الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل الرهاب يسبب كل هذه الأعراض؟

السؤال

السلام عليكم
وجزاكم الله خيرا

بعد عدة زيارات لأكثر من دكتور، الجلدية إلى الباطنية إلى الجراحة، لم أستفد من معاناتي شيئا، لاحقا اكتشفت بالصدفة أن مشكلتي نفسية، وهي الرهاب الاجتماعي، والأعراض هي:
- توتر وقلق.
- تعرق شديد.
- انتفاخات وغازات.
- الشد على المنطقة الحساسة ثم الارتجاف.

كل هذا أعاني منه عندما أواجه الناس أو أخرج من المنزل، وبشكل عام عند الاحتكاك بالناس، والمشكلة المهمة التي أعاني منها هي عندما أتوتر تصيبني حالة من التعرق الشديد، ومن ثم تخرج مني رائحة العرق الكريهة المزعجة المقرفة، وتبدأ الغازات بالعمل، والمشكلة هي سلس ريح، ولا أستطيع السيطرة عليها، أخذت علاجات ولكن دون فائدة, فسلس الريح يخرج مني بسبب الشد والارتعاش الذي يصيب المنطقة الحساسة والأفخاذ.

هذا الرهاب سبب لي حالة من المشاكل بسبب الرائحة الكريهة والإحراج والإهانة من بعض الاشخاص، وللعلم أنا واثق من نفسي، ولا أخاف، وأحافظ على النظافة الشخصية، ولكن وبمجرد الجلوس مع شخص يبدأ جسدي بالتغير والتقلب والتوتر، ثم التعرق الشديد، وعندما أكون جالسا لوحدي تذهب هذه الأعراض وتبقى الرائحة الكريهة.

أريد علاجا سريع المفعول، وغير إدماني، وشكرا جزيلا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ الذئب حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأول خطوات علاج المخاوف هو أن تتفهمها وأن تفعل ما هو ضدها، وأن تتجنب التجنب، تفهمها بأنها حالة نفسية مكتسبة، وأنها ليست دليلاً على أنك جبان أو أقلَّ من الناس، وأن تفهم حقيقة أخرى مهمة جدًّا، وهي أن الأعراض التي تشعر بها - إن وجدتْ بالفعل - شعورك هذا مُضخم ومبالغ فيه، فهي أقلّ كثيرًا ممَّا تتصوره، ويجب أن تتفهم أن من حولك لا يرصدون ولا يراقبون كل التغيرات التي تتصورها أو تعتقد أنك تُعاني منها.

هذه الأمور مهمة جدًّا كخطوات علاجية، والخطوة الثانية: موضوع الرائحة الكريهة هذه ربما يكون اعتقاد أكثر ممَّا هو حقيقة، فلماذا لا تتجاهلها؟ ولتطمئن يمكن أن تضع بعض العطور التي تؤدي إلى رائحة طيبة. غيّر الصابون الذي تستعمله في الاستحمام، هناك أنواع من الصابون جيدة فيها عطور ورائحة طيبة.

وعليك أن تُكثر من المواجهات الاجتماعية، والصلاة مع الجماعة في المسجد أنا أعتبرها مواجهة اجتماعية عظيمة، وذلك بجانب الأجر العظيم بأداء الصلاة في جماعة، صلاة الرجل في المسجد تعدل خمسًا وعشرين من صلاة الفذ، وفي رواية بسبعٍ وعشرين درجة. فعليك أن تجمع خيري الدنيا والآخرة، من خلال صلاتك في المسجد مع الجماعة.

مارس تمارين رياضية جماعية مع مجموعة من الشباب لأن هذا تفاعل اجتماعي إيجابي جدًّا. طبق تمارين الاسترخاء، تمارين التنفّس التدرُّجي مفيدة جدًّا.

لا يمكن للإنسان أن يتجاوز أعراضه النفسية بدون أن يكون له دور في الحياة، عليك بالعمل، العمل مهمٌّ جدًّا، ابحث عن عمل، تطوّر مهاراتك من جميع النواحي، ويُشعرك بقدرتك الاجتماعية الإيجابية. كن بارًّا بوالديك، اقرأ واطلع وزود نفسك بالمعارف.

هذه كلها – أخي الكريم – علاجات مهمَّة جدًّا، وبالنسبة للدواء: فالدواء موجود والحمد لله وتوجد أدوية ممتازة جدًّا، وعقار (سيرترالين) يُضاف إليه جرعة صغيرة من عقار (إندرال) سيكون هو العلاج الأمثل، لأن الإندرال يمنع التعرُّق هذا.

ابدأ بالسيرترالين – والذي يُسمَّى تجاريًا زولفت أو لسترال، وربما تجده تحت مسمى تجاري آخر – بجرعة نصف حبة – أي خمسة وعشرين مليجرامًا – يوميًا لمدة عشرة أيام، ثم اجعلها حبة واحدة – أي خمسين مليجرامًا – يوميًا لمدة شهرٍ، ثم اجعلها حبتين في اليوم – أي مائة مليجرام – لمدة شهرين، ثم اجعلها حبة واحدة يوميًا لمدة شهرين آخرين، ثم نصف حبة – أي خمسة وعشرين مليجرامًا – يوميًا لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقف عن تناول السيرترالين.

أمَّا الإندرال – والذي يُسمَّى علميًا بروبرالانول – تناوله بجرعة عشرة مليجرام صباحًا ومساءً لمدة شهرين، ثم عشرة مليجرام صباحًا لمدة شهرٍ، ثم توقف عن تناوله، وكلا الدوائين من الأدوية السليمة والفاعلة ولا تُسبِّبُ الإدمان.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً