الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجي لا ينفق ويدخر المال والذهب لدى أهله!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

متزوجة منذ سنة وحامل، سأطرح مشكلتي منذ البداية، ففي بداية زواجي كنت أشعر بالسوء، لأنني لم أكن مثل أي عروس أخرى، فلم تكن هناك حفلة عرس أو ذهب أو بيت كما أتمنى وأحلم، كنت أحب وأتمنى وأطمح لكل ذلك لكنني كنت أقول في قرارة نفسي أن هذا ما بوسع زوجي، ولا أريد إكثار الطلبات، كل ما كنت أتمناه أن أجتمع معه في بيت واحد بحلال ربي وسُنة نبيه.

مع مرور الوقت أصبحنا نتشاجر، فلو أردت الطبخ أو تمنيت الحصول على شيء ما لا يلبي طلباتي، جاء فصل الشتاء واحتجت إلى الملابس الشتوية ولم يحضرها لي، أصبحت لا أنال شيئا دون الدخول بشجار مع زوجي، كل تلك المشاحنات بيننا لا يعلمها أهلي، تعودت على طريقة عيشه وتفكيره ونمط حياتنا، راضية بما قسمه الله لي.

منذ فترة  اكتشفت بأنه يدخر بعض المال والذهب لدى أهله من قبل أن يتزوجني، لم يُطلعني على هذا الأمر، حزنت وبكيت وصدمت منه، لم أتمكن من إمساك نفسي من مواجهته، لأنه قادر على تحسين ظروفنا ومنحنا حياة أفضل من التي نعيشها، وهو يعلم ويسمع كلامي له بأنني أتمنى الحصول على الذهب مثل كل الفتيات، وأنني لا أملك سوى الفتات، وهو لديه الكثير ويخفيه عني، ولا يسأل عن حاجتي؟ عانيت كثيرا في فصل الشتاء، وهو لديه النقود ولم يفكر في تدفئتي، وما زلت صابرة، وأقنع نفسي بأنه يحاول جاهدا وفق قدرته.

وبعد المواجهة وإخباره بأنني أعلم بأمر النقود والذهب المدخر في بيت أهله، لم يتغير أي شيء سوى أنني رضخت له، ورضيت بما قسمه الله، وقد علمت للتو بأن راتبه أكثر مما كنت أظن، وهو لا يخبرني، وهذه المرة أرغب في مواجهته دون أن أخسر كما المرة السابقة، لماذا كل هذه السرية؟ وما الذي يدفعه لذلك؟ ولماذا يدخر بمنزل أهله وليس لدي؟ علما أنه وعدني بأن يكون صريحا معي بعد المواجهة السابقة، وقطع عهدا على نفسه بأنه لن يكتم عني شيئا، ولكنني علمت بأمر راتبه.

أرجو الإفادة والنصيحة، وإرشادي إلى أفضل الطرق لمواجهة زوجي وإقناعه بأن يكون معي ولا يخبئ أي أمر عني. 

محبطة جدا من تصرفاته، ولا أرغب بالنظر إليه، علما بأنه متدين ويصلي الصلوات الخمس في وقتها، حتى صلاة الفجر، ويحثني على الصلاة وأن أتقن في ديني.

أفيدوني، ولكم مني خالص الدعاء بالخير وتفريج الكرب.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ روها حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكركم على تواصلكم ونسأل الله أن يصلح حالكم، وبعد قراءة ما جاء في طلب الاستشارة يمكن أن يكون الجواب كالآتي:

بداية نشكرك على صبرك وتحملك في حياتك الزوجية، والحفاظ عليها، ومحاولة التفاهم مع الزوج، كما نشكرك على عدم إدخال أي طرف ثالث بينكما فيما يحدث من خلاف.

أحب أن تعلمي أنكما ما زلتما في بداية مشوار الزواج، وقد يحدث بعض الاختلاف في وجهات النظر، نظرا لعدم التوافق في الطباع، ثم تزول تلك الخلافات مع مرور الأيام، وقلتِ أن زوجك متدين ويحثك على الصلاة، وهذا يدل على صلاحه، ولذلك فإمكانية تغير الحال إلى الأفضل أمر ميسور، ويحتاج منك إلى نوع من تنوع الأساليب في الإقناع للزوج بحقوقك الزوجة المادية، ومعرفة أسباب التقصير في الحقوق من خلال الحوار الهادئ، بعيدا عن الخلاف وإحداث المشكلات.

ومما ينبغي أن تعلمي أنه لا ينبغي للزوجة أن تعرف كل ما لدى الزوج من مال، أو كم مقدار راتبه، لأن بعض الأزواج لا يحب إظهار ذلك، أو أنه يريد أن يدخر مالا للمستقبل، أو أنه يريد المال ليدخل به في مشروع تجاري ليحسن من دخله، فلذلك نتمنى أن لا تكثري من معرفة ما لدى زوجك من مال، وأن لا يكون هذا سببا في الخلاف بينكما.

وأخيرا لك الحق في طلب كل ما تحتاجين إليه من النفقات الواجبة على الزوج، من أكل وشرب ومسكن وملبس صيفا وشتاء، وكذلك الدواء والنفقة على الزوجة جاء وجوبها في القرآن الكريم والسنة الصحيحة.

قال تعالى: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا}، [سورة البقرة آية ٢٣٣]، وقال تعالى: {لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ ۖ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ ۚ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا}، [سورة الطلاق آية ٧]، وعن -معاوية بن حيدة القشيري قلت يا رسول اللهِ ما حق زوجة أحدنا عليه قال أن تطعمها إذا طعمت وتكسوها إذا اكتسيت أو اكتسبت ولا تضرب الوجه-: "ولا تقبح ولا تهجر إلا في البيت"، [رواه أبو داود برقم 2142، وسكت عنه فاسناده حسن].

ونتمنى أن تذكري هذه النصوص للزوج برفق ولين لعله يعرف الحق الذي عليه نحوك، ثم يحسن النفقة عليك، ووفقكم الله لمرضاته.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً