الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ضرورة وجود الدافعية والرغبة الحقيقية من أجل تحقيق النجاح

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

فيعلم الله كم ترددت بالكتابة لكم ويعلم الله كم أشعر بالألم والحزن وأنا أكتب لكم ليس بسببكم لا والله! - حتى أني أحبكم في الله - لكن لأني تعودت أن أحل مشاكلي بنفسي كيف ذلك وأنا أحل مشاكل الآخرين ولا أستطيع أن أحل مشاكلي!

اعذروني على هذه المقدمة وأرجو أن يتسع صدركم لمشكلتي وتحاولون حلها، مشكلتي بدأت من 4 سنوات عندما دخلت الجامعة حيث أنني ـ ولله الحمد ـ كنت من الأوائل منذ الصغر، وقد حصلت على منحة في الثانوية لتكميل دراستي الجامعية، ومشكلتي يا إخواني أني لا أدرس ولا أستطيع الدراسة! يشهد الله كم حاولت أن أتغلب عليها لكن ما استطعت، جربت كل شيء من الرقية الشرعية والالتزام إلى استشارت الأصدقاء لكن بلا فائدة!

لقد دخلت الهندسة عن حب وقناعة ولأفيد نفسي وأهلي وبلدي، ولرفع اسم الإسلام عالياً خاصة أن مجالي متطور جداً لكن لا أعلم! أبدأ كل سنة بنفسية جديدة وهدف التفوق لكن تمضي الأيام ولا أدرس حتى موعد الامتحانات وحتى أني لا أفتح المادة ليلة الامتحان، وأحياناً أدخل الامتحان وأنا لا أعلم شيئاً عن المادة!

والآن وبعد مرور 4 سنوات مازلت على حالي أشاهد زملائي يسبقوني بأشواط وأنا مكاني، والله يعلم أني أملك من المعلومات والكفاءة ما أستطيع به أن أبدع في مجالي، طبعاً مع توفيق الله سبحانه، لكن لا أعلم، أهرب كثيراً إلى النوم فأنام نوما طويلاً حتى أهرب من واقعي، أحاول أن أستعيذ من الشيطان وأمسك الكتاب لكن نصف ساعة وأكون في حالة مزرية، أترك الكتاب وأذهب لأعمل أي شيء، آكل وأنا لست بجوعان وأنام وأنا لست بنعسان وأجلس بالساعات على الكمبيوتر ألعب الشدة وأستمع للأناشيد فقط لإضاعة الوقت! وعندما يأتي وقت الامتحان أذهب بلا دراسة ولا شيء وأرسب وأتفاخر لنفسي بذلك! مع أني كنت أيام المدرسة أبكي على العلامة والعلامتين والآن أضحك وأنسى كل شيء حتى أنني أصبحت عديم الإحساس بأهلي الذين يبذلون الغالي والنفيس لكي يعينوني على الدراسة، لكني للأسف أتناسى ذلك وأبقى لا مبالي!

أدعو الله بحرقة أن يذهب هذه الحالة عني لكن بلا فائدة وتستمر المأساة عاماً بعد عام، والآن أنا مهدد بالفصل من الجامعة وما زلت على حالي أبكي قليلاً على حالي وأهرب إلى النوم ثم أستيقظ بهمة عالية لكن سرعان ما تختفي!

ماذا أعمل!!؟ أحمد الله أن علاقتي مع الجميع طيبة جداً وفي الحياة العملية ناجح جداً المقصود أن مشكلتي الوحيدة هي الدراسة وكل شيء تمام إلا الدراسة، وأعلم علم اليقين أن دراستي لو صلحت لصلح كل شيء حتى ديني الذي يمر ببعض حالات الضعف الشديد أحياناً، وبمرحلة القوة أحياناً أخرى، أنا على يقين إن صلحت دراستي لصلح هو الآخر.

والمصيبة أني أملك جميع المحفزات من مقالات وكتب عن النجاح وأستمع لسير العظماء لكن بلا فائدة! مشكلتي هو شعوري بالكسل والضعف والخوف أمام الدراسة وخاصة أن الجامعة وتخصصي صعب ويريد الكثير من الوقت والجهد لذلك، ونتيجة لهذا السوء الدراسي أمر بحالة نفسية سيئة جداً لدرجة اليأس من كل شيء، حتى العبادة أقصر فيها نتيجة لنفسيتي السيئة!

سامحوني جداً جداً على الإطالة لكن أرجوكم أنا بحاجة للمساعدة فأرجو منكم مساعدتي وحل مشكلتي، وجزاكم الله خيراً، وأرجو المعذرة إن كنت سببت لكم الانزعاج من مشكلتي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مما لا شك فيه أن مشكلتك الأساسية هي أنك ربما كنت تجسّم وتضخم مقدراتك دون واقعية (أي بمبالغة) أقول لك هذا بكل صدق، وأعتذر في ذات الوقت، ثم تحوّل هذا التضخيم والتجسيم إلى تحقيرٍ وإقلالٍ في تقييم الذات، وهذا هو الذي جعلك تدخل في هذه الدوامة السلبية من التفكير، والشعور بالإحباط، وعدم الإنجاز في المجال الدراسي .

أنت محتاجٌ لأن تفكر بواقعية وعزيمة وإصرار فيما يخص الدراسة، فهي هدف واضح وهدف سامي، وقد يتطلب منك الأمر تطوير آلياتك التي يتطلبها حسن التحصيل، وهي تقسيم الوقت وإدارته بصورةٍ صحيحة، وأخذ قسط كافٍ من النوم، وتحديد ساعات وأوقات واضحة للدراسة، وممارسة الرياضة، فمثلاً بالنسبة لتخصيص وقت الدراسة يجب أن يكون يومياً، وأن لا ترفع من معدل المذاكرة بصورةٍ مبالغ فيها، تخفض هذا المعدل بصورةٍ مبالغ فيها أيضاً، أي أن الأمر مثل العبادة، فالقليل الذي تداوم عليه خيرٌ من الكثير المتقطع .

سأصف لك دواءً طيباً ومفيداً ومحسناً للدافعية، وسيزيل هذا الإحباط الذي تعاني منه إن شاء الله، ويعرف هذا الدواء باسم بروزاك، أرجو أن تتناوله بجرعة كبسولةٍ واحدة في اليوم، لمدة ستة أشهر.

أخيراً: أرى أنك بخير، فقط عليك الإصرار من أجل النجاح، والسعي من أجل ذلك، وصياغة تفكيرك بصورةٍ إيجابية، ونوصيك أيضاً بالحرص على عبادتك، فهي زاد المؤمن من أجل النجاح والسداد.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً