كثيرًا عند المناسبات.. كيف أزيل هذا كله؟

السؤال

أريد جرعة علاجية للرهاب الاجتماعي، فأنا لا أستطيع الذهاب للمناسبات، وقلبي يدق كثيرًا، وأتلعثم كثيرًا، وأبلع ريقي كثيرًا.

أنا شاب أعزب عمري 25 سنة، حتى إني أخاف الإقبال على الزواج بسبب هذا الرهاب، أريد منكم وصف جرعة علاجية أمشي عليها كي يزول عني ذلك الرهاب.

جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الرهاب الاجتماعي هو من الاضطرابات النفسية المنتشرة، ويُقال إن 12% من أي مجتمع يعانون من الرهاب الاجتماعي، ولكن غالبيتهم لا يذهبون لتلقي العلاج، مع أنه اضطراب نفسي له علاج بإذنِ الله.

العلاج نوعان: علاج دوائي، وعلاج سلوكي معرفي، فلنبدأ بالعلاج السلوكي المعرفي؛ لأنه يمكنك أن تُطبقه بنفسك - إنِ استطعتَ -: ما عليك إلَّا أن تحضر دفتر وتُسجِّل به بدقة ما هي المناسبات الاجتماعية التي لا تستطيع حتى التفكير في حضورها، لمجرد التفكير فيها تُصاب بتوتر وقلق وارتباك شديد وتتفاداها بشتَّى السبل، ثم تدوِّن الأقل صعوبة، ثم الأقل صعوبة، ثم التي تؤدِّيها ولكن بدون ارتياح، أي تدوِّن وتسجِّل بدقة شديدة ما هي أكثر المواقف الاجتماعية إثارة للرعب عندك إلى أقلِّها شدة.

هذا مهم جدًّا، التسجيل بدقة متناهية، وابدأ بالآتي: ابدأ بتعريض نفسك للمواقف الأقل صعوبة، أو التي يمكن أن تؤدِّيها بضيقٍ بسيط، ومع هذا تقوم بتمارين استرخاء، أو تتناول بعض الحبوب التي سأصفها بعد الانتهاء من شرح العلاج السلوكي المعرفي.

وبعد انتهاء هذه المرحلة الأقل صعوبة تتدرَّج للمرحلة التي بعدها، حتى تصل إلى كل المراحل.

كيف تواجه هذه المواقف الاجتماعية؟ هناك طريقتان للمواجهة: إمَّا أن تواجه مواجهة حقيقية، بأن تذهب إلى هذه المواقف، أو تواجه مواجهة خيالية، أي أنك تجلس في بيتك وتتخيل أنك في هذا الموقف تخيُّلاً حقيقيًا، حتى تُصاب بالخوف والرعب والقلق، ثم تسترخي بعد ذلك.

إذا لم تستطع أن تقوم بهذا البرنامج بنفسك، فيجب عليك الاستعانة بمعالجٍ نفسي، لوضع هذه الخطة والطريقة العلاجية، ومن ثمَّ مساعدتك على القيام به.

أما العلاجات الدوائية: فهناك نوعان من الأدوية، هناك أدوية تُساعد على تخفيف الأعراض المصاحبة للمواقف: مثل زيادة ضربات القلب، الرعشة، آلام البطن، والتعرُّق الشديد، من هذه الأدوية حبوب الـ (إندرال Inderal)، ويعرف علميًا باسم (بروبرانلول Propranlol) خاصة للذين لا يعانون من الربو، عشرة مليجرام، ثلاث مرات في اليوم، مع الاستمرار في العلاج السلوكي المعرفي، حتى تتم جلسات العلاج السلوكي المعرفي، ومن ثمَّ يمكنك التوقف عن تناول الإندرال.

وهناك حبوب أخرى هي علاجية وليست مُهدِّئة، هناك عدة أنواع، من أشهرها دواء يعرف تجاريًا باسم (زيروكسات Seroxat)، ويسمى علميًا باسم (باروكستين Paroxetine) عشرة مليجرام إلى عشرين مليجرامًا، فلتبدأ بنصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام - أي خمسة - بعد الأكل، ثم بعد خمسة ستة أيام ترفع الجرعة إلى عشرة مليجرام، ثم بعد خمسة أيام أخرى ترفع الجرعة إلى خمسة عشر مليجرام، ثم إلى عشرين مليجرامًا، وسوف يبدأ مفعولها بعد أسبوعين من بداية العلاج، وتحتاج إلى شهرين حتى تحسّ بفائدتها، بعد ذلك يمكنك الاستمرار عليها لمدة ثلاثة إلى ستة أشهر، والتوقف عنها بالتدريج، أي تخفيض خمسة مليجرام كل أسبوع، حتى تتوقف تمامًا.

هذه الأدوية هي علاج في حد ذاتها، وليست مُهدئة، وأحسن أنواع العلاج هو أن تجمع بين العلاج السلوكي المعرفي والعلاج الدوائي، ولكن إذا تعذر فيمكن الاستعانة بالمتاح منهما.

وفَّقك الله وسدَّدك خُطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً