الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الأصل أن الذكر يثمر طمأنينة القلب، فما الذي يحدث معي؟

السؤال

السلام عليكم.

منذ سنوات طويلة أعاني من أرق وخوف قبل النوم إذا سمعت أو قرأت أذكار الصباح والمساء، أو قمت بالتسبيح لفترة طويلة، وغالبا لا أكون منتبهة أنه سيحدث هذا أو أفكر فيه، ويحدث هذا مع الأذكار فقط وليس القرآن، فاليوم لم أنم سوى ساعة واحدة، لأني سمعت الرقية الشرعية صباحا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فاطمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبا بك -أختنا الكريمة-، وردا على استشارتك أقول:

لا بد من معرفة شيء من تاريخ حياتك؛ فلعل قراءة الأذكار أو سماعها ارتبط بأمر من الأمور التي تصيبك بالأرق، وتأتيك نوبات الخوف، ولذلك كلما قرأت أو استمعت لها أو سبحت كثيرا أتاك الأرق والخوف، وقد لا يكون الأرق في ذهنك إلا في آخر الأذكار، أو حتى بعد الانتهاء منها؛ كونك تذكرت ذلك الرابط.

والأصل أن الذكر يثمر طمأنينة القلب؛ حيث قال ربنا وهو أصدق القائلين: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ).

عليك بالرقية الشرعية صباحا ومساء بما تيسر من الآيات القرآنية والأدعية المأثورة؛ فالرقية نافعة مما نزل ومما لم ينزل بالإنسان.

أنصحك ألا تكثري من تناول المنبهات: كالشاي، والقهوة، خاصة فترة ما بعد الظهر؛ فإن لها تأثيرا على الأرق بالذات.

تناولي شاي النعناع والشمار أو اليانسون مع وجبة العشاء أو بعدها، وكذلك تناول فاكهة الشمام (الخربز) فذلك مما يهدئ الأعصاب ويساعد على النوم.

ابتعدي عن النوم في النهار، واجعلي نومك بالليل فقط؛ لأن الخلود للنوم ليلا مع إرهاق الجسم يجعل الجسم يخلد للنوم.

أوصيك أن تستعيذي بالله من الشيطان الرجيم كلما أتتك نوبات الخوف؛ فلعل الشيطان هو من يأتي لك بالوساوس المخيفة، وعليك أن تنظري لمن حولك فستجدينهم لا يعانون مما تعانين منه.

لا بأس بسماع صوت القرآن بعد إكمال أذكار النوم، وليكن بصوت خافت جدا.

أكثري من تلاوة القرآن الكريم، وأقل ذلك أن تقرئي ورقتين بعد كل صلاة بحيث تكملين جزءا كل يوم.

لقد علم النبي -صلى الله عليه وسلم- خالد بن الوليد هذا الدعاء حين اشتكى أرق النوم: (اللهمّ ربّ السموات السبع وما أظلّت، وربّ الأرضين وما أقلّت، وربّ الشياطين وما أضلّت، كن لي جاراً من شرّ عبادك كلّهم جميعا أن يفرّط عليّ أحدٌ منهم أو يطغى، عزّ جارك وجلّ ثناؤك) فاقرئي هذا الذكر كلما أحسست بالأرق.

لا تكثري من التفكير بهذا الأمر، وإن راودك فاقطعيه بأن تشغلي ذهنك بأمور أخرى؛ لأن الاسترسال مع تلك الأفكار يجعلها تتطور في الذهن؛ مما يسبب لك الأرق.

أوصيك بلزوم الاستغفار، والإكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم؛ فذلك من أسباب تفريج الهموم ففي الحديث: (مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ).

اجعلي لنفسك كتابا تقرئينه قبيل النوم حتى إذا أصابك النعاس أغلقت الكتاب ونمت دون أن تنهضي من فراشك؛ فالقراءة بهذا الشكل تجلب النوم وهذا أمر مجرب.

نسعد بتواصلك، ونسأل الله أن يجعل لك فرجا ومخرجا، إنه سميع مجيب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً