الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

يداهمني الشعور بالإغماء إذا رأيت شخصاً متعباً أو يتألم، فما سبب ذلك؟

السؤال

السلام عليكم

أنا فتاة أعاني منذ الصغر من الشعور بالإغماء عند رؤية أحد متعب، بمجرد رؤية شخص تعبان أو يتكلم عن الألم أشعر بالدوار، ومن ثم الإغماء، تعبت نفسيتي حاولت أن أجاهد نفسي، واثق بنفسي ولكن لا أستطيع، ولا أعرف هل هذا شيء نفسي أم ماذا؟ وكيف أتغلب عليه؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Sha حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية.

حالتك هذه لا تعتبر حالة مرضية، هذا أؤكده لك تمامًا ومنذ البداية، الذي لديك هو نوع من الظاهرة الوجدانية العاطفية الفسيولوجية، بمعنى أنه لديك سرعة التأثُّر حين تشاهدين شخصًا متعبًا مثلاً، أو مثل ما يحدث لبعض الناس حين يرون الدم، أو حتى إذا أتوا في الشارع وكان هناك حادث مروري قد يُصابون بشيء من الدوَّار ثم الإغماء، ويبدأ ذلك بالتعرُّق، وتنخفض الدورة الدموية فسيولوجيًا، وهذا يؤدي إلى حالة ما يشبه الإغماء، والإنسان سوف يستردّ عافيته بعد فترة وجيزة، وذلك بعد أن يؤدي الجسم وظائفه بالصورة المطلوبة، ويحدث ارتفاعٍ للدم، ويقوم العصب الحالب بدوره الصحيح.

إذاً الحالة ليست حالة مرضية، إنما هي حالة وجدانية عاطفية، وكما تعرفين - أيتها الفاضلة الكريمة - الناس تختلف في مستوى تقبُّلها وتفهُّمها وتحليلها واستنباطها لما يرون من مناظر أو مواقف أمامهم.

هذه الحالة ليست مرضا، أكرر لك ذلك تمامًا، وعلاجها في أن تُدركي أن هنالك بدائل أخرى، مثلاً إذا رأيت إنسان متعبا عليك بالدعاء له، واعرفي أن الحياة فيها الأمراض، فيها من يتعب، فيها من يشفى، وفيها من لا يشفى، وهكذا.

هذه الأمور موجودة في الحياة، يعني أنت محتاجة لنوع من المحاورة مع نفسك، وفي ذات الوقت هنالك تمارين سلوكية يمكنك أن تقومي بإجرائها في البيت.

حاولي مثلاً أن تقومي بالتفكير في سيناريو معين لشخصٍ قد أُصيب في حادث وأنت شاهدتِه مباشرة بعد هذا الحادث، وكان متعبا - كما تفضلتِ وذكرتِ - والدماء تسيل منه ... وهكذا.

تصوري هذا المنظر، وتفكري فيه، وتأمَّلي فيه، هذا طبعًا في الخيال. هذا نسميه التعريض النفسي في الخيال، وهو علاج جيد لمثل هذه الحالات، لكن التمرين يجب أن يكُرر، وتُكرريه في مواقف أخرى غير هذا الشخص الذي أُصيب في الحادث... وهكذا.

إذاً مرِّني نفسك على هذا التمرين، ودائمًا أقرنيها بالدعاء للشخص، وأيضًا قولي لنفسك: لماذا لا ألعب دورًا إيجابيًا في تلك اللحظات وأساعد في إسعاف هذا الشخص؟ .. ابنِ هذه المواقف الفكرية، وسوف تُساعدك.

كما أني أريدك أن تتدربي على التمارين الاسترخائية، مفيدة جدًّا، تمارين الاسترخاء نحن أشرنا إليها في استشارة لإسلام ويب تحت رقم: (2136015) أرجو أن تطّلعي عليها وتحاولي أن تطبقي ما فيها من تمارين، ففيها فائدة كبيرة جدًّا لك.

أيضًا انضمامك لأي عملٍ خيري أو دعوي، هذا سوف يقوّيك من الناحية الوجدانية والاجتماعية. العمل مع الضعفاء أعتقد أنه سوف يبنِي لديك أيضًا شعور بالقوة الداخلية، وهذا كله ممكن ومتاح.

ختامًا بصفة عامّة: أريدك أن تحسني إدارة وقتك، ويجب أن تكوني متميزة ومساهما حقيقيا وعضوا فعّالا في أسرتك، وإن كنت في مرحلة دراسية عليك بالاجتهاد والمثابرة من أجل النجاح والتفوق والتميز، هذه نعتبرها نوعًا من الدعائم النفسية الاجتماعية التي تطور مهارات الإنسان وتجعله أكثر قوة من الناحية الوجدانية والعاطفية، وتجعل الإنسان يسير نحو النضوج النفسي، مما يُجنّبه المخاوف والتوترات والوساوس.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونشكرك كثيرًا على التواصل مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً