الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا أحسن فن المحادثة ولا تذكر الأحاديث والأماكن لضعف ذاكرتي، فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا شاب عمري 22 سنة، طالب، في بداية حياتي وأنا طفل صغير كنت مرحا أتكلم بطلاقة، ولكن عندما وصلت إلى السابعة من عمري كنت أخاف وأخجل كثيرا، لدرجة أني لم أستطع أن أستأذن المعلمة للذهاب للحمام، وكنت أثناء الامتحانات أعرف الجواب ولكن مع الخوف يكون الجواب خاطئا، كنت أسمع صراخا فأحس بالهلع، وذلك بسبب التربية التخويفية القمعية من طرف الوالدين، أمي مريضة بالأعصاب، كانت تصرخ كثيرا، ذلك جعلني خائفا، عندما أرى أمي متعصبة أسمع صوت الصراخ في ذهني (خيالا) وأمي لا تصرخ أصلا، ذلك الخوف يجعلني أسمع صوت أمي.

كان عندي التركيز ضعيفا جدا، لم أتعلم أي شيء تقريبا في صغري ومراهقتي، لم أتعلم حتى الاعتماد على نفسي، كانت حياتي من المنزل إلى المدرسة إلى الشارع، لم أستفد في حياتي إلا القليل، أخجل أمام الناس -وخصوصا الفتيات- بسبب ضعف الثقة بالنفس، حياتي في المنزل كانت نزاعات أثرت علي كثيرا، مرت علي مشاكل نفسية كثيرة في دراستي بسبب ضغوطات الوالدين؛ لأنهما مشغولان بالدراسة فقط، ذلك أثر على مشاعري وسلوكي وشخصيتي.

قبل أن أحصل على الشهادة الثانوية قمت بتحاليل طبية، واكتشفوا أني مصاب بفقر دم شديد، -وبفضل الله- تمت معالجته، ومع ذلك حصلت على البكالوريا، والآن أكمل دراستي.

أما الآن فأنا لست خجولا وخَائِفًا كثيرا كما كنت في السابق، الحمد لله تغير تفكيري إيجابيا، وتخلصت من بعض الحالات النفسية التي أثرت علي، والعائلة تفهمت الأمر، وأصبحت النزاعات قليلة وليست كما في السابق.

مشكلتي الآن أني ممل أثناء تحدثي مع أي شخص، لا أعرف ما أقوله، إلا أشياء بسيطة وتافهة، أحس ذلك في قلبي، أريد مهارة التحدث، استخراج الكلمات في محلها، وأريد أن لا أتوقف في كلامي لأن تفكيري يتوقف أثناء المحادثة، وأيضا أجد صعوبة في التحدث أمام الناس، أيضا لا أرتاح كثيرا للغرباء، أنتظر الوقت الذي ينتهي فيه الحوار، وأيضا ضعيف التذكر، فأنا أتذكر جيدا الأحداث وفي زمنها على المدى البعيد، وبطيء الحفظ، ولكن لا أتذكر ماذا كان يلبس شخص ما أثناء الحدث، ولكن إذا حفظت شيئا بجهد فإنه يترسخ في ذاكرتي لمدة طويلة، وعندما أقرأ مقالة أو نصا أبدأ بالقراءة وأنسى فورا ما قرأت قبل، ولا أستفيد كثيرا من النص، وعندما يشرح الأستاذ أنسى فورا ما قاله، أو عندما أتحدث مع شخص في موضوع معين ثم ننتقل إلى موضوع آخر، يقول لي ذلك الشخص ما هو الموضوع الأول الذي كنا نتحدث عنه؟ فأكون نسيته إلا بعد تفكير طويل، وأنا ضعيف في تذكر الأماكن والطرقات، وأدائي الدراسي ضعيف بسبب ضعف تركيزي، فأنا عندما أدرس أحس بالإعياء فورا، فأنا أفهم جيدا ولكني بطيء بعض الشيء.

وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ahmed حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله لك التوفيق والسداد، ونشكرك على رسالتك التي قمتُ بالاطلاع عليها وتفهمتُها، و-إن شاء الله تعالى- مشكلتك مشكلة بسيطة جدًّا.

أنت لديك أفكار سلبية حول التنشئة، بالفعل قد واجهتك بعض الصعوبات، لكن لا أريدك أبدًا أن تُضخّم الأمر لدرجة أن تعتقد أن منهج والدك في التربية كان تخويفيًّا وقمعيًّا، والدك ربما يكون انتهج منهجًا خاطئًا، لكن في نهاية الأمر يريدك أن تكون أفضل منه، هذه حقيقة يجب أن نُدركها.

الذي أراك تعاني منه الآن هو شيء من القلق وعسر المزاج البسيط، الذي نتج من عدم القدرة على التكيُّف، بالرغم من أنك قد تخطَّيتَ الكثير من العقبات، لكن بقي القليل ممَّا يجب أن تُعدّل منه وتُحسِّنه.

أولاً: يجب أن تكون إيجابيًّا في تفكيرك، وألا تنقاد أبدًا بالأفكار السلبية والمشاعر السلبية، اجعل لنفسك مشروع حياة يكون عنوانه كالآتي: (أن أكون نافعًا لنفسي ولغيري)، إن نفعت نفسك ونفعت غيرك سوف تتخطّى كل شيء، وأقصد بذلك الصعاب التي تراها مستعصية.

عدم التركيز الذي تعاني منه سببه القلق، درجة المخاوف البسيطة التي لديك سببها القلق وعدم القدرة على التكيف.

أيها الفاضل الكريم: من فنون النجاح في الحياة وطرق الوصول إلى ذلك حُسن إدارة الوقت، الذي يُدير وقته يُدير حياته، النوم المبكّر مهم، ممارسة الرياضة مهمة، الصلاة في وقتها مهمَّة، أن يكون لديك تطلُّعات مستقبلية، ما الذي تريد أن تقوم به؟ أنت الآن في المرحلة الدراسية (طالب علم) يجب أن تسعى لتكون من المتميزين، التواصل الاجتماعي الإيجابي، والترفيه على النفس، والصحبة والرفقة الطيبة، وبرّ الوالدين، هذه أراها الزاد الحقيقي لمن هم في مثل عمرك ليكونوا من الناجحين ومن المتميزين ومن المتفوقين.

احرص على الرياضة لأن الرياضة تُجدد الطاقات النفسية كما تُقوِّي جسديًّا، وعبِّر عن ذاتك ولا تكتم، هذا مهمٌّ جدًّا.

أنا أراك أيضًا في حاجة لعلاج دوائي بسيط، أحد مُحسِّنات المزاج التي تُحسِّن من الدافعية لديك سوف تفيدك كثيرًا، عقار (سبرالكس) والذي يُسمَّى (استالوبرام) أراه جيدًا وسهل التناول وقليل الآثار الجانبية جدًّا، وأنت تحتاج له بجرعة صغيرة ولمدة قصيرة، ابدأ بنصف حبة – أي خمسة مليجرامات – تناولها يوميًا لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعلها حبة واحدة يوميًا – أي عشرة مليجرامات – واستمر عليها لمدة شهرين، ثم اجعلها خمسة مليجرامات يوميًا لمدة عشرين يومًا، ثم خمسة مليجرامات يومًا بعد يومٍ لمدة عشرة أيام، ثم توقف عن تناول الدواء.

أريد أن أهمس في أذنك بنصيحة عظيمة وهي: تلاوة القرآن بتجويد وتدبُّر تُحسِّنُ من التركيز، واسأل قارئي القرآن وحفظته، وهذا معروف ومجرَّب، واسأل به خبيرًا، {ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم}، فلا تنس نفسك، وانهل من هذا المنهل، واسأل الله تعالى أن يوفقك لما فيه الخير لك ولغيرك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً