الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من خفقان القلب وضيق في التنفس، فهل هو مرض عضوي أم نفسي؟

السؤال

في أول يوم العيد تعبت فجأة وأحسست بخفقان بقلبي وكتمة وضيق تنفس وآلام بالصدر وتنميل بأطرافي، وأطرافي تؤلمني، وذهبت للطوارئ وقالوا نقص فيتامينات أو توتر شديد، ومن بعد الحالة أصبحت يدي اليسار تؤلمني بشدة مع ألم بصدري وألم تحت الصدر، ونغزات وانقباضات بقلبي، وآلام بكتفي من الخلف.

ذهبت لطبيب باطنية وعملت فحوصات وتحاليل، كل شيء كان سليما إلا فيتامين د 16، وعملت تخطيط قلب، وأنزيمات قلب، وكل شيء كان سليما، والدكتور يقول بأنه تعب نفسي، إلا أنني أحس بأنني سأصاب بنوبة وأزمة قلبية، خصوصاً عندما أقرأ بالإنترنت عن الأعراض، فهي نفس أعراضي تماماً، وأصبحت أفكر بالموت كثيرا، حتى فقدت طعم الحياة، وأقرأ عن وسواس الموت ونفس أعراضه معي، وأفكر بابنتي وأهلي كيف سيكونون من بعدي وأنا أودعهم بنظراتي، خاصة أنني حلمت قبل رمضان بحلم فأحسست أنني سأمرض أو سأموت، وعندما مرضت قلت حتماً سأموت وهذا هو الحلم.

أصبحت طيلة الوقت أفكر بالموت، بل في كل لحظة، خاصة مع آلام يدي اليسار، علماً بأني عندما أحس بآلام وأحرك يدي أسمع صوت مفاصلي وأود أن أنتزعها من مكانها، وأحيانا أحس كأن ماء باردا ينسكب على يدي، ونغزات قلبي، علماً بأن الحالة لها شهران معي.

الرجاء منكم الرد، ماذا أفعل؟ هل أذهب لطبيب قلب وأعمل الفحوصات اللازمة حتى أتأكد بأن قلبي سليم ولن أصاب بنوبة قلبية؟ أم ماذا؟ لقد تعبت من التفكير بمرضي كثيراً، ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم أسماء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

حالتك وُصفتْ من جانبك بصورة ممتازة ودقيقة جدًّا، تجعلني أقول لك وأنا على ثقة عالية جدًّا من اليقين والتأكد أن الحالة حالة نفسية، والأعراض التي أتتك نفسوجسدية. أنتِ ببساطة شديدة لديك قلق المخاوف، وقلق المخاوف وما يصحبه من توتر يؤدي إلى نفس الأعراض التي تحدثت عنها، ونحن في زمنٍ أصبح فيه الخوف من موت الفجاءة وأمراض القلب منتشر جدًّا، ويُعرف أن الذبحات القلبية بالفعل قد تبدأ بآلامٍ في الصدر أو آلامٍ في اليد اليسرى أو شيء من هذا القبيل، ونسبةً للتخوف الشديد يحدث نوعًا من التماهي أو التطابق النفسي، وأقصد بذلك أن المريض الذي يتخوف من موت القلب المفاجئ -أو الذبحات القلبية– تأتيه أعراض تُماثل أعراض الذبحات القلبية، وهذا تطابق أو تماهي نفسي –كما نسمّيه– والذي يحدث هو أمرٌ فسيولوجي نفسي وليس أكثر من ذلك.

القلق والتوتر يؤدي إلى توتر في بعض عضلات الجسم، وأكثر العضلات التي تتأثّر هي عضلات الصدر، لذا يحدث الألم في الصدر، وربما شعور بالكتمة، وشعور بالنغزات والانقباضات، هذا أمرٌ شائع جدًّا، وبعض الناس أيضًا يُصابون بألمٍ في البطن أو ما يُسمَّى بالقولون العصبي.

المهم حالتك حالة نفسية بحتة، عيشي الحياة بكل قوة، تجاهلي هذه الأعراض، لا تترددي على الأطباء، قومي فقط بالفحوصات الدورية، بمعنى أن تذهبي إلى طبيبك مرة واحدة كل ثلاثة أو أربعة أشهر، هذا يجعلك تكوني مطمئنة تمامًا. هذه الزيارات الدورية للطبيب وُجد أنها مفيدة وتمنعك تمامًا من التجوِّل وسط الأطباء والتوهم الذي لا داعي له.

يجب أن تتناولي فيتامين (د) حتى يكون مستواه صحيحًا، والعلاج في هذه الحالة بسيط جدًّا، وأريدك أيضًا أن تُركّزي على ممارسة أي تمارين رياضية تناسب المرأة المسلمة، وكذلك ممارسة تمارين الاسترخاء. أشغلي نفسك بما هو مفيد، القراءة، الاطلاع، المشاركات الأسرية، بناء هوايات جديدة، الشروع في مشروع حفظ القرآن... هذه كلها تجعل إن شاء الله تعالى وجدانك وخيالك وفكرك بعيدًا تمامًا عن هذه الأعراض التي تشكين منها.

أنا أرى أيضًا أنه سيكون من الجيد أن تتناولي أحد الأدوية المضادة لقلق المخاوف، هذا يمكن أن تستشيري فيه طبيبك، وعقار (زولفت) والذي يُسمَّى علميًا باسم (سيرترالين) سيكون هو الأفضل، لأنه سليم، وغير إدماني، ومفيد، ولا يؤثِّر على الهرمونات النسائية.

الجرعة المطلوبة في حالتك هي الجرعة الصغيرة، وهي خمسين مليجرامًا يوميًا، علمًا بأن الجرعة الكلية هي مائتي مليجرام في اليوم، لكن لا أراك محتاجة لهذه الجرعة. تكون جرعة البداية خمسة وعشرين مليجرامًا – أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على خمسين مليجرامًا – تتناوليها لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعليها حبة واحدة ليلاً لمدة شهرين، ثم نصف حبة ليلاً لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقفي عن تناول الدواء.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأسأل الله تعالى لك الصحة والعافية، ونحن الآن على أعتاب عيد الأضحى المبارك، إن شاء الله تعالى هذه المرة يكون عيدك سعيدًا وطيبًا، ولا يحدث لك ما حدث في المرة السابقة.

وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً