الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المشاكل بين الزوجين بسبب الزوجة في تنظيم بيتها وفتورها عن متطلبات الزوج

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
حياكم الله وبارك الله فيكم على مجهودكم لهذا الموقع، جعله الله في ميزان حسناتكم.

أنا من المتابعات لموقعكم الرائع، وبما أني أمر بمشكلة، وتكررت المشكلة عدة مرات حاولت حلها بعدة طرق من بينها التضرع لله والدعاء، وأن أحسن من نفسي ومن طباعي وأن أكثر من الاستغفار عسى يعيننا الله، وبما أني ليس لي خبرة في كيفية حلها أحببت أن أستشير حضراتكم عسى أن تعينوني مأجورين.

أنا متزوجة ولله الحمد من زوج طيب جداً، وأحسبه على خير، ولم تمر السنة على زواجنا، لكن سوء الخلافات والتفاهم بدأت تزيد يوماً بعد يوم، وأعلم أن هذا شيء طبيعي بالنسبة لاثنين لم يعهد لهما الزواج، لكني أشعر بأنه بدأ يزيد أكثر من حده، وبعد تفكير مني ومناقشة مع زوجي أتصور والله أعلم أن السبب الرئيسي لتكرار المشاكل البسيطة هذه عدم معرفتي لكيفية تنظيم حياتي ويومي، فهو يعاتبني أحياناً أني مقصرة في البيت وترتيبه، أو حقوقه هو، وأحياناً يكون على حق وأتحسن لأيام لأني أريد فعلاً أن تقل مشاكلنا، لكنه بما أن عدم نظامي هذا مستمر معي طول حياتي فأرجع لما كنت عليه.

وأعترف أنه يصبر علي كثيراً جداً قبل أن يعاتبني على تقصيري، وجزاه الله عني كل خير، وبما أني أيضاً حامل في الشهر الرابع، فالأمر تفاقم وزاد، وأكون متعبة أو مجهدة، لكن هذا لا يغفر لي لأنه يقول أنت هكذا أصلاً حتى قبل حملك، فبماذا تنصحونني؟ ماذا أستطيع أن أفعل؟

أنا أقرأ كثيراً جداً جداً، وأسأل الأخوات المتزوجات لكي أستفيد من تجاربهن، أحياناً أفكر أن أضع جدولاً لي، أن أنظم أولوياتي، وطبعاً زوجي بعد الله سبحانه سيكون من هذه الأولويات، والبيت جزء منه لأن زوجي في الوقت الحالي لا يعمل، ولا أتصور أنه سيعمل في هذه المدة؛ لهذا هو ينتبه على أشياء كثيرة ويكرر النقاش حتى إني أرى أن هذا الشيء غير مهم بالنسبة لي ولا يستحق كل هذا العتاب.

مشكلتنا الثانية هي حقه علي من ناحية العلاقة الزوجية الحميمة بيني وبينه، أنا قبل الحمل لم تكن لي الرغبة باستمرار، وكان يعاتبني أحياناً أني لا أطلبه للفراش أو أكون أنا المبادرة، شرحت له الوضع بين الفرق الجنسي بين الرجل والمرأة واقتنع قليلاً، لكن بعد الحمل أصبح الأمر أصعب نفسياً بالنسبة لي، ولو لم يطلبني هو لشهر فلا يهمني.

فآخر مرة عاتبني هو، ودعا علي، وحزنت جداً من هذا الأمر، وقلت له: لماذا لا تطلب مني ولن أمانع ولن أرفض حتى لو لم أكن راغبة؟ يقول: إن كرامتي لا تسمح، وأنا أعطيك بعض الإشارات وعليك فهمها، استغربت من هذا الكلام قلت: لا يجب أن يكون بيننا كرامة وهذا الكلام، لكنه لم يقتنع.

وأحاول الآن أن أجد حلاً لهذه المشكلة؛ لأني أعلم أن هذا حقه وواجب علي، وطبعاً أعلم أن هذا ممكن أن يؤدي لغضب الله علي، وأنا هذا الأمر لا أستطيع أن أقبله، فماذا علي أن أفعل؟ قلت له: ما رأيك أن نضع جدولاً؟ رفض الفكرة، فبماذا تنصحونا؟ وخاصة هو عندما يسألني أحياناً هل لي رغبة أقول له مثلاً: لدي ألم أو متعبة، وأتصور أنه فعلاً يريد رأيي، لم أعرف أن هذه هي إشاراته.

بالله عليكم يا أستاذنا الفاضل هل ممكن أن تعطينا بعض النصائح العامة أيضاً لكي نتجنب المشاكل في المستقبل، ولكي يتجنب كل زوجين أيضاً، وخاصة المتزوجين الجدد؟ لأني أشعر أننا مازلنا في مرحلة تعارف الطباع.

وقررت إن حسنت من نفسي والنواقص التي في، عسى أن يرضى هو عني ويفكر في مشاعري أكثر؛ لأنه أصبح في المدة الأخيرة يتكلم بكل شيء، مع أنه يعلم أني شديدة الحساسية، وهذه الحساسية زادت وتضاعفت مع الحمل، لكني أصمت في الغالب لأنني قررت أن لا أعاتبه كثيراً على كل شيء، مع أني أحياناً أحتار، لأني قررت الصمت وعدم حل المشاكل ممكن أن تتفاقم بسببها المشاكل، وأحياناً أخرى أقرأ أن كثرة العتاب بين الزوجين ليس بجيد، فلا أعرف ما هو الحل الوسط.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ Um shahid حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله العظيم أن يبارك لكما، ويبارك عليكما، ويجمع بينكما على خير، وأن يبارك لكما في ذريتكما، وأن يجعل الصلاح ميراثاً في ذرياتنا إلى يوم الدين.. وبعد:

فقد أعجبني ثناؤك على زوجك، وهكذا يكون الوفاء، وبهذا الأسلوب تصل الصالحات إلى القلوب، وقد أسعدني أيضاً حرصك على مشاورة إخوانك في هذا الموقع، ونحن بإذن الله في خدمة إخواننا والأخوات.

مما لا يخفى عليك أن السنة الأولى في الحياة الزوجية فيها شد وجذب، ويزداد هذا الواقع مع مجيء طفل بصورةٍ سريعة، ومع صغر كل من الزوجين، وقلة الخبرة في مجال التعامل مع المرأة الحامل، ولكن لا داعي للقلق، فإن هذا هو ملح الحياة الزوجية، وسوف تصبح هذه المواقف جزءاً من التاريخ، وسوف تُساهم في تقوية العلاقات وتُساعد في فهم النفسيات، وسوف تعود الأمور إلى نصابها وصوابها بمجيء هذا المولود المنتظر الذي هو منحة الوهاب سبحانه، وكم أتمنى أن يشاركك الزوج في قراءة هذه الكلمات حتى تعم الفائدة، ويفهم كل طرف ما هو المطلوب منه، ويدرك بعض ما يحصل للمرأة في مرحلة الحمل وأيام الحيض، فإن شريعتنا العظيمة تأمر الرجل أن يشفق على زوجته ويُقدر ما يحدث لها عند الحيض والحمل والنفاس.

بل إن ربنا الرحيم وضع عن المرأة بعض التكاليف الشرعية تقديراً لهذه التغيرات التي تحدث للمرأة ويصاحبها آلام جسدية وتقلبات نفسية، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم الرجل أن يبغض زوجته، ووضع لذلك مقياساً وميزاناً منصفاً فقال الذي لا ينطق عن الهوى: (لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خُلُقاً رضي منها آخر) والإنصاف يقتضي أن ينظر الإنسان إلى الإيجابيات ثم يضع إلى جوارها السلبيات ثم يتأمل، وكذلك المرأة ينبغي أن تتذكر ما في زوجها من محاسن قبل أن تنظر في عيوبه، وإذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث، وكفى بالمرء نبلاً أن تعد معايبه.

وأرجو أن يعرف الزوج أن المرأة تحتاج لبعض الوقت حتى تتعلم فن التعامل مع الزوج، وأن تجمل الزوجة ونظراتها وتصرفاتها يدل على حاجتها لزوجها، كما أن بعض الزوجات تعبر عن ذلك برفض خروج الزوج أو الابتعاد عنها، وأريد أن أقول لزوجك: إن الكلمة الحلوة والبسمة الجميلة تفعل ما لا يفعله النقد والتجريح الذي غالباً ما تكون نتائجه عكسية، ولابد من اكتشاف مواطن الإثارة عند الزوجة، فلكل زوجة مواطن تُساعد في سرعة إثارتها جنسياً، وتضمن تفاعلها ومحبتها لتلك اللحظات، فبعض الزوجات تثيرها كلمات الإعجاب والغزل، وبعضهنَّ تثيرها النظرة، وبعضهنَّ تثار باللمسة الحانية؛ خاصة إذا كانت في المواطن الحساسة مثل الخدود والنهدين، ومعظم النساء تثيرها القبلة في الشفتين، ولذلك فهي لا تجوز إلا مع الزوجة، وبعضهنَّ يعجبها أن يحضنها زوجها ويدلك ظهرها، وهكذا يختلف هذا الأمر من امرأةٍ إلى أخرى.

أما أنت يا ابنتي العزيزة فلابد أن تعرفي أن هذا الزوج اختارك من بين سائر النساء؛ فاجتهدي في تلبية رغباته، واحرصي على التزين له حتى يعف نفسه عن النظر الحرام، واعلمي أن المرأة العاقلة تتلمس حاجة زوجها وتلتمس رضاه، وإن كان عندك عذر كالمرض فلابد من الاعتذار الجميل، وعوِّدي نفسك المبادرة في بعض الأحيان، فإن ذلك يزيد من تعلق الزوج بك، ويمكن أن تقولي كم أنا مشتاقة إليك لولا خوفي على ما في بطني، وإنه ليسعدني أن أكون بين يديك لولا كذا...

واعلمي أنهم قالوا: (الرجل عبارة عن طفل كبير) بمعنى أنه ترضيه الأشياء اليسيرة من زوجته، كما أنه لا يخفى عليك أن المرأة التي لا تستجيب لزوجها تبوء باللعنات وتدفع الزوج للبحث في أماكن أخرى، وستكون الزوجة هي أول من يدفع الثمن، وقد تتسبب في إيقاعه في الحرام.

ولا يمكن أن نضع جدولاً للمعاشرة الجنسية؛ لأن الإنسان لا يدري متى تكون حاجته الملحة لمعاشرة أهله، كما أن ذلك يحول الحياة الزوجية إلى واجبات مرتبطة بالفراش، والإسلام أرادها مودة ورحمة.

واعلمي أن النجاح في الفراش من أهم أسباب السعادة الزوجية، ولكنه ليس كل شيء، بل لابد للمتعة أن تمتد مع كل لحظة من لحظات الحياة.

وأرجو أن تهتمي بالنظام؛ لأنه يجدد روح الحياة الزوجية ويسرّ الأزواج، والرجل يرغب في أن تكون زوجته نشيطة تسره إذا نظر وتطيعه إذا أمر، قال بعضهم: إن المقصود من تسره إذا أمر ليس مجرد جمال الشكل ولكن يدخل فيه حسن الترتيب والنشاط؛ لأن جمال الأشكال عمره محدود، ولكن النظام وحسن الأخلاق يستمر مع الإنسان في صغره وكبره.

وفقك الله لكل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً