الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لماذا لم أعد أشعر بلذة العمل الخيري؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا شاب متطوع في إحدى الجمعيات الخيرية، نقوم بالعديد من الأنشطة التي تهم الفقراء والأيتام، لكن في الآونة الأخيرة ومنذ انضمامي للمكتب التنفيذي للجمعية (للجنة تسهر على تنظيم الأنشطة والمسائل الإدارية والمالية وإعداد برنامج العمل) لم أعد أحس بفرحة وحلاوة وطعم العمل الخيري!

في بعض الأحيان أكون مشرفا ومسؤولا على تنظيم نشاط (مثلا كحفل لفائدة الأيتام) وبتوفيق من الله وبعد تنزيله لأرض الواقع لا أحس بسعادة، وبأني قدمت عملا خيريا، بل أحس كأني قمت بعمل إداري كالعمل في الشركة؛ ربما لأن الجانب التنظيمي طغى على الجانب الإنساني لدي.

مؤخرا فضلت الانسحاب من الجانب التنظيمي، لكن طلب مني أصدقائي في الجمعية البقاء في اللجنة التنفيذية وأنا الآن في حيرة من أمري، هل أستجيب لطلبهم وأبقى في الجانب التنظيمي للجمعية، مما يعني من جهد ذهني وجهد وقتي، وعدم إحساس بحلاوة العمل الخيري، أم أنسحب و أحضر فقط للمساعدة يوم تنظيم النشاط الخيري؟

لماذا لم أعد أحس بدلك الإحساس الجميل عند الانتهاء من أي عمل خيري ولو كان بسيطا، مع تأكيدي لكم بوجود الإخلاص لله والنية الصادقة في أي نشاط؟ وكيف أستعيد ذلك الإحساس الجميل؟ وهل أقبل طلبهم لي بالبقاء في اللجنة التنفيذية؟

جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Elhoucine حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

العمل الخيري الاحتسابي الخالص لوجه الله أحد أبواب الخير المأمور به شرعا في قوله تعالى: (وافعلوا الخير لعلكم ترحمون). فهو سبب للرحمة والتراحم بين الناس، وسبب لنيل رحمة الله في الدنيا والآخرة، وله آثار عظيمة على سعادة النفس واستقرارها ويؤدي خشوع القلب ولينه، وخاصة إذا كان يتعلق بخدمة الأيتام ونحوهم من الفئات الضعيفة، فقد شكى رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قسوة قلبه، قال: (إن أردت أن يلين قلبك؛ فأطعم المسكين، وامسح برأس اليتيم) رواه البيهقي وحسنه الألباني.

وما تشكو منه من تغير طرأ عليك، وعدم إحساسك بالسعادة بعد مباشرتك للعمل الميداني، وانتقالك للعمل الإداري فربما كان السبب يرجع إلى عدم مخالطة للفقراء والأيتام والتأثر بحالهم وسماع حاجاتهم وسعيك في تلبية طلباتهم؛ فهذه كلها أسباب لانشراح الصدر أثناء تنفيذ العمل، بينما العمل الإداري يبعدك عن هذه الأمور، فلا تشعر بآثار وقتية لها على نفسك، وإن كان ربما الأجر الأخروي المترتب عليه أكثر عند الله بحسب ثمارها في الواقع.

وعليه فإننا ننصحك بأن تجدد النبة والإخلاص في عملك، وتستحضر الأجر والثواب من الله وخاصة الأخروي، وتجعل الأجر الأخروي مقدما على الأثر الدنيوي الذي تشعر به نفسيا أثناء تنفيذ العمل.

وبالنسبة لاختيار العمل:

نرى أن تنظر في أيهما أكثر نفعا وفائدة لليتيم والفقير، عملك في الإدارة، أو في الميدان، ثم تختار أكثرهما فائدة وأثرا، ولا تربط الاختيار بالأثر النفسي عليك فقط.

وإن أمكن أن تجمع بينهما فهو أفضل، أحيانا هذا وأحيانا هذا من باب التنويع على النفس والتجديد لها، وإفادة زملائك بخبراتك في العمل وتنظيمه، وكذلك لاستعادة الإحساس بالشعور الجميل من خلال بعض الممارسات الميدانية.

مع ضرورة تجديد النية في كل عمل؛ لأن للإخلاص أثرا عظيما في راحة النفس وسعادتها.

وفقك الله لما يحب ويرضى، وزادك حرصا على فعل الخير وخدمة الناس.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً