الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أنا سريع التوتر ولا أحسن التعبير عن أفكاري، فكيف أغير من ذلك؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا سريع التوتر، وعند التحمس أتكلم بصوت عال، وكثيرا ما تضيع مني الأفكار أو لا أحسن التعبير عنها، هل من أمل في تغيير طباعي وأنا في هذا العمر؟

أقرأ كتب التنمية البشرية، وأحاول تطبيق نصائحهم، وأحيانا أنجح، لكن عندما يأتي أمر فجأة فسرعان ما أرجع إلى طبعي وأتوتر و أتحمس.

أيضا أنا كثير القلق، ولقد بحثت عن علاج لحالتي في النت فلم أجد تعريفا دقيقا لحالتي، أنا دائما مشغول وأفكر، وحتى عندما لا تكون في حياتي أية مشكلة أفكر في الأمور الحياتية، مثلا اﻵن أفكر في أن أمام موجة الغلاء فلن تتحقق أحلامي في الحياة الترفيهية.

لذا يزعجني أنني أكرر نفس الأفكار ونفس الخطط بشكل ممل، أتذكر مرة أحد أصدقائي قال لي: لماذا تسبق الأحداث وتفكر في أمور قد لا تحدث؟ فعلا ذلك من عيوبي أفكر وأطرح كل الفرضيات الممكنة وأضع الخطط لمواجهة كل فرضية، وأمضي أفكر في الأمر بشكل مستمر، وإن كان في الأمر مشكلة مع شخص، فمع التفكير الزائد توتر في الأعصاب.

تمارين الاسترخاء لم أفهم كيفية تطبيقها.

جزاكم الله كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حمزة حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

- تغيير الطباع والسلوكيات ليس مستحيلا إن وافق رغبة في النفس واجتهادا في التغيير، يقول نبينا -عليه اصلاة والسلام- :( إنما العلم بالتعلم والحلم بالتحلم ومن يتصبر يصبره الله).

- الطباع الجِبِلِّيَّة أكثر ثباتا في النفس من المكتسبة؛ لأنها لا تتغير بخلاف المكتسبة، فإن الإنسان في بعض الساعات قد يرجع إلى طباعه القديمة ما لم يمسك نفسه ويصبرها، يقول نبينا عليه الصلاة والسلام لأشج عبد القيس: (إن فيك لخصلتين يحبهما الله الحلم والأناة قال: يا رسول الله، كانا فيَّ أم حدثا؟ قال: (بل قديم)، قال: قلت: الحمد لله الذي جبلني على خلقين يحبُّهما.

- لا شك أن سرعة الانفعال صفة سلبية، لأنها تفوت عليك التفكير وتجلب لك الندامة، فعود نفسك على ألا تنفعل وكن حليما.

- التوتر لن يجني لك شيئا، والأفضل منه أن تكون متأنيا ومفكرا بعمق وروية، وألا تحدث أي تصرف إلا بعد أن تنظر في الأمر من جميع الجوانب.

- تذكر دائما القاعدة الذهبية التي علمنا إياها نبينا -عليه الصلاة والسلام-: (التأني من الله والعجلة من الشيطان).

- أنصحك بعدم إصدار أي حكم حين تكون منفعلا أو متوترا، لأن الانفعال والتوتر يحجب عنك الرؤية الحقيقة للأمور.

- عود نفسك على ألا تستفزك الأحداث، والهج بالدعاء بين يدي الله تعالى أن يلهمك الرشد ويرزقك الحلم والتؤدة والتأني، وأكثر من دعاء ذي النون فما دعا به أحد في شيء إلا استجاب الله له، يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (دعوة ذي النون، إذ دعا وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين؛ فإنه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له).

- لكي تزول همومك الزم الاستغفار وأكثر من الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، يقول نبينا -صلوات الله وسلامه عليه-: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا) وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إذا تكف همك ويغفر ذنبك).

- حافظ على تلاوة وردك اليومي من القرآن الكريم وداوم على أذكار اليوم والليلة يطمئن قلبك، يقول تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ).

- أحسن التوكل على الله تعالى في كل أمورك، عاملا بالأسباب الشرعية لجلب المصالح ودرء المفاسد.

- كن على يقين أن ما أصابك لم يكن ليخطأك وما أخطأك لم يكن ليصيبك كما قال نبينا -عليه الصلاة والسلام- لابن عباس: (واعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطأك وما أخطأك لم يكن ليصيبك رفعت الأقلام وجفت الصحف).

- كل شي يحدث في هذا الكون إنما يسير وفق قضاء الله وقدره، وأقدار الله كلها خير للإنسان، وعلى المسلم أن يكون إما شاكرا وإما صابرا كما قال عليه الصلاة والسلام: (عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له وليس ذلك إلا للمؤمن).

- التخطيط لأمر المستقبل واتخاذ التدابير والوسائل الموصلة لما يطمح له الإنسان أمر مشروع، وإيجاد الخطط البديلة في حال الإخفاق من تمام نضج العقل وحسن التدبير.

- لا بد أن تكون مغلبا للتفاؤل ومحسنا للظن بالله تعالى، فلقد كان نبينا -عليه الصلاة والسلام- متفائلا ويحب الفأل الحسن، ويحسن الظن بالله تعالى: (ما ظنك باثنين الله ثالثهما) وفي الحديث القدسي: (أنا عند ظن عبدي بي فلا يظن بي إلا خيرا).

- لا تستعجل الأمور قبل أوانها بل انتظرها حتى تكتمل وإلا عاقبك الله بالحرمان كما يقال: (من طلب الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه).

- المقصود بتمارين الاسترخاء عند توتر أعصابك من السنة النبوية أن تقعد إن كنت قائما أو تستلقي على جنبك أو قفاك أو تقف فإن لم ينفع ذلك فتتوضأ.

- ومنها أيضا الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم كما قال عليه الصلاة والسلام حين رأى رجلا غاضبا غضبا شديدا: إني لأعلم كلمة لو قالها هذا لذهب عنه ما يجد لو قال : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.

- من أنواع الاسترخاء أن تأخذ نفسا عميقا ثم تحبسه ما استطعت ثم تخرج النفس بشكل تدريجي وهادئ للغاية، فستجد أن أعضاءك وأعصابك استرخت، وهناك تمارين عديدة تجدها في هذا الرابط: (2136015).

نسعد بتواصلك، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً