الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كلما ظهرت فكرة في رأسي تستمر وتلازمني

السؤال

تحية وبعد:
محتار في مشكلتي التي مضى عليها سنتان حتى الآن، هل إن مرد المشكلة خلل عضوي في الدماغ أم أن السبب محض نفسي؟ فقد لاحظت أنه تقفز من رأسي أفكار لم تكن تحصل سابقاً، وأنه من مجرد قفز فكرة لمرة واحدة يكون ذلك كافيا لاستمراريتها! وأحاول تبديلها بفكرة إيجابية لكنها تظل وكأنها فكرة راسخة رغم رفضي لها وعدم قناعتي بها وقرفي منها، ولكنها تتشبث في رأسي! وهذا ما يحيرني! وتتحرك ملكة الخيال فوراً لأنني أذهب بتصوري بعيداً، وهو ما يجعل الربط والتذكر يلعبان دوراً لا سيما وأن ذاكرتي قوية بحيث أتذكر حتى الآن كل من عرفتهم منذ طفولتي وحتى اليوم! وكذلك بعض الدروس في القراءة والرياضيات والفيزياء، وحتى أسماء أساتذتي في كل صف منذ المرحلة الابتدائية فالإعدادية والثانوية وصولا إلى الجامعية، وكأن رأسي روبوت أو كومبيوتر!

وعلى سبيل المثال كلما شاهدت طاولة طويلة جداً وقليلة العرض تقفز من رأسي أن هذه الطاولة تشبه الطاولة التي كنت أشاهدها أيام مراهقتي في مدينتي الأصلية وكانت تستعمل لغسل الموتى، ومثال آخر: أنني كنت أغني ذات مرة مع المطرب السوري علي الديك مطلع أغنيته التي تقول: (تذكر ياها الإنسان)، وهنا قفز من فكري دافن الموتى أيام كنت مراهقاً وهو يقول لحظة دفن الميت: تذكر يا ابن آدم، ومن تلك اللحظة وأنا كلما أريد استماع أغنية يخرج من ذهني ذات الشخص ـ أي دافن الموتى ـ وكلما أشاهد طفلاً أتذكر عصابات التعديات الجنسية على الأطفال! وهكذا دواليك، ومن ثم تتكرر أمامي صور أشخاص أعزاء ماتوا!

وقرأت ذات مرة كيف أن مريض الشيزوفرينيا يشاهد أمامه أشخاصاً أو حيوانات لا نشاهدها نحن العقلاء، وصار الخوف عندي من الإصابة بهذا المرض أن أدقق في ساعات الليل بكل ما أراه من بعيد، فهل ما أشاهده هو إنسان يعبر؟ أي أتأكد من كل شيء، ولا أخفي أنني منذ طفولتي ترعرعت في الخوف من كل شيء وزرع الأهل في نفسي فكرة أنني جبان لا أستطيع التغلب على أحد إذا حصلت مشاجرة، وصرت أخاف من الموت والأموات والجنون والمجانين والإجرام والمجرمين، ومع ذلك حاولت قدر الإمكان أن أحافظ على توازن نفسي مفروض من أجل العمل والسعادة.

وكنت مشهوراً منذ طفولتي بشدة الذكاء والنجاح الدراسي، وهو ما كان يساعدني في النجاح بالعمل وتحقيق التوازن النفسي، وبما أنني شديد الحساسية لم أعرض نفسي على طبيب نفسي لسببين: الأول ـ أنه يمكن اعتبار ما يحصل معي مرده مشكلة عضوية في الدماغ، والسبب الثاني الخوف من أي طبيب نفسي! ولقد تشجعت قبل ستة أشهر وعرضت نفسي على طبيب أخصائي في الجهاز العصبي الذي فحصني وأخبرني بأنه لا يوجد عندي مشكلة في الجهاز العصبي.

وسؤالي في هذه النقطة المحددة: هل يمكن لهذا الطبيب الاختصاصي أن يؤكد السلامة العضوية للدماغ بفحص سريري ودون إجراء سكانر أو ما شابهه للدماغ؟ وإذا اعتبرت أن مشكلتي تصنف في خانة الوسواس القسري، فهل يمكن أن تسوء حالتي وتتحول إلى انفصام في الشخصية وهو المرض الذي أخافه كثيراً؟ وأنا أسافر كثيراً إلى ألمانيا وإيطاليا وفرنسا، فهل تنصحني بأن أعرض نفسي على طبيب هناك؟ وإذا كان الأمر كذلك ففي أي اختصاص؟ وهل الأفضل في برلين أم روما أم باريس التي أمضي فيها وقتاً أكبر مما أمضيه في العاصمتين الألمانية والإيطالية؟ وإذا كنت أحتاج إلى اختصاصي نفسي فأيهما أنفع الطبيب النفسي أم المحلل النفسي؟ وهل يمكنني وأنا في هذه الحالة الإقدام على الزواج؟ وهل الزواج يسيء حالتي أم ينقذها؟


الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ شفيق حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرجو أن أؤكد لك -يا أخي- أن هذه اكترارات وسواسية، انتابتك نتيجةً لحدث حياتي تم تخزينه في عقلك الباطني، وهذه من سمات الوساوس، حيث أنها مكتسبة، والوساوس تُعالج عن طريق تحقيرها وبناء أفكار جديدة مضادة لها، ففي حالة الغناء تذكر القرآن وجمال تلاوته، وفي حالة الموت تذكّر بأن الحياة هبةٌ من الله لنا، وأن الموت حق، وهكذا.

الشيء الآخر الذي أود أن أؤكده لك أن لا علاقة مطلقاً لمرض الشيزوفرينيا أو الفصام بالوساوس القهرية، حيث أن مريض الشيزوفرينيا تنتابه الوساوس، وما يعرف بالضلالات الاضطهادية، واضطراب في الأفكار، وعدم الارتباط بالواقع، وافتقاد البصيرة، والحكم على الأشياء بصورةٍ غير صحيحة في بعض الأحيان، وهذا بخلاف الوساوس تماماً، فأرجو يا أخي أن تطمئن من هذه الناحية .

أرى أنك محتاج إلى علاج دوائي للوساوس القهرية بجانب ما ذكرته لك من إرشاد نفسي سلوكي، وأفضل الأدوية لعلاج الوساوس هي البروزاك، أو الفافرين، وكذلك الليسترال، والزيروكسات .

أنت محتاجٌ لئن تُقابل طبيب نفسي أكثر من أخصائي نفسي، والمدرسة الألمانية تُعتبر من مدارس الطب النفسي المتقدمة، وكذلك المدرسة الفرنسية، فإذا أتيح لك فرصة لمقابلة أحد الأطباء هنالك فلا بأس في ذلك .

لا أرى سبباً يمنعك من الزواج، فقط قد يكون من الأفضل والأكمل أن تخبر الزوجة المستقبلية بأنك تعاني من بعض الوساوس البسيطة وأنت الآن تحت العلاج، وسوف تتحسن حالتك إن شاء الله بتناول العلاج .

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً