الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من الوساوس في مختلف جوانب الحياة

السؤال

السلام عليكم
أشكركم على جهودكم، وجزاكم الله خيراً.

أعاني من الوسواس في مختلف جوانب الحياة، لذلك أرجو أن تتفهموني وتعذروني، وكذلك أن تساعدوني.

أنا تلميذ مقبل السنة القادمة بإذن الله على اجتياز شهادة الباكالوريا، وأريد الحصول على معدل جيد، وكما أخبرتكم هناك بعض الوسوسة التي تأتي أحياناً، وتؤثر في، فتجعلني أكثر تشاؤماً وقلقاً، وأقل اجتهاداً.

يوجد تخصص هنا بالجزائر للإعلام الذي يتطلب معدل قبول كبير جداً، وأستطيع القول أن هذا التخصص هو حلمي، ولكن وسوستي أبت إلا أن تؤثر على تفكيري سلباً كعادتها، وتحبط من معنوياتي، فأنا دائماً ما أضع مخططات لمستقبلي، ومهنتي المستقبلية بإذن الله تعالى، والتي دائماً ما أرفض أن تكون محرمة شرعاً أو دخلها حرام.

هذا ما استغله الوسواس بداخلي ليثور مجدداً، فرغم أني لا أعلم أي شيء حول طبيعة العمل بعد التخرج من هاته المدرسة، ناهيك عن أن احتمال قبولي بها يكاد يكون معدوماً، رغم أني أعلق أملاً كبيراً برغبتي في الاجتهاد، لكني أعيش حالة من القلق الكبير التي أشك بأنها ستؤثر على مشواري الدراسي، فبدأت بالتفكير المسبق لطبيعة العمل، هل هو حرام أم حلال؟ وما يقلقني بشدة كوني لا أعلم شيئاً عنها!

لا أجد حتى من أسئلة فأقول في نفسي ما هي المهنة المحتملة التي سأعملها؟ هل هي حرام أم حلال؟ فأتخيل نفسي في شركة ما، وأني أعمل مبرمجاً أو أي شيء آخر متعلق بالإعلام الآلي، كيف سأعلم أن الشركة التي أعمل بها تكون لي جائزاً؟ كيف سأعرف ذلك؟ ستكون مثلا شركة كبيرة، وأنا في وظيفة عادية.

كيف سأستعلم عن كل جوانبها، وأعلم إن كانت حلالاً أم حراماً؟ وما هو حكم العمل في شركة مشروبات غازية مثلاً، وهي تقوم بعمل إعلانات لها على التلفاز فتجد في الإعلان مثلاً نساء متبرجات أو شركة أجبان تجد في غلاف العلبة صورة لعائلة وبها امرأة متبرجة أو تقوم هاته الشركات بعقد رعاية لبرنامج تلفزيوني موسيقي فلا تكاد تخلو شركة مشهورة منها مثلاً كشركات الاتصال المشهورة، فهي تقوم برعاية مسابقات دولية أو حتى رياضات نسائية تبث على شاشات التلفاز.

أفكر في بعض الأحيان أني قد أكون مجنوناً، لكن -الحمد لله- من حولي يشهدون علي بأني ذكي جداً أو حتى عبقري.

أرجو منكم مساعدتي، تخيلوا أن هذا جانب العمل من هذا الوسواس، ولكم أن تتخيلوا الجوانب الأخرى من مرض ودين ..الخ.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أيمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

اطلعت على رسالتك وأنت فعلاً جاد في رسالتك، فهي رسالة جادة، وواضحة وفي ذات الوقت، وأقول: إنك لست بمجنون، فأرجو أن تطمئن أنت لديك تفكيرا وسواسيا مستحوذا، وهذا الوسواس يتجسد في الأفكار الاستباقية حول المستقبل، وحول الحلال والحرام، وأي نوع من الوظيفة ستشغله وهكذا.

أتفق معك أن هذا وسواس معين يسبب القلق يسبب التوتر، يقلل من إنتاجيتك الأكاديمية والتعليمية، ويجعلك تحس بشيء من الكدر، فهذا الوسواس يعالج من خلال تحقيره وإغلاق الباب أمامه، بأن تبني مفهوماً جديداً، وهو أن المطلوب منك هو أن تجتهد في دراستك، وأن تتحصل على أعلى الدرجات، لتجد القبول إن شاء الله تعالى في الكلية التي تريدها.

أما بالنسبة للعمل وموضوع الحلال والحرام، فالأمر فيه سعة عظيمة، ويجب أن لا تحصر نفسك في هذا النفق الضيق، لا يمكن أبداً أن تضع العرض أمام الحصار، هذا خطأ أيها الابن الفاضل، اغلق الباب أمام التفكير الوسواسي القلقي حول المستقبل، قل لنفسك هذا لا أشغل نفسي به أبداً، أبواب الحلال أكثر من أبواب الحرام في كل شيء، وأنا يجب أن أعد نفسي للحصول على الدرجة المتميزة.

اجعل قناعات على هذه الشاكلة، وأنا أعتقد أنك تحتاج لدواء مضاد للوسواس توجد أدوية ممتازة بسيطة، وستساعدك كثيراً، أستطيع أن أقول إن نسبة التحسن بعد تناول الأدوية المضادة للوساوس لا تكون أقل من 90%، ستحس أن القلق قد قل كثيراً، والموجات الوسواسية الاندفاعية قد توقفت، وأنك أصبحت أكثر هدوءاً وسيتحسن التركيز لديك، كما أن الدافع الداخلي لديك سيتحسن.

حاول أن تذهب إلى طبيب نفسي أو حتى إلى طبيب الأسرة، من أصحاب الخبرة ليصف لك أحد الأدوية الجيدة، مثل البروزاك أو الفافرين، هي أدوية سليمة وممتازة وتناسب عمرك تماماً، فلا تتردد أبداً في تناول الدواء أيها الفاضل الكريم، من الأشياء المهمة أيضاً هي حسن إدارة الوقت، لأن الإنسان الذي يدير وقته بالصورة الصحيحة لا يعطي مجالاً كبيراً للوسوسة.

إن الوسوسة تستغل الفراغ الزمني والفراغ الذهني عند الإنسان، أما الذي يضع برامج يومية يدير من خلالها وقته ويحتم على نفسه أن يؤدي ما هو مطلوب في وقته، وبأعلى درجات الإنجاز والإجادة فلا شك أنه سوف ينجح، فاضع لنفسك برنامجاً يومياً تحدد فيه وقت المذاكرة تحدد فيه وقت الترفيه، تحدد فيه وقت العبادة، تحدد فيه وقت ممارسة الرياضة، تحدد فيه وقت التواصل الاجتماعي، وأن تكون أصدقاء مثلاً وهكذا.

بهذه الكيفية تستطيع حقيقة أن تدير وقتك بصورة صحيحة، وتؤدي -إن شاء الله تعالى- إلى التوفيق والنجاح والسداد، حاول أيضاً أن تدرس دراسة جماعية مرتين أو ثلاثاً في الأسبوع، وذلك بأن تتخير بعض الأصدقاء المتميزين وتتفق معهم على لقاءات علمية للاستذكار، أنصحك أيضاً أن تنام نوماً ليلياً مبكراً وتستيقظ قطعاً لصلاة الفجر، وبعدها تدرس لمدة ساعتين، ففي هذا الوقت الإنسان غالباً يكون في حالة استرخائية ومستوى التركيز يكون جيد جداً والاستيعاب ممتاز.

بارك الله فيك وجزاك الله خيراً، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً