الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أغيّر شخصيتي الحساسة وأستمتع بحياتي؟

السؤال

السلام عليكم

أحببت أن أطرح مشكلتي التي حدثت لي من قريب، ولم تكن موجودة قبل شهرين، وهي: أنني شخص حساس جدا، وأحمل نفسي أشياء كثيرة، ونفسيتي تتعب، وصدري يضيق جدا؛ وبالتالي تأتيني الهموم والتفكير.

حياتي صارت كلها أحزان، وهذا الشيء الذي أحاول الهروب منه، ولا أجعله يسيطر علي، لكن عجزت بسبب حساسيتي الزائدة، مثلا: لو أن شخصا ألقى علي كلمة، أو سبني في شكلي، أو تصرفاتي، أو كلامي، فأنا أحمل بصدري، وأشعر بالحزن والغضب، وأكتم في نفسي، وأسكت ولا أقول شيئا، لكن أبتسم وأحاول أن أتجاهل أو أنشغل بشيء، لكني عجزت، وما زالت حساسيتي موجودة، وتسبب لي الانعزال عن الناس، وهذا الشيء لا أريده أبدا، ودائما قلبي يهتز من أتفه الأشياء.

كيف أغيّر شخصيتي الحساسة وأصير قويا لا أهتم لكلام الناس، وأستمتع بحياتي؟ وللعلم لست أتحسس من أي شخص، ولا أتحسس من كل كلام، بل من بعض الكلام فقط، ويكون جارحا لي، ويسبب لي جرحا عميقا لا أستطيع التخلص منه، وللعلم أنا شخص مسامح، وغير مكروه من الناس، وكثير المجاملة.

في الفترة الأخيرة أصبحت من كثرة تحملي للناس أبكي على أتفه الأشياء، وأشعر بأني سأنفجر وأضرب أحدهم، حتى أني دخلت إلى ناد رياضي، وصرت أزاول الحديد، وأشعر بأن أعصابي لا تهدأ حتى بعد ممارسة الحديد بشهور، بل يزيد غيظي وحقدي على المجتمع، واحتقاري لنفسي، وأشياء كثيرة سلبية لا تحضرني حاليا، وشكرا لكم.

آسف على الإطالة، وأرجو الإجابة، وشكرا لكم على جهودكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرا لك على الكتابة إلينا بما في نفسك، والتواصل معنا بهذا السؤال.

يميل بعض الناس إلى شيء من الحساسية في شخصيتهم، ويبدو أنك واحد من هؤلاء؛ حيث تتأثر بالأحداث والكلام الذي يجري من حولك، هل تعرضت في طفولتك لحدث أو بعض الأحداث الصادمة، مما يجعلك تشعر بالحساسية بعض الشيء؟

ونرى عادة هذا الشخص يفكر طويلا فيما جرى أو فيما قيل له أو أمامه، ويرتبك أمام الآخرين، وقد ينفعل وحتى ربما ببعض الأعراض الجسدية لهذا الانفعال، وكما حدث معك ربما من شدة الارتباك.

وما يعينك على التكيف مع هذا الحال عدة أمور، ومنها محاولة التفكير بأن للناس همومهم الخاصة، فليس عندهم وقت ليضيعوه في تتبع أمورك أو أمور غيرك، وكما يُقال عندهم ما يكفيهم، فيمكن لهذه الفكرة أن تبعد عنك شبح مراقبة الناس لك، فهم منشغلون عنك، وأنت -بصراحة- لست مركز اهتمامهم، فهذا يمكن أن يخفف من ارتباكك وحساسيتك أمامهم!

الأمر الثاني الذي يمكن أن يعينك هو أن تذكر أنك ربما في سن الشباب، وإن كان هذا غير واضح من سؤالك هذا، وأن أمامك الوقت لتتجاوز هذا الحال مع مرور الوقت، وخاصة إن بدأت باتخاذ بعض الخطوات التي تعينك على تجاوز هذه الحساسية.

تذكر طبعا أن التجنب، كتجنب اللقاء بالناس بسبب الحساسية، هذا التجنب لا يحلّ المشكلة وإنما سيزيدها شدة وستزداد حساسيتك، فحاول الاقتراب من الناس ولا تجتنبهم، ولا شك أن المحاولة الأولى ستكون صعبة بعض الشيء، إلا أنك ستلاحظ أن الأمر أبسط مما كنت تتوقع، وهكذا خطوة خطوة ستتعلم مثل هذه الجرأة وقلة التأثر والحساسية، وبذلك تخرج مما أنت فيه.

ومما يعينك أيضا -وخاصة عندما تشعر بالارتباك والحساسية- القيام ببعض تدريبات الاسترخاء، كالجلوس في حالة استرخاء، والقيام بالتنفس العميق والبطيء، فهذا سيساعدك على ذهاب أعراض الارتباك والحساسية.

من المحتمل أن تخف عندك مثل هذه الحساسية من تلقاء نفسها، وخاصة من خلال اقتحام المواقف التي ترتبك فيها عند لقاء الناس، وإذا طال الحال أو اشتدت هذه الأعراض والمشاعر فلا شك أنه يفيد مراجعة أخصائي أو طبيب نفسي، ممن يمكن أن يقدم لك الإرشاد النفسي المطلوب، بعد التعرف على طبيعة الحالة، وما هو التشخيص المناسب، وأرجو أن لا تتأخر في هذه المراجعة.

وفقك الله، ويسّر لك تجاوز ما أنت فيه، وما هي إلا مرحلة عابرة، وستتجاوزها، عاجلا أو آجلا، وإن شاء الله يكون الأمر عاجلا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً