الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خطبت فتاة ومن شدة حبي لها وقعت في الكذب

السؤال

السلام عليكم

ساعدوني رجاء، أكرمني الله بفتاة ذات دين وخلق، أحببتها وهي كذلك وتقدمت لخطبتها وتمت الخطبة.

المشكلة بدأت قبل ذلك، لم تكن أموري مستقرة، لدي مشاكل في العمل، لم أسرد لهم هذه المشاكل، حاولت توصيف الأمور بالمستقرة خشية الرفض، لأني أرغب في هذه الفتاة تحديداً.

المهم أن إخفاء هذا الأمر دفعني للكذب في أمور كثيرة متعلقة بالعمل، حتى في أحاديث جانبية متعلقة بالأمر، كنت أضطر للأسف لتسيير الحوار حسب ما يخرج الكلام مني، كنت أعلم أن هذا خطأ وكارثة كبيرة لو تم اكتشافها سأخسر خطيبتي والأمر كله، لكن والله لم أكن متعمداً، كذبت لكن ليس بدافع الكذب، لم أعتد هذا في حياتي أصلاً.

رغبتي فيها وخشيتي من خسارتها كانت تضطرني لقول أمور غير صريحة، بعد أشهر حدث موقف دفعهم للتشكك، بدأوا التساؤلات، انهارت قوى المقاومة وأخبرتهم أن كثيراً من الأمور التي ذكرتها لهم غير صحيحة، لكن للأسف، صعوبة الموقف وقتها دفعني لإخفاء بعض الأمور وعدم إيضاح كل التفاصيل.

كنت في موقف حرج وأصعب ما يكون، بعدها بأيام ذكرت لهم بعض تفاصيل أخرى، اشتاطوا غضباً، لأني حتى وقت المشكلة لم أكن صريحاً، مع ذلك أمهلوني فرصة للحديث، وحدث نفس الأمر.

والله لم أتعمد الكذب لكني آتي عند لحظة الحديث وأرتعد وأخشى الخسارة، ساء الأمر وقرروا فسخ الخطبة، حاولت حتى طلبوا مني أن يتدخل أهلي ليؤكدوا لهم أن هذه ليست صفة في، ولكي يضمنوا لهم أني لن أكرر هذا.

مرت أيام وتواصل أهلي معهم، أعطوني فرصة أخرى للحديث، هذه المرة تكلمت بكل التفاصيل الكاملة، والله يشهد بصدق وصراحة ووضوح، تقبلوا الأمر وتصافحنا وقبلت رؤوسهم وتعاهدنا على الصدق وقدموا لي اقتراحات لمساعدتي في أمور حياتي.

المشكلة الآن في خطيبتي نفسها، تغيرت من ناحيتي كثيراً، وصارت لا تصدق حرفاً أقوله، مستاءة مني لأبعد مدى وكل حديثها تجاهي سلبي، أحاول أن أعدها وأصدقها القول لكنها لا تصدق مني شيئاً وتذكرني بتفاصيل أخبرتها بها قبل ذلك بشكل غير صحيح.

أحاول معها لأني أتمناها، ويعلم الله أني تعلمت درساً قاسياً جداً في هذه المحنة، ولن أعود لمثل هذا الفعل المشين أبداً مهما كان، لكنها لا تصدق ذلك، الله يغفر الذنوب وأمرنا بالصفح، لكنها يتملكها خوف وريبة مني، للأسف أنا السبب.

أخبروني عن حل، وجهوا لها رسالة، أخبروني عن أمور عملية أنفذها لنيل رضاها وإتمام الزواج، أنا متعلق بها جداً، أحبها والله يعلم، لن أعود لمثل ما فعلت أبداً ويشهد الله.

ساعدوني بالله عليكم، أحتاج مساعدة ونصيحة ورسالة لها، الكذب أمر سيء لكنه ليس شركاً، والله يغفر ما دون الشرك، أنا تبت إلى الله، ولا أريد خسارة خطيبتي، يشهد الله أني أفديها بنفسي، بالله عليكم أوجدوا لي حلاً، ووجهوا لها حديثاً بأسانيد شرعية وعقلية ونفسية واضحة حتى تتفهم موقفي..

أنتظر ردكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إبراهيم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -أخانا- في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والحرص والسؤال، ونسأل الله أن يوفقك ويهديك ويثبتك ويُصلح الأحوال، وأن يُعيد ثقة الناس فيك، وأن يهديك لأحسن الأخلاق وأصدق الأقوال، وأن يُحقق لنا ولكم في طاعته الآمال.

لا شك أن الكذب خصلة ذميمة وكبيرة عظيمة، والنبي صلى الله عليه وسلم كان لا يقبل من الكاذب حتى يُحدثُ توبة، فتب إلى ربك توبة نصوحًا، واعلم أن التوبة تجبُّ وتمحو ما قبلها، وثق بأن صدق توبتك هو أقصر طريق للوصول إلى قلبها وقلوب من حولك، فإن من أقبل بقلبه على الله أقبل الله بقلوب الخلائق إليه، وقلوب العباد بين أصابع الرحمن يقلبها ويصرفها.

أمَّا أهم النصائح التي نوجها لك أولاً فهي كما يلي:

- عليك بكثرة اللجوء إلى الله.
- اليقين بأن الصدق منجاة وأن حبال الكذب قصيرة.
- التوبة النصوح بأركانها وشرائطها، والتي منها الإخلاص فيها والصدق والندم والتوقف والعزم ورد الحقوق إن كانت هناك حقوق لآدميين، ثم عليك بالإكثار من الحسنات الماحية والحسنات يُذهبن السيئات.

- إقامة حياتك على الوضوح مع الفتاة وأهلها.
- إظهار الالتزام والتمسك بآداب الشرع الحنيف.
- سلوك السبل الصحيحة لحل المشكلات.
- تجنب معالجة الخطأ بالخطأ وعدم حل المشكلة بما هو أكبر.
- الاستمرار في التواصل مع موقعك.

أمَّا بالنسبة للفتاة فنحن ننصحها بما يلي:
- اللجوء إلى الله سبحانه.
- نوصي بنتنا بأن تعطيك ثقة وأن تقدر حبك لها ورغبتك فيها.
- ضرورة الستر على ما حصل.
- نُذكّرها بدورها في معاونتك على تجاوز الصعاب.
- نذكّر بنتنا بأنه لا يوجد شخص ليس فيه عيوب أو نقائص، وأن عليها أن تنظر إلى الإيجابيات كلما ذكّرها الشيطان بالسلبيات.
- على بنتنا أن تُدرك أن دورها كبير في تشجيعك على تجاوز ما حصل من الأخطاء.
- نبشرها بالثواب العظيم إذا سعت في هدايتك، فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لأن يهدي الله بك رجلاً واحدًا خير لك من حُمْرِ النِّعم)، فكيف إذا كان الرجل هو الزوج والشاب الذي اختارك من دون النساء.

وهذه وصيتنا للجميع بتقوى الله ثم بالتعاون على البر والتقوى، ونسأل الله أن يؤلِّف القلوب، وأن يغفر الذنوب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً