الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نصيحة لمتزوج ينوي طلاق الثانية حفظاً لأسرته الأولى من الضياع

السؤال

تزوجت في سن الثانية والعشرين من زميلتي بالدراسة، وكنت سعيداً بها جداً ورزقت منها بأولادي الثلاثة: بنتان وولد، وكانت حياتنا هادئة إلا أنني كنت دائماً أبحث عن شيء ما خارج المنزل، وكنت أجاهد نفسي لئلا أقع في معصية، وقد من الله علينا بفضله بالحج إلى بيته الحرام أكثر من مرة، وكنت أعرف في عائلتي بأصغر زوج وأصغر حاج؛ لما اعتاده الناس في بلدي من تأجيل الحج، وكنت دائماً أحافظ على الصلاة والعمل الصالح ما استطعت إليه سبيلاً، وكنت أعمل في مجال السياحة في وظيفة إدارية مرموقة، ولم تنل مني مغريات العمل من خمر أو نساء وهي أشياء متوافرة بكثرة وسهولة في هذا المجال، وكنت قلقاً من حرمة العمل به حتى أفادني الأئمة الأزهريون بأنه لا بأس طالما أنه ضرورة لعدم وجود عمل آخر.

عندما تيسر لي عمل أقل دخلاً وأقل مكانة توجهت إليه مفضلاً إياه على ما به شبهة، وكنت دائم الإحسان إلى أهلي، إلى أن تركت عملي لأسباب خارجة عن إرادتي، وظللت بلا عمل أربع سنوات طويلة، تسلحت فيها بالصبر وبما كان معي من فضل نعمة من الله، ولكن تبدل حالي إلى العصبية الشديدة، وتولد لدي إحساس بالغضب من زوجتي؛ لشعوري أنها كانت السبب فيما حدث، ولكني لم أصارحها بهذا واجتهدت في حسن العشرة، ولكن داخلي غضب ينطلق لأتفه الأسباب.

بدأت أتعرف إلى نساء أخريات دون ارتكاب ما يسيء إلي أمام نفسي وأمام الله، وكنت دائماً أقارن بين من أعرف وزوجتي فترجح كفة زوجتي، مع أنها تكبرني بثلاثة أعوام، ومن تكرار التعرف على فتيات ونساء اكتشفت أشياء لم تكن تشغلني من قبل في النساء من ليونة وأساليب ناعمة للتأثير على الرجل، ووجدت أن هذا مفقود في بيتي من زمن بعيد، ولكنه كان لا يشغلني لحبي لزوجتي كما هي، واحترامنا المتبادل.

مع تقدم العمر وكبر الأولاد ازدادت الفجوة قليلاً، وازداد بحثي خارج المنزل، إلى أن قابلت سيدة من عائلة ميسورة ومطلقة وتعلقت بها جداً، فصارحت زوجتي بهذا وأنني سأتزوجها لأنني لا أحب أن أغضب ربي؛ فكانت الطامة الكبرى على رأسي، فذهبت زوجتي إلى دار الإفتاء بالأزهر وتفضل الشيخ الفاضل بأن أعطى فتواه بأنني سفيه ويجب الحجر على أموالي.

لما كانت تملك توكيلاً عاماً مني للسحب من البنوك فقد سحبت أرصدتي من البنوك بعد أن أعدت حملة تشهير بي وبموافقة أختي، وبالطبع أهلها!

انتهى الأمر بأنني استرددت بعضاً من مالي وتزوجت ممن أريد، فأصرت على أن تطلق أو تمنع نفسها عني وتمنعني من دخول بيتي إلا بإذن مسبق.

انتقلت إلى بيت جديد كنت اشتريته لها وجهزته من كل شيء، ولكن كل هذا لم يزدها إلا فراراً، واستمرت في حملات التطاول والتشهير بي وبزوجتي حتى أصبحت حياتي الجديدة جحيماً وانفلت زمام الأمر مني مع زوجتي الجديدة، وأصبحت سيئة المزاج والتعامل لكثرة انشغالي بحل مشكلات أولادي التي كانت تخلقها لهم أمهم، وخوفاً على بناتي من تراكم الأثر النفسي أكثرت من وجودي مع عدم وجود علاقة زوجية؛ مما كان يزعجني ويصل إلى حد الإحراج أمام أولادي!

انعكس كل هذا على الحياة الثانية إلى أن فسد الأمر تماماً من الإهمال ،وعدم التقيد بما فرض الله في طاعة الزوج وحفظ غيابه، فهل إن طلقتها أكون آثماً لأظل في بيتي مع أولادي، مع الألم النفسي الذي أعانيه من رؤية والدتهم التي أخفي عنها مشاعر الكره للحفاظ على حياة صحية لأولادي، أم أنني هكذا أكون ظالماً لنفسي وللجميع من حولي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ فتيحي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك (استشارات الشبكة الإسلامية)، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا أن يصلح حالك، وحال زوجتك وأولادك، وأن يعيد إلى حياتكم الأمن والأمان والاستقرار والتفاهم.

بخصوص ما ورد برسالتك فبدايةً أقول لك: كان الله في عونك؛ لأن المشاكل الزوجية إذا دبّت في حياة رجل أفسدت عليه دينه ودنياه، فنسأل الله لك السلامة والعافية، خاصة في ظل مجتمع أصبح يحارب التعدد كأنه جريمة لا تغتفر، وفي نظر الكثيرين أن الرجل إذا انحرف أهون بكثير من أن يتزوج على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، علماً بأن هذا حق كفلته له الشريعة، ولم تقيده بأي قيد إلا العدل، ولذلك نجد أن جميع فئات المجتمع تشن حرباً شعواء لا هوادة فيها على التعدد، وأنه إذا حدث فلابد من تدميره والقضاء عليه، فهذا الموقف أخي فتيحي -مع الأسف الشديد- هو موقف السواد الأعظم من المسلمين، ورغم ذلك فأُحب أن أقول لك: إنه ما دمت قد اخترت زوجتك الثانية وفق الضوابط الشرعية؛ فأنت لم ترتكب جُرماً تستحق العقاب عليه، وأن موقف زوجتك الأولى ومن ساندها ليس بمشروع، وإنما هو موقف مخالف للشرع.

أما مسألة الطلاق فلا يعتبر حلاً للمشكلة، فلا ينبغي أن تتسرع فيه؛ حتى لا تعالج المشكلة بمشكلة أخرى، وإنما لابد من البحث عن أسباب المشكلة، والبدء في علاجها، فإن تأكد فعلاً أنه لا علاج لها إلا بالطلاق فلا مانع من ذلك شرعاً، بشرط أن يكون هو الحل الأمثل.

أما إذا كان هناك من حلول بديلة تؤدي إلى حل المشاكل وصلاح الحال، فلا ينبغي لك أن تظلم إحداهما بتطليقها، وأرجو أن تتماسك ولا تضعف في مواجهة الضغوط التي تمارس عليك، وإنما اجتهد في دفعها قدر استطاعتك، وحاول الجلوس مع كل زوجة على حدة، والبحث عن أسباب المشاكل الخاصة بها، ولا مانع من الاستعانة بطرف محايد محترم من ذوي الخلق والديانة والحكمة؛ للمساعدة في حل مشاكلك.

اعلم أخي أنه قد يحدث الطلاق ولا تُحل المشاكل، ولذلك أرجوك أن لا تتسرع في ذلك؛ حتى تتأكد فعلاً من أن الطلاق هو الحل الوحيد والأمثل، وحينها تُعطي المرأة حقها الشرعي وتسرحها بالمعروف، كما أوصيك بإعادة محاولات الإصلاح والاجتهاد في ذلك، وأكثر من الدعاء والاستعانة بالله، عسى الله أن يجعل لك مخرجاً تحفظ به أسرتك من التفكك والضياع.

مع تمنياتنا لك بالتوفيق والاستقرار.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً