الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ثقتي بنفسي وجمالي تهتز بسبب انطباع أم زوجي عني

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله
أحب أن أشكركم على هذا الموقع الرائع.

أنا متزوجة، وعمري 23 سنة، شاء الله أن أتزوج شابا يصغرني، بسنة، مع العلم أنه هو الذي أصر على الزواج مني، وكنت مترددة لفارق السن، واكتشفت بعد الزواج أنه قد أقنع والدته، وكانت مترددة بعض الشيء.

قرأت بعض ما كتبته عني، من يومها لم تعد هناك ثقة في نفسي، وأنا كنت أعاني من هذه المشكلة من قبل، فتفاقمت عندي، زوجي وسيم، ولا ينقصه أي شيء، مع العلم أني متعلمة ومثقفة، وزوجي يحبني جدا.

أحاول أن لا أتذكر ما قالته عني، لكني لا أستطيع (قصيرة، صحتها ضعيفة، أكبر منه، وليست حلوة)، هذا ما كتبته عند حديثها مع أخواتها.

أنا في أوقات كثيرة أبكي، وأحيانا أشعر أني ظلمت زوجي بالموافقة على الزواج، وأنه يستحق أجمل مني، عندنا الآن طفلة صغيرة، ومتفاهمان جدا، لكن تبقى تراودني الوساوس وتأنيب الضمير عليه، وعدم الراحة ولا أستطيع البوح لزوجي، ماذا أفعل لأزيد ثقتي بنفسي؟

ساعدوني، جزاكم الله كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ميس حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

- بارك الله فيك – أختي الفاضلة – وأشكر لك حسن ظنك وتواصلك مع الموقع, سائلاً الله تعالى لكِ التوفيق والسداد, وأن يلهمك الرضا والقناعة والسعادة والرشاد ويجمع شملك وزوجك على محبة وخير.

- بخصوص رسالتك, فاعلمي – حفظك الله – أن الواجب على المسلمة أن ترضى بما قسم الله لها من الخير, ولا شك أن زوجك – وهو شابٌ عاقل – لم يختركِ دون بقية النساء إلا لجمالك في الظاهر والباطن, والناظر – سلمك الله – إلى عمرك ووزنك يدرك أنها مقاييس معقولة، بل طيبة ومقبولة بفضل الله تعالى, فكيف مع ما حباك الله تعالى ومّنْ به عليك من كونك متعلمة ومثقفة, وذلك أجمل الجمال, وهو جمال العقل والوعي.

- كما أن الجمال – أختي العزيزة – لا ينحصر في العمر والشكل, بل أجمل منه أن يكون في حسن الدين والخلق والتربية والثقافة, والتواضع والرحمة وطيبة القلب ورقة الطبع وخفّة الدم وحسن الدعابة ونحوه, وللناس في ذلك معاييرهم الخاصة, فكم رأينا من فوارق ظاهرة بين الأزواج والزوجات, مع ثبوت ودوام المحبة والسعادة بينهما, والعكس صحيح أيضاً, فكم من امرأة جميلة الظاهر، لكنها ابتليت بالطلاق لقبح الباطن.

"جمال الوجه مع قبح النفوسِ ** كقنديلٍ على قبر المجوس".

- وقد ثبت في صحيح مسلم: (إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أجسادكم, ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم).

- فمعيار القبول والاختيار- حفظك الله - إنما هو لزوجك فحسب, لا لوالدته أو لغيرها من الناس, مما يستلزم منك عدم الالتفات والمبالاة لكلامهم, حيث وهو – كما تعلمين – لا ينفع ولا يضر ولا يقدم ولا يؤخر, والناس في كل أحوالهم لا يسكتون أو يكفون عن النقد والعيب والسخرية.

- ولا يخفى عليك أن زوجات النبي صلى الله عليه وسلم كُنْ ثيّبات غير أبكار إلا عائشة رضي الله عنهن أجمعين, وأن زوجته الأولى (خديجة) كانت تكبره بـ 15 سنة, حيث كان عمره 25سنة، وهو بكر, وكان عمرها 40 وهي ثيّب, وكانت أحب أزواجه إليه رضي الله عنها وأرضاها.

- احرصي فحسب على التركيز على إرضاء ربك تعالى, ثم زوجك, وذلك بالحرص على حسن التجمّل والخدمة والزينة والطاعة, وحسن العشرة الزوجية, وذلك بالسؤال والقراءة بهدوء وثقة فيما يتعلّق بذلك.

- فإذا أحب الزوجان بعضهما نظرا إلى بعضهما بعين الإعجاب والكمال, والعكس صحيح أيضاً, كما قال الشاعر: "وعين الرضا عن كل عيبٍ كليلةٌ ** كما أن عين السخط تبدي المساويا".

- كما وينبغي لك حسن الظن بالله تعالى, والشكر لنعمائه, والصبر على بلائه, والرضا بقضائه, وتعزيز الثقة بنفسك, وتقوية إرادتك, والانشغال بما يعود عليك بالمنفعة والفائدة في دينك ودنياك, وذلك بالتركيز على دراستك وإتقان عملك, وتنمية مواهبك وكفاءتك, بالمزيد من القراءة والاطلاع وطلب العلم ومتابعة المحاضرات والدروس والبرامج النافعة والمفيدة, ودعم زوجك للمزيد من الهداية والاستقامة والصلاح والالتزام, والدفع به وتشجيعه إلى لزوم الطاعات والأذكار والصحبة الطيبة.

- احذري أن تفقدي الثقة بنفسك أو تنعزلي عن الناس, أو تبالغي في الغيرة من زوجك, أو تتألمي من كلام الناس, فهو بداية الضعف وعلامة العجز وطريق الانهيار النفسي, فزوجك قد تزوجك عن معرفة واقتناع ورضا ومحبة, ولو كان يريد من هي أجمل منك لتخلّى عنكِ قبل الزواج, فلا تظهري مشاعر الضعف حتى لا تفتحي لنفسك باب مقارنة ومشكلات فثقي بنفسك, والثقة – كما يقال – نصف الجمال, والإنسان – كما يقال – حيث يضع نفسه.

"وما المرء إلا حيث يجعل نفسه ** ففي صالح الأعمال نفسك فاجعلِ".
"أيـها الشـكي – ومـا بك داءٌ – ** كن جميلاً ترى الوجود جميلا".

- ومما يسهم في تحصيل الرضا والسعادة والاطمئنان وعون وتوفيق الرحمن, ودفع وساوس النفس والهوى والشيطان, أن تحرصي على تنمية الإيمان بطلب العلم النافع والعمل الصالح، ولزوم الذكر والدعاء وقراءة القرآن.

أسأل الله تعالى أن يزيدك من فضله وتوفيقه, ويشرح صدرك، وييسر أمرك، ويجمع شملك وزوجك على سعادة وأمن وخير, ويصرف عنك السوء وأهله, والله الموفق والمستعان, وهو الهادي إلى سواء السبيل.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً