الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعيش في قلق واهتمام بالتفاصيل وخوف مما سيحصل، فأرشدوني!

السؤال

السلام عليكم.

أبلغ من العمر ٤٣ سنة، أعاني من نقص في فيتامين (د)، و(ب)، وبعض المعادن، مدخن سابق، تعرضت لآلام مفاجأة للمعدة لمدة شهر، تخللها قلة في الأكل، وحيث إنني تعرضت سابقا لأكثر من مرة لجرثومة المعدة، فتوقعت أنها عادت مرة أخرى، فتعرضت بعدها لحالة من ضيق الصدر والملل من كل شيء، وإحساس خانق في الدوام، وعدم القدرة للقيام بالمهام السابقة بنشاط، وتعب عام، وإرهاق شديد ونعاس، وإحساس كأنه إحساس الأعراض الانسحابية للتدخين، مع أوهام أنني سأصاب بمرض نفسي، وينتهي مستقبلي ومستقبل أسرتي مع أوهام أن أموت وأنا بهذه المكانة أفضل من أن أثير عطف أحد، حتى الأسبوع الماضي كان النوم مستقرا جدا لمدة لا تقل عن ٧ ساعات يوميا.

ذهبت لأحد أطباء الباطنية، وتم تشخيص الحالة، وصرف الأدوية المناسبة التي لاحظت أنها تحتوي على دواء deanxit، وحسب الوصفة فهو دواء مضاد للقلق، فهل أتناول هذا الدواء؟ ولماذا صرف هذا الدواء أصلا؟

الحالة العامة: أنا شخص أحب العمل كثيرا، وأتبع جدولا محددا يوميا يكاد لا يتغير إلا في الإجازات، وقلق من التفاصيل، وأحب أن أعرف ماذا سيحصل إذا استخدمت كل الخيارات، وأهتم بتفاصيل رحلاتي قبل حدوثها، وحل كل مشكلة ممكن أن تواجهني، وأحيانا العكس، الخوف مما سيحصل، وألغي التزامات مهمة بسبب الخوف.

وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

إن الأعراض الواردة في الاستشارة تعتبر أعراضا لا نوعية, ولا تدل على إصابة عضوية في الجسم, وهذه الأعراض غالبا بسبب حالة من القلق أو التوتر تمر بها حاليا؛ لذا ينصح باستعمال الدواء المصروف من قبل طبيبك المعالج، مع المتابعة الطبية المستمرة، وفي حال عدم التحسن؛ ينصح بالمتابعة مع طبيب مختص بالأمراض النفسية.

وبالنسبة لنقص الفيتامينات: يمكنك تعويضها بتناول الأدوية التي تحتوي على هذه الفيتامينات, ويفضل أن يكون ذلك بإشراف طبيبك المعالج.

ونرجو لك من الله دوام الصحة والعافية.
_________________________________________
انتهت إجابة الدكتور/ محمد مازن -تخصص باطنية وكلى-،
وتليها إجابة الدكتور/ محمد عبد العليم -استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان.
________________________________________________

أسأل الله لك العافية والشفاء.
أخي الكريم: أعراضك هذه مرتبطة بالقلق النفسي، والقلق الذي تعاني منه هو قلق ظرفي، والقلق الظرفي قد يأتي للإنسان إذا كان أصلاً البناء النفسي له من النوع الحسَّاس، وفي عمرك - أخي الكريم - الذي هو بداية أو منتصف الأربعينات هو العمر الذي قد يحدث فيه اضطراب مزاجي، فأمراض عُسْر المزاج والاكتئاب وحتى بعض أنواع القلق للشخصيات الحسَّاسة تظهر في هذا الوقت، وأنا ألاحظ - أخي الكريم- أنك إنسان أيضًا منضبط جدًّا، وتهتمّ بالتفاصيل ومتدقِّق، وهذه ميزات طيبة، لأن الإنسان يحتاج لشيء من الوسوسة في حياته ليكون منضبطًا، لكن يجب ألَّا يتخطَّى هذا الأمر ما هو مقبول وما هو معقول، لأن الشيء إذا زاد عن حده قد ينقلب إلى ضده.

حبك للعمل هذا أمر طيب وجميل، فقط المطلوب منك -أخي- هو أن تنظِّم وقتك، بمعنى أن تُخصِّص وقتًا للعمل، أن تأخذ قسطًا كافيًا من الراحة، وأفضل أنواع الراحة هي المرتبطة بممارسة الرياضة، والتي تكون من خلال النوم الليلي المبكر، والإنسان عليه أن يستفيد من البكور من الصباح؛ حيث فيه خير كثير، ففيه تتجدَّد الطاقات وكل المواد الكيميائية الدماغية الإيجابية تفرز في الصباح.

فإذًا النوم الليلي المبكر، الاستيقاظ المبكر، الاستفادة من الفترة التي بعد صلاة الفجر، هذا كله -أخي الكريم- يفيد جدًّا في مثل حالتك هذه.

وبما أن الأعراض التي لديك هي أعراض نفسوجسدية (آلام المعدة وخلافه)، فالرياضة تعتبر أمرًا مهمًّا وضروريًّا، والأعراض لا أعتبرها أعراضا انسحابية للتدخين، إنما هي أعراض قلقية -كما ذكرتُ لك- وربما تكون مشوبة بشيء من عُسْر المزاج أيضًا.

إذًا: يجب أن تكون إيجابيًا في تفكيرك، أن تنظِّم وقتك، وأن تُحسِّن صحتك النومية -أخي الكريم- من خلال - كما ذكرتُ لك - النوم الليلي المبكر، وممارسة الرياضة، تجنُّب شرب الشاي والقهوة في فترات المساء، تجنب النوم النهاري، الحرص على الأذكار..؛ هذا كله يعطيك دافعية إيجابية لتحسين النوم.

الدواء الذي وصفه لك الطبيب هو دواء بسيط جدًّا، الديناكسيت من الأدوية التي تُعالج القلق النفسي البسيط، وليس القلق النفسي المركب. فأنا حقيقة أؤيد جدًّا منهجية الطبيب الذي وصف لك الديناكسيت، وأرجو أن تستعمله بمعدل حبة في الصباح، لا تتناوله ليلاً، لأن الديناكسيت في بعض الأحيان قد يرفع من درجة اليقظة عند الإنسان، وأنت تحتاج لتناوله شهرٍ إلى شهرين، وليس أكثر من ذلك.

أخي الكريم: الخوف ممَّا يحدث هذا جزء من القلق وهذا نسمِّيه بالقلق التوقعي، فابعث في نفسك الطمأنينة من خلال ذكر الله، وتذكّر إنجازاتك الإيجابية، وأحسن إدارة وقتك -كما ذكرتُ لك- وقطعًا التواصل الاجتماعي الإيجابي يمثِّلُ إضافة ممتازة جدًّا على الصحة النفسية.

أرجو ألَّا تتردد كثيرًا على الأطباء، لكن يجب أن يكون لك مراجعات دورية مع الطبيب الذي تثق فيه، مثلاً طبيب الباطنية تُراجعه مرة كل ثلاثة أو أربعة أشهر، هذا سوف يكون منهجًا جيدًا جدًّا، وأرجو -أخي الكريم- أن تعوّض نقص الفيتامينات التي ذكرتها، وهذا أمرٌ سهل جدًّا، الفيتامينات مهمَّةٌ جدًّا لكمال الصحة النفسية والجسدية.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأشكرك - أخي الكريم - على التواصل مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً