الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخاف أن أقع في المشاكل وألوم نفسي كثيراً، فما تشخيص حالتي؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا فتاة أبلغ من العمر 23 سنة، أعاني من القلق والخوف، فإنني أشعر بالخوف من المشاكل ودائماً أتخيل بأن مشكلة ما سوف تحدث معي، وحتى عندما أستيقظ من النوم أتخيل أن هناك مشكلة سوف تحدث اليوم بسببي وأن شخصا ما سوف يتشاجر معي، وعندما تأتيني هذه الأفكار أشعر بسرعة دقات القلب وتوتر وقلق طوال اليوم, وأيضاً فإنني لا أستطيع أن أنام براحة، فكل يوم أتقلب على السرير، وأفكر بالماضي، وأندم وألوم نفسي جداً على أشياء خاطئة فعلتها في الماضي، وكذلك ألوم نفسي وأقول: لماذا لم أفعل هكذا؟ ولماذا قلت هكذا؟ وغالباً ما أفكر بأمور حصلت قبل أكثر عن سنة أي مر وقت طويل عليها، وأيضاً عندما أقول شيئاً لأحد أصدقائي والذي من المفترض أن لا أقوله، ألوم نفسي جداً وأبقى في حالة قلق وخوف وتوتر من أنه سوف تحدث لي مشكلة بسبب ما قلته سواء كان الموضوع عاديا أم لا.

وأيضاً عندما يتصل بي أي شخص من أقاربي أو من صديقاتي، أخاف كثيراً وأتخيل بأنهم سوف يتشاجرون معي، وأن وراء هذا الاتصال مشكلة حدثت بسببي، وكذلك عندما أرى أمي غاضبة من شيء ما، دائماً أتخيل أنها غاضبة بسببي وأنها سمعت شيئاً سيئاً عني.

لقد تعبت كثيراً من هذه الأفكار والتخيلات السلبية وأصبحت لا أحب الاختلاط بالناس، علماً بأنني كنت إنسانة اجتماعية جداً ومحبوبة والابتسامة لا تفارق وجهي، وكنت أحب مساعدة الآخرين أي كنت فتاة نشيطة جداً، ولكن بسبب علاقاتي الاجتماعية الكثيرة فقد حصلت معي مشاكل مع عدد من صديقاتي وانتهت هذه المشاكل بالخصومة.

لهذا أصبحت أخاف من المشاكل جداً لأن أغلب أسباب المشاكل كانت بسبب عدم وعي لما أقوله وما أفعله، أي أن كل المشاكل كانت من غير قصد.

ومشكلتي أيضاً أنني أخاف المواجهة أي حتى لو كنت على صواب وحتى لو ظلموني الناس فإنني أخاف أن آخذ حقي؛ لأنني أخاف أن تحدث مشكلة أكبر وأن يتشاجر معي الناس، ولكنني رغم هذا كله فقد تعلمت من الماضي ومن الدروس.

ودائماً أشعر بنقص في الثقة، أي أنني أثق بالناس ومن المفترض أن لا أثق بأحد، فعندما أريد أن أشكي همومي، فإنني أكلم أي شخص ومن المفترض لا أثق بجميع صديقاتي، ودائماً أشعر بأن الناس يتحدثون عني بسوء وأن الناس يكرهونني، فقد أصبحت إنسانة حساسة جداً، وأنا إنسانة طيبة جداً أي أنه إذا أخطأ بحقي أي شخص مهما كان حجم الخطأ فإنني أسامحه وأتحدث معه وكأن شيئاً لم يكن، وحتى لو تشاجر معي أي شخص لا أعرف أن أرد عليه برد مناسب، وغالباً ما أصمت حتى لو أخطأ بحقي.

أما الآن أصبحت فتاة مختلفة تماماً عن السابق فأصبحت لا أحب الاختلاط بالناس، ولا أحب الجلوس في المجالس ولا الضحك كثيراً، وطوال الوقت أفكر، حتى أصبحت أشعر بأن التفكير قد أكل نصف دماغي، وأنا سأتزوج قريباً وأخاف أن أبقى على هذه الوساوس والقلق والخوف ويتضايق مني زوجي، فسبب خوفي هو بأن هناك مشكلة سوف تقع بسببي، وأن هناك أشخاصاً سوف يتشاجرون معي.

أتمنى أن أجد حلا لهذا الخوف الكبير الذي أشعر به؛ لأنني لا أشعر بالراحة أبداً، ودائماً ما أشعر برغبة في البكاء بسبب لوم نفسي على الأخطاء التي فعلتها سابقاً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نورة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الأخت الكريمة: ما ذكرتِه في استشارتك هي مجموعة من سمات الشخصية: الشخصية الحسَّاسة، الشخصية القلقة، الشخصية التي تحسّ بعدم الأمان وعدم الثقة في النفس، لذلك – كما ذكرتِ – تحصل لك أعراض خوف وتوتر عند المواجهة، أو المشاجرة – كما ذكرتِ – وتخافين من المشاجرات، والشخص الحسَّاس دائمًا يُراجع نفسه، ويحسب ردة فعل الآخرين، ويقوم بتحليل أفعاله.

وطبعًا كنوع من الدفاعات النفسية انعزلت من الناس، وذلك لتقليل هذا القلق والتوتر الناجم من الاحتكاك بالناس؛ هذا نوع من أنواع الدفاع النفسي، ولكن هذا النوع من الدفاع النفسي لا يحل المشكلة، ولذلك – كما ذكرتِ – أصبحتِ تفكرين طول الوقت، وتظلين على هذا الوضع.

هذا –إن شاء الله– من الأشياء التي تنتهي بمرور الوقت، وسوف يتخلص منها الشخص، وقد يكون الزواج مفيدًا لهذا الأمر، فوجود زوج بجانبك إن شاء الله تشعرين بالحماية والاطمئنان، ويزيد ثقتك بنفسك، فإن شاء الله الزواج سوف يكون عونًا لك وليس خصمًا منك، ولكن لا بأس من التكلُّم والحديث مع معالج نفسي قبل فترة الزواج؛ لمساعدتك وإعطاء تمارين لتقوية الذات وزيادة الثقة في النفس، فهذه المهارات الآن متوفرة من خلال الجلسات النفسية، والدعم النفسي قبل حدوث الزواج، ولكنّي متفائل إن شاء الله، ولا تقلقي، وكل الأمور سوف تسير على ما يُرام.

وفقك الله وسدد خطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً