الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أمي تدعو علي وتشتمني، ولا تقبل أن تسامحني

السؤال

أنا بنت ليس لدي أخوات، والدي توفي منذ 10 سنين، من عائلة بعيدة عن بعضها منذ أن توفي والدي وأنا أعيش مع أمي فقط، وأنا أعمل ومتحملة مسؤولية البيت كاملة، وأساهم بمبلغ كبير ليساعد على المعيشة بجانب معاش والدي.

مشكلتي مع أمي: أنها حساسة بإفراط، أقل شيء يزعجها ويضايقها، وتحدث مشاكل بسببها وبمرور الوقت والسنين يزداد الموضوع، أقل القليل يزعجها وأنا أتحمل مرة، ومرة أخرى غصبا عني أغضب وأتفوه بكلام يضايقها، ثم أندم وأخاف من عقوق الوالدين، وأتوب إلى الله، وأحاول أن أصالحها، ولكنها حتى في المصالحة صعبة لا ترض بها إلا بعد إلحاح كثير جدا، ودائما ما تتذكر ما حدث وتعيد نفس المشكلة مرة أخرى، وهكذا مع كل مشكلة.

عندما تحدث مشاكل مع أي شخص من الأهل أو الجيران لا تسامح بسهولة، وإن سامحت لا تنس، وإن حدثتها عن التسامح تتهمني بأنني لا أدافع عنها وأنني لا أحبها، وتدعو عليّ بمثل "حسبي الله ونعم الوكيلّ"، ربنا ينتقم منك، وهكذا معظم الأيام.

آخر مشكلة كانت بالأمس؛ كنت أتحدث مع صديقتي وأشكو من أمي وأحكي ما حدث، لكن دون تشويه لصورتها، وحتى صديقتي تنصحني بالبر والصبر فسمعتني أمي وأنا أشكو لها فأخذت تشتمني، وتدعو عليّ بأن لا يحدث ما أتمناه، وهي تعلم جيدا أن ما أتمناه هو أهم شيء في حياتي، وكررت هذه الدعوة حاولت أن أتكلم معها باللين، ولكنها لا تقبل وتزداد في عصبيتها، واتهامي بأني لا أحبها، فهل دعاءها هذا مستجاب؟

مع العلم أن ما يحدث مشاكل عادية تحدث بين أي والدين وأبناءهم، ومع العلم أيضا أنها في معظم الوقت تحمل الكلام على النية السيئة، وتتهمني بأني متضايقة من مصاريف البيت، وأنا والله هذه ليست نيتي أبدًا، وأني أستودع هذا المبلغ مني إلى الله عز وجل.

ماذا أفعل كي أتجنب هذه المشاكل؟ أنا حقا خائفة من دعواتها علي، وكيف لأم أن تدعو على ابنتها الوحيدة بهذه الدعوة التي تعلم جيدا أنها قاسية على ابنتها؟ وكيف لي أن أتقبل هذا، وأتجاوزه؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نسمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فرحم الله والدك وأمواتنا وأموت المسلمين، ورزقك بر الوالدة، وأعانك على الصبر عليها، وأنت مشكورة ومأجورة على خدمة الوالدة والإنفاق عليها، ونتمنى أن تكملي هذا الدور الكبير باحتمال ما يحصل منها، وبتجنب الشكاية منها، فهي في المرحلة التي قال عنها ربنا العظيم: {إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف، ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا} حتى كلمة أف التي هي مجرد إظهار للتضجر مرفوضة.

ونحن على يقين أن كبار السن قد يتكلمون بما هو خارج عن المألوف، أو المقبول، ومع ذلك فليس لنا أن نجادل، بل علينا أن نحسن الاستماع، ولا نفعل إلا ما فيه طاعة لله، ثم ما يحقق مصالحنا ومصالح كبار السن.

ولعل مجادلة الوالدة والرد عليها من أكثر ما يضايقها، فانتبهي لذلك بارك الله فيك.

أما اتهامها لك بعدم حبها: فلا يضر إذا كنت تحبينها، والبر عبادة لرب البرية، والواجب هو أن نؤدي ما علينا فإن لم يرضَ الوالد أو لم تقبل الوالدة فلا إشكال إذا كان الله راض عنا، وقد جاء في ختام آيات البر قول ربنا الرحيم البر: {ربكم أعلم بما في نفوسكم إن تكونوا صالحين فإنه كان للأوابين غفورا}، ولن تتضرري من دعائها عليك إذا كانت غير محقة، فإن ربنا عدل رحيم.

وننصحك بعدم الشكاية من الوالدة لأي أحد كائنا من كان، فإن ذلك يحزنها، وقد اتضح ذلك من خلال الموقف الذى حصل معك، وقد تعمق الإشكال أكثر حين علمت بأنك تشتكين منها.

وهذه وصيتنا لك بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه، وأكثري من ذكره وشكره سبحانه، ونبشرك بأن الوالدة سوف ترضى عنك، ونكرر دعوتنا لك بضرورة الصبر ثم الصبر.

وقد أسعدنا تواصلك مع موقعك، ونكرر الترحيب بك، ونسأل الله أن يوفقك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً