الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تأخرت في دراستي بسبب إهمالي وانبهاري بمجتمع الجامعة الفاسد

السؤال

السلام عليكم.

أنا من أسرة محافظة، ونشأت على الدين، ولكن ما إن دخلت الجامعة حتى تغيرت 180 درجة، انقلب حالي من الفتاة البسيطة المجتهدة الحريصة على رضا والديها إلى فتاة مغرورة ترى الناس أقل منها، لا أدري ماذا أصابني! بدأت أشكك بكل شيء حولي، وأفكر في الخلق وتراودني وساوس عن الله وعن كيفية الخلق.

الجامعة كانت مصدرا كبيرا للاختلاط، رافقت فتيات لا يشبهنني، فتيات من مجتمع وأسر تسمح بالعلاقات العاطفية بين البنات والشباب، واللباس الخالع والتبرج، والأفكار الدينية المعادية للإسلام، ولأكون صادقة انبهرت بهذه الشخصيات، فهي كانت براقة من الخارج، رأيت شيئا لم أره في كل حياتي، نسيت ديني ونفسي، وابتعدت عن الصلاة لمدة سنة كاملة، أصبحت نفسي تحدثني أن أنزع الحجاب، ولكن أهلي لم يسمحوا لي أبدا، وبقيت أرسب بالمواد في الجامعة، وأصبحت كتلة من اللامبالاة، لأن من أرافقهم كانوا هكذا، لا يهمهم نجاح أو رسوب أو علامات.

ثم ابتليت بحب شاب معي بالتخصص وهو لا يحبني؛ لأني محجبة قال لي: إنه يفضل الارتباط بفتاة تخرج بكامل أناقتها وزينتها، ولا يفضل الارتباط بمحجبة لأنها بنظره معقدة، أصابني اكتئاب عميق، والوساوس زادت الأمور تعقيدا.

في يوم من الأيام دعوت الله من كل قلبي أن يفتح بصيرتي ويهديني إليه، وفعلا جاءني الرد من الله، أحسست بشعور غريب، كأن قلبي عاد لينبض من جديد، وبدأت أهتم بدروسي مثلما كنت، ولكن الآن أمر بحالة من الندم شديدة جدا وحسرة على ما ضيعت، تأخرت فصلا عن دفعتي بسبب إهمالي، وماديا أرهقت أهلي برسوبي بالمواد، لم يبق إلا فصل واحد، عمري الآن 23 سنة، وأحس إني أضعت سنين من عمري هباء منثورا، وأحس أيضا إني شخصية ضعيفة للغاية، كيف سمحت لهؤلاء أن يؤثروا على كل معتقداتي وكل ما أؤمن به وكل ما تربيت عليه!

شعور الندم يأكلني، لا أعرف أن أعبر عما في داخلي لأحد، لهذا أنا أكتب لكم، لا أحد يعلم بما مررت به، وبسبب إهمالي للدراسة أول 3 سنوات من التخصص، فإن معدلي وتحصيلي الأكاديمي أيضا بقي متدنيا، سأتخرج بتقدير سيء، وسأعيش كل حياتي أتذكر المأساة هذه، ماذا افعل وكيف أتصرف؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Ala حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بداية نرحب بك في موقعنا، ونسأل الله أن يصلح حالك، والجواب على ما ذكرت.

- نحمد الله تعالى الذي هداك إلى الحق ووفقك بالعودة إلى طاعته، فأنت حاليا في نعمة عظيمة حرم منها الكثير، فأكثري من الثناء على الله تعالى بحمده وشكره، واستمري في طاعته.

- عليك من الآن فصاعدا بنسيان ما حدث في الماضي، وما كنت عليه من البعد عن الله، ولا تفكري أبدا في ذلك الماضي إلا بقدر ما يدفعك إلى المزيد من الطاعة وإصلاح حالك، وأما تذكر الماضي من غير فائدة فإنما ذلك من مداخل الشيطان، لأن المرأة المسلمة إذا عادت إلى الله وتابت توبة صادقة، فعليها أن تعلم أن الله يقبل التوبة عن عباده، وأنه سبحانه غفور رحيم.

- وأرجو أن تعلمي أن ضعف النتائج في مستواك الدراسي كان نتاجا طبيعيا للإهمال الذي كان منك مواكبة للرفقة السيئة، ولكنك الآن وبما أنك قد تداركت ما فات، وعدت إلى الاهتمام بالدراسة، فعليك بنسيان ما مضى، وتقبل النتيجة التي تحصلين عليها بصدر رحب، ويمكن تدارك تحسين المستوى من خلال الخبرة في العمل بعد التخرج.

- أخيرا وبعد أن عدت إلى الله تعالى، وأصبحت في أحسن حال، فعليك أن تبدئي حياة مليئة بالتفاؤل والنظرة الحسنة للمستقبل، واعلمي أن الحياة فيها محطات وأنت حاليا في أحسن حالة فيها، فلا داعي إذاً للشعور بالوسواس أو الحزن، ومع المحافظة على الصلاة، والإكثار من ذكر الله والاستغفار، سيذهب عنك هذا الشعور تدريجيا.

وفقك الله لكل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً