الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتجاوز وساوسي ومخاوفي من الموت والمستقبل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا، وسدد الله خطاكم.

منذ عشر سنوات وأنا أعاني من عدة أمور، فقدت والدي -رحمه الله- والذي توفي بشكل مفاجئ، وبعد وفاته دخلت في دوامة من القلق النفسي والاكتئاب، ونوبات الهلع التي لا تفارقني، علما أنني تعرضت في طفولتي إلى التحرشات الجنسية من عمي، وعشت في بيئة سيئة.

مخاوفي تدور حول الموت، والخوف من فقدان الأحبة، فأنا فقدت جدتي منذ فترة قصيرة، ولم أتوقع رحيلها عنا بهذه السرعة، أخاف عليها لأنني أعلم مدى خوفها من الموت، كانت تطلب من الله أن تبقى معنا، ولكنها رحلت -رحمها الله-، تراودني وساوس الموت، وماذا سيحدث لي بعد الموت؟ وكيف وما إلى ذلك، أخاف من يوم القيامة والقبر، وكم سوف أمكث فيه وحيدة، وكل ما سيحدث في المستقبل بعد الموت.

منذ أيام أصبت بنوبة من الهلع، ظننت أنني سأموت، وقلت وصيتي لوالدتي وإخوتي، ثم ذهبت إلى المستشفى، و قال الطبيب بأن ما أعانيه مجرد مخاوف ونوبة هلع، عندما أجلس وحيدة وأختلي بنفسي أستذكر ما حدث لي وأصاب بنوبة جديدة، أحاول قدر الإمكان أن أشغل نفسي بأي شيء، فأنا أمر في ظروف نفسية سيئة للغاية، وخائفة جدا أن تصل مخاوفي إلى مرحلة الجنون، أخاف كثيرا عندما أسمع القصص والحكايات التي من مر بها الأشخاص بظروف معينة وأدت إلى إصابتهم بالجنون.

ذهب عمري ولم أعمل ما ينفعني في الآخرة، أصلي بسرعة بسبب الوساوس، أشعر بالخوف من الخفقان الذي يأتيني، فأذهب إلى أمي لأحضنها وأبكي، لا أدري ما سبب ما يحدث معي؟ توسوس لي نفسي بأنني محسودة، وما يحدث لي نتيجة للحسد والعين، خائفة من تطور الأمر إلى مرض لا يمكنني الشفاء منه، لا أتمكن من تجاهل الوساوس المزعجة سوى ساعات قليلة، أرغب بأن أحيا حياة طبيعية، وأستمتع في حياتي.

أطلب العون من الله، والمساعدة منكم، لا أستطيع الذهاب إلى الدكتور النفسي، وأتمنى منكم الدعاء لي بالشفاء ولكل مريض.

وشكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم فرح حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله لك العافية والشفاء، رحم الله موتاك وموتنا وموتى المسلمين، قضية الموت قضية محسومه -أيتها الفاضلة الكريمة- ويجب أن نتعامل مع الموت والخوف من الموت على الأسس الشرعية، فهذا يكفي تماماً من وجهة نظري، الأمر لا يحتمل أي نوع من التأويلات أو النقاش، الأعمار بيد الله، ونسأل الله تعالى أن يحسن عواقبنا وخواتيمنا وأعمالنا.

والإنسان يجب أن ينطلق في الحياة بقوة يكافح يجاهد يثابر، يكون نافعاً لنفسه ولغيره، -وإن شاء الله تعالى- أنت لديك المقدرة على ذلك، أنت بالفعل لديك قلق المخاوف ذو الطابع الوسواسي، وهذه علة منتشرة جداً تعالج من خلال تطبيق نسق التفكير الإيجابي الذي ذكرته لك.

على النطاق العملي لا بد أن تحسني من إدارة وقتك، لا تجلسي هكذا في البيت، اذهبي إلى مراكز تحفيظ القرآن لتطوري نسيجك الاجتماعي، مارسي الرياضة التي تناسب الفتاة المسلمة، أحرصي على صلة الرحم، اقرئي اطلعي، هنالك أشياء عظيمة جداً يعملها الإنسان لتغير من طريقة تفكيره ومشاعره، وأنت –الحمد لله تعالى- في عمراً يتمناها كل إنسان، لديك الطاقات النفسية والجسدية والوجدانية فأرجو أن تستفيدي منها الفائدة التامة، أدعوا الله تعالى لوالدك بالرحمة: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: (منهم الأبن الصالح الذي يدعو له)، وأنت -إن شاء الله تعالى- أحد هؤلاء.

العلاج الدوائي أراه مهم في حالتك هنالك أدوية فعاله جداً لعلاج قلق المخاوف الوساوسي، أنا وددت أن أذكر الدواء في آخر هذه الاستشارة لأنني لا أريدك أن تعتقدين أن الدواء هو الحل الوحيد، نعم، الدواء مهم، والدواء يساعد لكن لا بد أن يداوي الإنسان نفسه سلوكياً، الأسس التي ذكرتها لك باختصار.

من الأدوية الممتازة والممتازة جداً، والتي تعالج مثل حالتك عقار زوالفت، والذي يعرف باسم سيرترالين، وهو متوفر في المملكة العربية السعودية ولا يحتاج لوصفه طبية، الجرعة هي أن تبدئي بنصف حبة 25 مليجراما تتناوليها ليلاً لمدة 10 أيام ثم تجعلينها حبة واحدة ليلاً لمدة شهر، ثم بعد ذلك تنتقلي من الجرعة العلاجية وهي حبة واحدة ليلاً -أي 100 مليجرام-، وتستمري على هذه الجرعة لمدة ثلاثة أشهر، ثم بعد ذلك تخفضيها إلى حبة واحدة ليلاً لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم تجعليها نصف حبة ليلاً لمدة شهر، ثم نصف حبة يوم بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم تتوقفين عن تناول الدواء.

الدواء كما ذكرت لك سليم غير تعودي غير إدماني لا يؤثر أبداً على الهرمونات النسائية، أحد آثاره الجانبية أنه في بعض الأحيان ربما يفتح الشهية نحو الطعام لدى بعض الناس، فإن حدث لك شيئاً من هذا أرجو التحكم في كمية وأنواع الأطعمة التي تتناوليها.
بارك الله فيك وجزاك الله خيراً.

الله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً