الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تقلبات الحياة والطرق المغلقة كيف أعالجها؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

سؤالي غريب نوعا ما، لكن أرجو ممن يتطلع عليه أن يتحلى بالصبر.

أنا أعمل منذ 11 عاما كمهندس في شركات متعددة، ولله الحمد بنفس اليوم الذي أخرج منه من وظيفة أكون بدأت بالوظيفة التي تليها، ولم أكن عاطلا عن العمل ليوم واحد، لكن الغريب الذي يحصل معي عملت ب 5 شركات حتى الآن، وكلها شركات مرموقة، عندما أنضم لها تكون بقمة عملها ومنذ بدأ عملي بها تبدأ الأزمات المالية والوظيفية والمشاكل التي تؤدي بالنهاية لتركي العمل.

أنا وبشهادة جميع مدرائي من أفضل مهندسي التقنيات الذين تعاملوا معهم، ولم أخرج من أي وظيفة إلا بإرادتي بحثا عن التطور، لكن لا أحقق مبتغاي بسبب المشاكل المالية والإدارية التي تحدث لكل شركة فور انضمامي لها، مع العلم أني لست من الكادر الإداري إنما مدير لمشاريع، وجميع مشاريعي تحقق أعلى نسب النجاح ولا تعرقل إطلاقا، وإنما وضع الشركات بشكل عام هو الذي يتم عرقلته، هل ما يحصل معي صدفة؟ هل من الممكن أن يكون الله يقودني لإطلاق مشروع خاص أو أغير مجال عملي؟ هل لدي ذنب مداوم عليه يؤثر على رزقي؟

للآسف عندما أشعر بإحباط أرى الذنوب أمامي سهلة الوصول وأجدها قريبة مني، وتزحف لي مباشرة، حاليا أغلقت المشاريع بالشركة التي أعمل بها وأقوم بتسليم أعمالي، ولا أجد عملا جديدا حتى الآن، فعليا ما زلت على رأس عملي لكن بفترة التسليم، ومن المفترض أن يكون موعد انتهاء عملي خلال أسبوعين إلى 4 أسابيع، تم الموافقة علي من قبل 3 شركات، إحداها توقف بها التوظيف تماما، والأخرى تم إلغاء المشروع الذي كان من المفترض أن أعين كمدير له، والثالثة أوقفت خدماتها! أيعقل أن ما يحصل معي صدفة؟

نصحني أحد الأصدقاء بقراءة سورة النمل ويس لمدة 14 يوما، وباليوم الثالث أصابني انخفاض حاد بالضغط بنسبة 78/50، وتم نقلي للمستشفى، وعمل فحوصات ولم يتبين أي خلل طبي، سوى أن ضغطي منخفض، استمر الانخفاض لمدة 3 أيام ومن ثم عاد طبيعيا، واستمررت بقراءة السورتين حتى اليوم الرابع عشر، خلال هذه الفترة أصابني طنين بالأذنين مستمر وخصوصا باليمين، وما زال الطنين مستمرا.

أعتذر عن تشابك الأمور ببعضها، لكن فعلا أنا بحيرة من أمري، وأحاول أن أخرج ما بصدري، جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ مجد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

اعلم وفقك الله أن الله خلق كل شيء بقدر، وأن الواجب على المسلم الإيمان بالقدر خيره وشره، وأن يرضى بما قسم الله له بعد أخذه بالأسباب، وأن يبتعد عن التطير والتشاؤم بالمخلوقات، فلا تأثير لها على الأقدار.

فقد روى أحمد والطبراني من حديث عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " من ردته الطِيَرة من حاجة فقد أشرك" قالوا يا رسول الله ما كفارة ذلك ؟ قال: " أن يقول أحدهم: اللهم لا خير إلا خيرك ولا طير إلا طيرك ولا إله غيرك" [ صححه الألباني في صحيح الجامع ].

قال النووي رحمه الله في شرح مسلم: (والتطير: التشاؤم، وأصله الشيء المكروه من قول أو فعل أو مرئي وكانوا في الجاهلية ينفِّرون ـ أي يهيِّجون ـ الظباء والطيور فإن أخذت ذات اليمين تبركوا به، ومضوا في سفرهم وحوائجهم، وإن أخذت ذات الشمال، رجعوا عن سفرهم وحاجتهم، وتشاءموا بها، فكانت تصدهم في كثير من الأوقات عن مصالحهم ، فنفى الشرع ذلك وأبطله ونهي عنه وأخبر أنه ليس له تأثير بنفع ولا ضر، فهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم "لا طِيَرة " وفى حديث آخر "الطِيَرة شرك" أي اعتقاد أنها تنفع أو تضر إذا عملوا بمقتضاها معتقدين تأثيرها فهو شرك لأنهم جعلوا لها أثرا في الفعل والإيجاد ). وعليه: فكل ما توهمته مما وقع للشركات من إفلاس بسببك فهو تشاؤم منك في نفسك.

ومن أصيب بالتشاؤم واسترسل معه فإنه يؤثر على نظرة للأمور ويسبب له هما وقلقا، قال الشيخ العثيمين رحمه الله: (وإذا ألقى المسلم باله لهذه الأمور فلا يخلو من حالين: الأولى أن يستجيب لها فيقدم أو يحجم، فيكون حينئذ قد علَّق أفعاله بما لا حقيقة له.

الثانية: أن لا يستجيب له، بأن يقدم ولا يبالي، لكن يبقى في نفسه شيء من الهم أو الغم، وهذا وإن كان أهون من الأول إلا أنه يجب عليه ألا يستجيب لداعي هذه الأمور مطلقا وأن يكون معتمدا على الله عز وجل) مجموع الفتاوى.
والذي يظهر من وصفك لحالك أنك تجاوبت مع التفكير السلبي حول نفسك وأغرقت فيه مما سبب لك انهيارا نفسيا، حتى أسعفت للمستشفى.

وما نصحك به صديقك لا يوجد دليل على تخصيص قراءة سورة النمل بهذا الوصف لهذا المرض، بل القرآن كله شفاء لمن قراءة بنية الشفاء وخاصة سورة الفاتحة.

لذا ننصحك بالإقلاع عن هذا التفكير السلبي والابتعاد عن التشاؤم مطلقا، والتوبة والاستغفار منه، فمن وقع في التطير والتشاؤم، فكفارته – كما مضى في الحديث – أن يقول: اللهم لا خير إلا خيرك ولا طير إلا طيرك ولا إله غيرك.

كما ننصحك بتعويد نفسك على التفكير الإيجابي، وكن حسن الظن بالله وكن متفائلا بنفسك طالما أنك ناجح في أعمالك ولا إشكال عليك فيها، فقد يكون هناك أسباب أخرى لفشلها ولا علاقة لك بها، وعليك بكثرة الذكر والتسبيح وسماع القرآن حتى تطمئن نفسك ويذهب ما تشكو منه.

وفقك الله لما يحب ويرضى.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً