الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نعم الله عليّ كثيرة ولكنني لا أتقبل الواقع الذي أعيشه!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة لطالما بذلت مجهودا في دراستي أملا في الحصول على وظيفة مرموقة تتناسب مع المجهود الذي بذلته، فقد تخرجت الخامسة على دفعتي، ولكن لم يتم تعييني في الجامعة، رضيت بأمر الله، وحاولت البحث عن وظيفة تتناسب مع قدراتي، وعملت في مكان يتساوى فيه من يعمل مع من لا يعمل، فأنا أعمل كثيرا كل يوم، وأرى من يتكاسل، وهو يعامل مثلي، بل يتم تفضيله عليّ في بعض الأحيان.

لم أستطع أن أتكاسل في عملي، بل ظللت أعطي كل ما لديّ حتى تسبب عملي في إصابتي بآلام مزمنة بسبب ضرر بالعمود الفقري بسبب العمل الشاق.

حاولت أذاكر بعد البكالوريوس، وتقدمت للماجستير، ولكنني لم أكمل بعد نجاحي في الجزء الأول، فضلا عن ذلك عمري 29 عاما، ولم يتقدم لي عريسا أو أحدا لخطبتي، ولم أختبر هذا الشعور حتى الآن.

أنا الآن عندما أستيقظ من النوم أشعر بآلام في كل جسمي، وصداع مزمن لا يستجيب للأدوية، ولا أريد أن أتحرك من السرير، ولا أريد أن أحسن من مستواي العلمي، ولا أريد أن أتحمل أي مسئولية، فلا أريد أن أتزوج، وأشعر برغبة مستمرة في البكاء.

أعلم أن نعم الله تعالى علي كثيرة، ويجب أن أتقبل نصيبي، وأن أشكره على نعمه الكثيرة، ولكنني لا أتقبل الواقع الذي أعيشه، ولا أريد أن أغيره، بل أنا لا أريد أن أتحرك من مكاني، ولا أريد فعل أي شيء، فهل من الممكن أن تساعدوني؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ آلاء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابنتنا وأختنا الفاضلة- في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والسؤال، ونسأل الله أن يعيد لك علو الهمة، وأن يصلح الأحوال، وأن يقدر لك الخير ثم يرضيك به، وأن يحقق في طاعته الآمال.

فإن المجهود الذي بذلتِه لم يضع سدى، وهو دليل على قدرتك على النهوض من جديد، وأن الذي وفقك بالأمس هو ربنا الكريم فاستعيني به، وتوكلي عليه، وأظهري رضاك بقضائه وقدره، ومن ريى فله الرضا، ومن سخط فعليه السخط، وأمر الله نافذ، وعجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، أو أصابته ضراء صبر فكان خيرا له.

أما بالنسبة لمعاناتك في العمل، وعدم تقدير مجهوداتك، فاللوم على من ظلموك وليس عليك، ولا تحزني أو تندمي على قيامك بواجباتك على أكمل الوجوه، فإن ذلك هو المطلوب الذي تبرأ به الذمة.

ونتمنى أن تنهضي من فراشك ولا تستسلمي للأفكار السالبة، واعرضي نفسك على طبيبة متخصصة لتتحاور معك وتساعدك في تغيير الأفكار السالبة، وعندها سوف تتلاشى الأعراض الجسمية التي هي في الحقيقة انعكاس للاضطرابات النفسية، وننصحك بالمحافظة على الأذكار وتلاوة القرآن، وقراءة آيات الرقية على نفسك، والرقية دعاء، ولا مانع من الذهاب مع أحد محارمك إلى راق شرعي ممن يقيمون الرقية على قواعدها، ووفقا لضوابطها.

وننصحك بما يلي:
1- كثرة الدعاء لنفسك، وتعوذي بالله من العجز والكسل، والعجز نقص في التخطيط، والكسل نقص في التنفيذ.
2- لا تتأسفي على ما فات، واعلمي أن ما أخطاك لم يكن ليصيبك، ولا تقولي لو كان كذا كان كذا، فإن لو تفتح عمل الشيطان، وهمّ الشيطان أن يحزن الإنسان، فتعوذي بالله من شره.
3- لا تخافي من المستقبل، فالأمر لله من قبل ومن بعد، ولن يحدث في كون الله إلا ما أراده الله.
4- لا تقفي طويلا أمام التجارب الفاشلة، وعجلي بالانصراف عنها، وغيري محور التفكير.
5- تعرفي على نعم الله عليك، ثم قومي بشكرها لتنالي بشكرك له المزيد.
6- اصلحي ما بينك وبين الله ليصلح الله لك ما بينك وبين الناس.
7- تقبلي واقعك، ثم انطلقي للبناء على نقاط القوة، ثم شجعي كل خطوة في الاتجاه الصحيح.
8- تواصلي مع موقعك، واطلبي مساعدة النفسيين والمتخصصات، وثقي بأن كل من في موقعك يسعدوا بخدمتك.

وهذه وصيتنا لك بتقوى الله ثم بكثرة اللجوء إليه، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد، ونسعد بسماع صوتك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً