الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتعامل مع الكلام المسيء والفاحش من الناس؟

السؤال

السلام عليكم

للأسف في مجتمعنا اليوم صرنا نسمع الكثير والكثير من الكلام الفاحش، وفي كل مكان، حتى إنه أصبح شبه عادي.

أنا شخصياً أسمعها دائماً في المدرسة بين الشباب، لكني -والحمد لله- تركتها منذ زمن، وكما قلت: لا بد أن تكون في أي جملة يتحدثون بها بعض الكلمات الفاحشة، وعندما تسأله لماذا تفعل هذا؟ يقول: أنا فقط أمزح.

هناك بعض الناس يعتقدون أن الشخص الذي لا يتحدث بتلك الكلمات هو شخص ممل، ولكن كما قيل، (يبقى الحرام حراماً ولو فعله كل الناس، ويظل الحلال حلالاً ولو تركه كل الناس).

ما تعليقكم على هذا؟ وما هي درجة وقيمة هذا النوع من الناس؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حمزة حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكر لك عنايتك بالأخلاق الفاضلة، والتزامك بها وأنت في هذا السن، مما يدل على حسن تربيتك ونشأتك الصالحة، نسأل الله أن يثبتك على الحق ويوفقك لما يحب ويرضى.

لا شك أن الأخلاق الحسنة هي الصورة المعبرة عن الشخص، فهي التي تظهر للناس وعلى ضوئها يقيم الشخص.

قد جاء الإسلام بالحث عليها والأمر بها، بل هي من أبرز مهمات بعثة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، قال صلى الله عليه وسلم: (إنما بُعثت لأتممَ مكارم الأخلاق)، رواه البيهقي وغيره.

تعد الأخلاق هي المؤشِّر على استمرار الأمَّة أو انهيارها؛ فالأمة التي تنهار أخلاقُها يوشك أن ينهارَ كيانُها، كما في قولُه تعالى: {وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا} [الإسراء: 16]

قال شوقي رحمه الله:
وإذا أُصيب القومُ في أخلاقِهم * فأقِمْ عليهم مأتَمًا وعويلاً.

الناس اليوم ضعفت فيهم الأخلاق الحسنة، وانتشرت لديهم الأخلاق السيئة؛ بسبب كثير من برامج وسائل الإعلام الفاسدة، ومرافقة الصحبة السيئة، وضعف التنشئة الأسرية للأولاد، وقلة المحاضن التربوية السليمة، وقلة القدوة، وقلة النصح والتوجيه والإرشاد للشباب... وغيرها من الأسباب.

المتمسك بدينة في هذا الزمان له أجر عظيم بسبب قلة النصير والقدوة وكثرة المغريات والشهوات.

على المسلم أن يقدم النصيحة لمن وجد منه سلوكاً منحرفاً بأسلوب مناسب، حتى ولو كان مازحاً، ويبين له أن المزح لا يكون بمثل هذه الألفاظ السيئة، فإن استجاب له، وإلا كره ذلك الخلق السيء منه بقلبه وابتعد عنه؛ حتى لا يتأثر بمجالسته وأخلاقه السيئة.

هؤلاء القوم لا قيمة لهم ولا ثمن، فالإنسان يقيم بخلقه واستقامته.

إنما الأمم الأخلاق ما بقيت * فإن همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا.

عليك أن لا تلتف إلى ما يقوله الناس عنك، فإن سيء الخلق يريد أن يكون الناس مثله سيئين.

ابحث لك عن رفقة صالحة تعينك على الاستقامة والطاعة والأخلاق الحسنة، واصبر على أذى الآخرين، وادع لهم بالهداية وادع لنفسك بالثبات، والله لا يضيع أجر من أحسن عملاً.

وفقك الله لما يحب ويرضى، ويسر أمرك وأصلح حالك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً