الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من عدم الرغبة بالتواصل مع الآخرين، كيف أتخلص من ذلك؟

السؤال

السلام عليكم

أنا إنسانة أشعر أنني لا أريد أن أتحدث مع الأشخاص المحيطين بي، ولا يوجد لديا الرغبة للتواصل، وأشعر بثقل كبير في الحديث، ولا أشعر بالتسلية إلا إذا كان هناك شخصين أو أكثر في الحديث، ولا أشعر بكيمياء تجاه أي شخص، ويدور كلامي حول مواضيع محددة ومتكررة، ولذلك فأنا أشعر أنني غير محبوبة في نطاق العمل ونطاق الأسرة وكذلك أسرة زوجي.

هل يوجد أساليب أتبعها لتحسين حالتي؟ مع العلم أنني لا أؤذي أحدا، وأعامل الناس كما أريد أنا يعاملونني، إلا أنني لم أجد هذا، بل معظم الوقت منسية، فأنا أريد تدابير وأساليب عملية للتخلص من هذه الحالة، حتى لا تؤثر على أولادي فيما بعد.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فاطمة حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فمرحبا بك -ابنتنا وأختنا الفاضلة- في موقعك، ونشكر لك الاهتمام، ونحيي فكرة السؤال، ونسأل الله أن يوفقك ويصلح الأحوال، وأن يحقق لك الخلطة الإيجابية والسعادة وكل الآمال.

الإنسان مدني بطبعه، وهو يحتاج للناس كما أنهم يحتاجون إليه، وقد أحسن من قال:

الناس للناس من بدو وحاضرة .. بعض لبعض وإن لم يشعروا خدم.

ومن هنا كان السجن عقوبة وكان النفي والإبعاد عقوبة، ولكن العاقلة الفاضلة مثلك والأخيار يبحثون عن الخلطة المرشدة التي تجنى منها الثمرات الطيبة، والمؤمنة التي تخالط وتصبر خير من التي لا تخالط ولا تصبر.

وقد لفتت نظري عبارة ولكنني لا أؤذي أحدا، وهذا مما نهنئك عليك، وندعوك للاستمرار فيه والثبات عليه؛ لأن أكثر من يخالط الناس ويتداخل معهم قد يؤذيهم ويؤذوه، والأذى محرم، قال تعالى: "والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا"، ونحن إذاً نطالبك بزيادة القرب والتفاعل، والأخذ والعطاء، والمشاركة لمن حولك وخاصة والدة زوجك وإخواته، نأمل أن يكون التقدم في هذا الجانب مقيدا بضوابط الشرع؛ لأن بعض الناس يفرحون ممن يجامل وينافق ويساير، وأهل الإيمان يقدمون إرضاء الرحيم الرحمن، ومن التمس رضا الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس.

ومن الأساليب والأشياء التي ندعوك لعملها ما يلي:

1- اللجوء إلى مصرف القلوب فإن قلوب من حولك وقلوب الناس بين أصابع الرحمن يقلبها ويصرفها، فاسألي الله أن يحببك إليهم وأن يحبب إليك الصالحات منهن.

2- احرصي على أن تعامليهم كما تحبي أن يعاملك الله؛ لأن هذه هي أعلى المراتب في العلاقات، وأقلها المعاملة بالمثل، وبعدها كما تحب أن يعاملوك وبعدها كما أمر الله، أما منزلة المنازل فهي أن تعاملي الناس، كما تحبي أن يعاملك الكريم الرحيم اللطيف سبحانه، وعندها سوف تسمعي وتتغافلي، وتساعدي وتستري لتفوزي من الله بالستر والمعونة والتأييد.

3- الوقوف معهن عند المرض والملمات، فإن هذا من أقصر الطرق إلى القلوب.

4- الابتسامة في وجوههن والتفقد لأحوالهن، وحض زوجك على الإحسان إليهن.

5- إظهار العدل في تعاملك معهن، مع تقديم الأكبر سنا، وإظهار الرحمة بالأصغر.

6- المشاركة لهن في الأفراح والأتراح وكافة الجوانب المعنوية والانسجام، بحيث لا تظهري الفرح إذ كن حزينات أو العكس.

7- الحرص على إرضاء زوجك وتنفيذ رغباته في كل ما يخص علاقتك بأهله.

8- الحرص على إرضاء الله والعمل بالطاعات، وهذا هو أكبر أسرار السيطرة على القلوب؛ لأن ربنا إذا رضي عن الإنسان أمر جبريل أن ينادي في أهل السماء: "إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء ثم يلقي له القبول في الأرض"، ثم قرأ النبىي -صلى الله عليه وسلم- قول الله: "إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا".

وهذه وصيتنا لك بتقوى الله ثم بكثرة اللجوء الله، ونسأل الله أن يوفقك ويسعدك ونكرر الترحيب بك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً