الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أمي ترفض الخطاب الذين يتقدمون إليّ دون أسباب منطقية!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بدايةً أشكر كل المساهمين في هذا القسم، وأدعو الله أن يكون في ميزان حسناتكم.

تتكون أسرتي من ثلاث بنات وأربعة أولاد، وأنا البنت المتوسطة، أختي الكبيرة متزوجة وعندها أولاد، وعلاقتي معها ليست مترابطة كثيراً؛ حيث تكبرني بـ 12 سنة تقريباً، ومشكلتي بدأت قبل ثلاث سنوات -أي بعد تخرجي من الجامعة- حيث اكتشفت وبالصدفة وأنا أتحدث مع أختي الكبيرة (حيث بت أتواصل معها في الآونة الأخيرة) أن هناك أكثر من شخص تقدم إلي وتم رفضهم من قبل والدتي دون علمي، والسبب في رفضها لهم أنهم ليسوا من الأسر التي تريد أن ترتبط بهم (الأسر المعروفة).

وكان من بين الذين تقدموا لي من أسرةٍ معروفة، وكنت أعرف أخواته حيث إنهن طيبات، ولكن أمي رفضتهم أيضاً ومن دون علمي، والسبب أن أمه هندية.

وحين سألت أختي الكبيرة: لماذا تقوم أمي بهذا وبدون علمي مع أن الموضوع يخصني؟ فكان ردها أن أذهب إليها وأحدثها في هذا الموضوع، مع أني فتاة خجولة جداً، ولا أتحمل غضب أمي علي بأي سببٍ كان.

ذهبت إليها وحدثتها بعد تردد لعدة أيام، فكان ردها علي (وكانت متضايقة أثناء حديثها معي) أنهم ليسوا من الأسر المعروفة، وحين سألتها: لماذا لم تستشرني في الموضوع قبل رفضها لهم؟ فكان ردها أنها تريد أن تفرحني (أي تُفاجئني) فقلت لها أن تبلغني إذا تقدم أي شخص في المستقبل ولكن دون جدوى؛ حيث علمت أيضاً بالصدفة أن هناك من تقدم ورفضته أيضاً.

وبعد أن شعرت أن عمري يمر بين أعيني طلبت من أختي الكبيرة أن تحدث أمي لتيسر أمري، وأن تضع في ذهنها أني كبرت، وكلما مرت سنة تقل فرص زواجي، ولكن دون جدوى.

وها أنا الآن لم يتقدم لي أي شخص، وأشعر دائماً بأن السبب أمي، حيث أجد كل صديقاتي تزوجن وعندهن أولاد، إلا أنا، حيث أجد تساؤلاً في أعينهم: لماذا لم أتزوج إلى الآن؟ بالرغم من أني معروفة بالطيبة وحسن الخلق، وهذا من فضل ربي .

وأجد كل سؤال يُطرح علي، وهو: لماذا لم تتزوجي؟ كأنه سكين في قلبي.

لا أدري ماذا أفعل؟!! هل أطلب من أختي أن تكلم من يريد الزواج أن يخطبني أم لا؟ بالرغم من تخوفي من طرح هذا الموضوع.

أم هل أصبر وأتوكل على الله؟


أرشدوني أعانكم الله، وادعوا لي جزاكم الله خيراً .


الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ Jewels حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

نسأل الله العظيم أن يسهل أمرك، وأن يغفر ذنبك، وأن يلهمنا رشدنا ويعيذنا من شرور أنفسنا.. وبعد،،،

فلا شك أن هذه الوالدة تريد لك الخير، ولكنها أخطأت الأسلوب والطريق، وكم من مريدٍ للخير لم يصبه! وشكراً لك على احترامها والحرص على رضاها، ولن يضيع الله من تحرص على رضا أمها وتخشى من غضبها عليها.

ولا داعي للانزعاج، ولكل أجلٍ كتاب، وسوف يأتيك ما قدره الله لك في وقته المحدد، واعلمي أن السعادة ليست في الزواج ولا في المال، ولكنها في طاعة الله، وكم من امرأةٍ متزوجة حُرمت السعادة، فاجعلي حرصك على رضا الله، وحافظي على سيرتك الحسنة، وتفكري في نعم الله عليك وهي كثيرة، ولا تنظري وتقارني بما عند الناس، فإن الله قسم الأرزاق وحدد الآجال، وكلنا صاحب نعمة نسأل الله أن يعيننا على الشكر، فإن الله بحكمته يعطي هذه مالاً ويحرمها الولد، ويعطي تلك مالاً وولداً ويحرمها العافية، ويعطي ثالثة المال والولد والعافية ويحرمها من السعادة، والعاقل ينظر إلى من هم أسفل منه في أمور الدنيا، وينظر إلى من هم فوقه في أمور الدين؛ ليتأسى بهم، ويتشبه بصلاحهم ويهتدي بهديهم.

ورغم أنه لم يتضح لي من خلال السؤال أي دور للإخوة الذكور والوالد، إلا أنه من المناسب أن تتدخل أختك الكبرى، وتخبر إخوانها بما يحدث، وتطلب منهم إقناع الوالدة بضرورة أن تأخذ رأيك في كل من يتقدم؛ لأن هذا حقٌ شرعي لكل فتاة؛ لأنها المعنية بالأمر أولاً وأخيراً، وإذا تم هذا الأمر دون تدخلك فهذا هو الأفضل، وإذا لم يحدث فلا مانع من أن تخبري إخوانك وأخوالك وخالاتك، واختاري صاحب التأثير على الوالدة.

وأرجو أن نُذكر الجمع بأن العبرة بصلاح الدين، وكلنا يعلم أنه لم تنفع أبو لهب عمومته للنبي صلى الله عليه وسلم حين رفض دين الله، وأحسن من قال:

لقد رفع الإسلام سلمان فارسٍ *** ووضع الشرك الشريف أبا لهب

وقد وجه النبي صلى الله عليه وسلم المرأة فقال: (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه -دينه وأمانته- فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير).

واعلمي أن كل عيب في الإنسان يمكن إصلاحه وعلاجه، إلا نقص الدين فإنه يقصم الظهور، ويجلب الويل والثبور، ويدفع إلى الندم وعظائم الأمور، ولا تتأثري بكلام الناس فإن رضاهم غاية لا تدرك، ولا يعجبهم حال ولا مآل، فاجعلي همك إرضاء الله، واجتهدي في البر بوالديك، واعلمي أنك تؤجرين على صبرك على ما تفعله الوالدة، وأرجو أن تفكري في نيتها الطيبة لا في عملها، وأكثري من اللجوء إلى من يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء.

وبالله التوفيق.



مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • ليبيا أيوب ميكائيل

    والله نفس الحاله نمر بيها الان

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً