الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الخوف والقلق من الأمراض أثرا على حياتي ومستقبلي.

السؤال

السلام عليكم.

سيدي الكريم، أولاً: أشكركم على مجهوداتكم، أما بعد:

أنا فتاة لدي شخصية بسيطة، متعلقة جدا بعائلتي، منذ عام تقريبا أصيبت أختي بوعكة صحية جعلتني أفكر في حالتها بشكل مستمر، وأخاف أن تموت -لا قدر الله-، بعدها بأيام نمت واستيقظت وأنا مفزوعة، وأشعر بدنو الموت، وأني سأبتلع لساني، وسأجن وأمرض، ولن أستطيع إكمال دراستي.

عشت 15 يوما وأنا في حالة توتر وإحساس بأني سأفقد عقلي من كثرة الأفكار السيئة، وبعدها بدأت حالتي تتحسن، بعدما جاء رمضان وبأول أسبوع نمت بعد السحور واستيقظت وأنا أحس بخفقان شديد، بعدها أصبت بتجشؤ كثيف يلازمني 24 ساعة، وأحس باختناق، وكتمة على صدري طيلة الشهر الفضيل.

بعد رمضان بدأت حالتي تتحسن تدريجيا، ولكن أحيانا أبكي وأحس باختناق بلا سبب، بعدها جاهدت نفسي وواظبت على صلاتي، وصرت أخرج وأجلس مع الناس بكثرة، وشعرت بتحسن ملحوظ، وعندما أتذكر الحالة أضحك، ولكن منذ فترة ومع بداية العام الدراسي أحس بخفقان دائم، ودوخة، وملل، وكسل، واعتلال دائم، ذهبت إلى الدكتورة، وعملت لي تخطيطا للقلب، وقالت: كل شيء سليم.

أنا أدرس الطب في السنة الرابعة، وعندما أدرس عن أي مرض أحس بأعراضه! أصبحت أعيش في دوامة، وأني سأمرض وسأموت، وسيحزن علي أهلي، وصرت أكره الدراسة، ولا أستطيع التركيز، الحالة تذهب وتعود يعني أحيانا أتحسن بعدما تؤنبني أمي، ولكن أحيانا تعود، وكلما أصابني شيء في جسمي أهوله وأقول إنه مرض سيقتلني.

سيدي أنا على دراية تامة بأن دوائي بيدي، وبحزم وإصرار وتوفيق من الله سأشفى، ولكن الخمول والكسل والتأجيل يقضي علي، وصرت لا أخرج من البيت إلا إذا تطلب الأمر مثلا الذهاب للجامعة، صرت أفكر دائما أنني أهنت المهنة النبيلة التي ضحيت بكثير من الأشياء لأدرسها، صارت لا تستهويني خاصة بعد رؤية معاناة المرضى يوميا، وأنني لا أستطيع أن أنفعهم في أغلب الحالات.

أفيدوني جزاكم الله خيرا، أحس بأن الدنيا ضاقت علي، وكيف أواظب على صلاتي وأخشع فيها؟ فهي مفتاح مشكلتي، أخاف أن الله لا يتقبل صلاتي وأعمالي، أخاف من الحساب وأن الله غاضب مني؛ لأني دائما أحلف وأعد بأن أصلي وأصبح قريبة من الله، ولكن أنقض الحلف، وأتساهل في أداء الصلاة وأتكاسل في أدائها، وفي الأخير جزاكم الله خير، وجعله الله في ميزان حسناتكم، وآسفة على الإطالة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ عالية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله لك التوفيق والسداد وإن شاء الله تعالى نراك طبيبة متميزة.

أنت لست مريضة قطعاً لديك شيء من أعراض قلق المخاوف، كما تفضلتِ يظهر أن شخصيتكِ قلقة بعض الشيء، وهنالك التعلق بأسرتك وذويك، وهذا شيء محمود ولا نعتبره أبداً أمراً مذموماً، أنا أعتقد أن المرحلة التي تمرين بها هي مرحلة عابرة؛ فدراسة الطب دراسة ضاغطة وأنت -الحمد لله- تعالى الآن في السنة الرابعة وتخطيت مراحل كثيرة جداً، والقلق لديك أصبح متمركزاً حول الدراسة وحول الأسرة، وهذا جعلك مخاوفك تظهر أكثر على السطح؛ مما أدى إلى شيء من عسر المزاج لديك ولا أريد أن أسميه اكتئاباً أبداً.

أيتها الفاضلة الكريمة، أنت محتاجة لشيء من تنظيم الوقت، وأفضل وسيلة تنظمين بها وقتك هي الحفاظ على الصلاة في وقتها، وتتخذين الصلوات ركائز وأعمدة، ماذا أعمل بعد الصلاة؟ ماذا أعمل قبل الصلاة؟ وهكذا، هذا منهجك، هذا مبدأ عظيم، اعزمي وصممي وأصري أن تؤدي صلاتك في وقتها ولا تتركي للشيطان ثغرة، وأنت -الحمد لله- طيبة وحساسة، وأنا متأكد أن تراخيك في أمر الصلاة يشعرك بالذنب، وهذا سوف يزيد من قلقك وتوترك ومخاوفك، والالتزام بالصلاة سوف يعلمك الخوف الشرعي من الموت وليس الخوف المرضي كما في حالتك، والخوف الشرعي هو اليقين بأن الموت لابد منه، وأنه آت، وعلينا أن نعمل لما بعده من حياة، وأن العبد يجب أن يفهم أن ما عند الله خير له، هذا لا يعني أبداً أن نتقاعس على العكس نعيش الدنيا بقوة ونستمتع بكل جمالها ونسعى للآخرة، ونعمل من خلال الدنيا لآخرتنا.

أيتها الفاضلة الكريمة الدعاء وخاصة أذكار الصباح والمساء تبعث طمأنينة عظيمة جداً في المخ فأنا أوصيك بها، ومارسي شيئاً من الرياضة -أي نوع من الرياضة ستكون مفيدة جداً لك- وتمارين الاسترخاء أيضاً تمارين جيدة، وتمارين التنفس التدرجي، وقبض العضلات وشدها..؛ هذه تمارين عظيمة مفيدة ركزي عليها، وإسلام ويب لديها استشارة تحت الرقم 2136015 أرجو أن ترجعي لهذه الاستشارة وتطلعي على ما بها من استرشاد وتطبقيه.

النوم الليلي المبكر، مع تنظيم الوقت، وممارسة الرياضة، والغذاء المرتب؛ هذا إن شاء الله تعالى يزيل عنك الخمول والكسل، أما التأجيل فهذا أمر مرفوض.

حسني إدارة الوقت من خلال أن تكتبي برنامجا يومياً، حتى الصلوات اكتبيها في هذا البرنامج، والتزمي به، وعاهدي نفسك الالتزام به -وإن شاء الله تعالى- سوف تجدين أن أمورك قد أصبحت أكثر وأكثر، وأصبحت أفضل، وإن شاء الله تعالى أحد المشايخ سوف يحدثك أيضاً في موضوع التراخي عن الصلاة وخطورته.

أنت لست في حاجة لأي علاج دوائي. بارك الله فيك وجزاك الله خيراً، وبالله التوفيق والسداد.
------------------
انتهت إجابة د/ محمد عبد العليم استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان.
وتليها إجابة د/ حسن شبالة مستشار العلاقات الأسرية والتربوية.
------------------

الصلاة نور للعبد في الدنيا، ونور في قبره، ونور في المحشر، ونور على الصراط، وتركها أو التكاسل عنها يذهب أو يضعف هذا النور، ويعيش الإنسان في ظلام، قال تعالى: (ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور).

وقد ورد في فضلها عدة أحادث منها:

(الصلاة عمود الدين)، وحديث (العهد بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)، وحديث (أول ما يحاسب عليه العبد في قبره الصلاة)، وغيرها من الأحاديث التي تدل على أهمية الصلاة في الإسلام.
فإهمال الصلاة والتهاون فيها منكر عظيم يجب عليك التوبة منه، والاستغفار، والعزم على عدم العودة إليه، والندم على ما فاتك من صلاة، فعليك المحافظة على الفرائض، والإكثار من النوافل حتى يغفر الله لك ما سلف من إهمال وتقصير، واعلمي أن الضنك والقلق أثر من آثار الأعراض عن طاعة الله سبحانه قال تعالى: ﴿وَمَن أَعرَضَ عَن ذِكري فَإِنَّ لَهُ مَعيشَةً ضَنكًا وَنَحشُرُهُ يَومَ القِيامَةِ أَعمى﴾ [طه: ١٢٤].

والقلوب لا تطمئن إلا بذكر الله سبحانه والاستقامة على دينه، قال سبحانه: ﴿الَّذينَ آمَنوا وَتَطمَئِنُّ قُلوبُهُم بِذِكرِ اللَّهِ أَلا بِذِكرِ اللَّهِ تَطمَئِنُّ القُلوبُ﴾.[الرعد: ٢٨].

فعليك بكثرة الذكر والتسبيح، وقراءة القرآن، وفعل الخيرات من صدقة وإحسان للفقراء، وحسن ظن بالله والتوكل عليه، وستجدين بإذن الله طعم السعادة والاطمئنان.

واعتني بالاستعداد للصلاة بفكر غير مشغول، وتطهر كامل، ومحافظة على السنن الرواتب؛ حتى تتهيأ نفسك للصلاة وتخشعين فيها؛ فإن العناية بأمر الصلاة، والاهتمام بها، وتفريغ الذهن من الشواغل، واستحضار عظمة الرب سبحانه في النفس أثناء الوقوف بين بديه للصلاة من أعظم أسباب الخشوع فيها.

وفقك الله سبحانه لما يحب ويرضى

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً