الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تقلباتي المزاجية، ومعاناتي من الرهاب أفقدتني مشاعري تجاه خطيبتي، ما رأيكم؟

السؤال

السلام عليكم

نشكرك على جهودك المستمرة دكتور محمد عبد العليم.

قصتي مع الاضطرابات طويلة ولكن بالوضع البسيط -والحمد لله-، عانيت في طفولتي من الرهاب، وبعد 18 سنة بدأ لدي التوتر من الأماكن المغلقة، ولكن كنت متعايشا معه، حتى وصلت لسن 25 سنة، حيث عانيت من مشاكل اجتماعية وفقد للعمل لفترة طويلة وفشل؛ لأنني كنت أنوي أن أخطب، ولكن بسبب فقد العمل تأخر الموضوع لعام فأصبت بما يشبه الصدمة النفسية، فأصبح لدي توتر مستمر وقلق عال جدا وخوف من كل شيء، حتى من الابتعاد عن المنزل أو السفر لمدينة أخرى، وأعراض جسدية كثيرة، فقررت الذهاب للطب النفسي.

أول طبيب شخص حالتي على أنها اكتئاب ورهاب اجتماعي، وأعطاني سيبرالكس، وبعد ما أخذته بدأت تظهر لي اضطرابات بالتفكير منذ الأيام الأولى للدواء، وشعرت أنني سأجن من الدواء، فبدأت أفكر لماذا نحن هنا، ومن أنا وأين أنا؟ وهكذا، فأوقفت الدواء.

ومع مرور الوقت تحسنت حالتي واختفى الخوف الغير مبرر -والحمد لله-، ولكن بقي لدي قلق خاصة من موضوع الابتعاد عن المنزل، فذهبت لطبيب آخر فشخص حالتي على أنها اضطراب ثنائي القطب بسيط من النوع الثاني، وأعطاني ريسبردال 1 مج، وبعد شهرين خف القلق بشكل كبير جدا، وقل الخوف من الأماكن البعيدة ولكن الدواء أظهر لدي اكتئاب وحالات خوف غير طبيعية، فخففت الجرعة لنصف حبة فاختفى الاكتئاب والخوف، وعقدت قرآني وخطبتي، فاستبدل لي الدواء بزيبركسا لأن القديم يؤثر على الرغبة الجنسية.

الغريب أنه بعد تغيير الدواء انخفضت الرغبة الجنسية بشكل أكبر، وقبل أسبوعين أوقفت الدواء بعد 6 شهور من العلاج، والذي أقلقني هو انعدام الرغبة لدي تماما، فلا أعرف ماذا أفعل؟ وأنا فعلا خائف أن أكون أصبت بعجز جنسي، وأنني لن أعود كما كنت في السابق، فأرجوكم أفيدوني ماذا أفعل؟

لم يعد لدي اندفاع تجاه خطيبتي بسبب هذا العجز الجنسي الذي أصابني بعد قطع الدواء، ولكن الطبيب أخبرني أن سبب عدم الاندفاع تجاه الخطيبة هو الاكتئاب، وفي بداية التشخيص أخبرني أنه ليس لدي اكتئاب، ففقدت الثقة بهذا الطبيب، ولم أعد أعرف ماذا لدي؟ وأنا شخصيا أشعر أن كل الحالة التي عانيت منها هي مجرد صدمة نفسية، وأن تشخيصه أنني مصاب باضطراب المزاج غير منطقي، وقمت بعمل 15جلسة علاج معرفي، وأثناء هذه الجلسات والتحليل النفسي أخبرني المختص أن كل ما لدي هو رهاب اجتماعي، واستفدت من هذه الجلسات أكثر من الدواء.

ملاحظة: كنت مصابا بتقلبات مزاجية سريعة، أحيانا أشعر بالراحة وبعض السرور والأمل، وبعدها بساعات أشعر بالإحباط، أريد رأيك يا دكتور حول اضطرابي.

ثانيا: أريد حلا للبرود الجنسي الشديد، حيث أشعر أحيانا أن أعصاب المناطق الحساسة مخدرة تماما، ولم أعد أميل لخطيبتي إطلاقا، ولم أعد أشعر تجاهها بالمشاعر كما يجب.

أخيرا: أنا وضعي النفسي حاليا ممتاز -والحمد لله-، وأمارس عملي كما يجب، ولكن بقي لدي المشكلة المذكورة أعلاه، وأتمنى أن أجد الحل لديكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أمير حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك العافية والشفاء.

بعد أن تدارستُ رسالتك -والتي هي واضحة بذاتها- وصلتُ إلى قناعة أن الذي بك هو مجرد قلق مخاوف أدى إلى عُسْرٍ مزاجيٍّ ثانويٍّ بسيط. قناعتي معقولة جدًّا بهذا التشخيص، ولا أرى حالتك حالة مرضية، إنما هي ظاهرة نفسيّة، لا نقلِّل من شأنها، لكن المهم بالنسبة لي والضروري هو ألَّا تعتقد أنك تعاني من علَّة نفسيَّةٍ مُعيقة.

مخاوفك الجنسية قطعًا هي ناشئة من خوفك حول هذا الموضوع، لأن الخوف من الفشل يؤدي إلى الفشل.

أنت -الحمد لله- قمت بجلساتٍ نفسيَّة، وقد أفادك -كما ذكرت وتفضلت- حول قلق المخاوف، -وإن شاء الله تعالى- تُساعدك أيضًا في استبصارك حول ذاتك وحول الحياة وحول المستقبل، لا بد أن تُنمِّي ما هو إيجابي في نفسك من ناحية الفكر والشعور والأفعال، هذه الثلاثة هي الأساس للصحة النفسية السليمة والمعافاة.

الفكر السلبي يأتي للإنسان؛ لكن الإنسان يجب أن يعطي نفسه فرصة عظيمة لبناء الفكر الإيجابي.

المشاعر السلبية تأتي أيضًا لكن الإنسان الذي يكون متفائلاً وحسن التوقُّعات دائمًا يُبدِّل شعوره إلى شعورٍ إيجابي. الإنسان الذي ينضبط ويؤدِّي واجباته اليومية مهما كانت المشاعر والأفكار سلبية، الإنسان الذي يتواصل اجتماعيًّا، يؤدِّي عمله، يقوم بواجباته حيال أسرته، يُصلِّي صلواته في وقتها، يُمارس رياضة، يُدير وقته بصورة صحيحة، هذا هو الذي يؤدي إلى التغيير والنجاح.

فأنا أريدك حقًّا أن تتجاهل الفكر السلبي والشعور السلبي، وأن تكون إيجابيّ الأفعال، إيجابية الأفعال تحوّر فكر الناس وشعورهم لتنقلهم من فكرٍ وشعورٍ سلبيٍّ إلى فكرٍ وشعورٍ إيجابي، والإنسان حين يتبدَّل إيجابيًّا في مشاعره وأفكاره سوف يتحسَّن أيضًا أدائه وعمله، وهكذا يحدث ما نُسمِّيه (المردود النفسي الإيجابي الداخلي).

أرجو -أيها الفاضل الكريم- أن تُدخل نفسك في هذه الدائرة، دائرة التغيُّر من خلال الثقة بالذات، ولا تُناقش أبدًا نفسك فيما يتعلَّق بمقدراتك الجنسية، -إن شاء الله- أنت سليم، وأنت رجل، وموضوع الخطيبة والمشاعر هذا كله يتبدَّل مع تبدُّل الفكر السلبي.

هذه هي الخطة العلاجية التي أراها سوف تفيدك.

أمَّا بالنسبة للعلاج الدوائي فقطعًا مضادات القلق والمخاوف والوساوس ومحسِّنات المزاج سوف تفيدك، أي دواء مثل (زويروكسات) أو (سبرالكس) أو الـ (سيرترالين) كلها أدوية مثالية بالنسبة لك، وأنت تحتاج لدواء واحد فقط، لمدة من ثلاثة إلى ستة أشهر، وبجرعة صغيرة.

فأرجو -أيها الفاضل الكريم- أن تتواصل مع طبيبك لتنقل له ما طرحته عليك من أفكار، وأنا متأكد أن الطبيب سوف يُقِرُّ ما ذكرته لك، وقد يصف لك الدواء المناسب.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً