الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من أبر البر أن يصل الرجل أهل ود أبيه

السؤال

السلام عليكم.
أبي متوفى منذ 8 سنوات، وأمي هي التي ربتني أنا وإخوتي، والحمد لله على كل شيء، وأمي من مدة على خلاف مع جدتي (أم أبي)، ولكنها كانت دائماً تسامحها وتقول لأجل أبيكم، ولكن آخر مرة جدتي خاضت في عرض خالتي، وكل العائلة أنبتها بما فيهم أولادها وبناتها، ومن يومها أمي تمنعني من زيارتها بتاتاً، والله لا أحب أن أعصي أمي وأيضاً لا أحب ولا أرضى ألا أبر بوالدة أبي فيكون ذلك عقوقاً له وهو في قبره! ساعدني يا شيخي، وقل لي ما أفعل؟ فوالله إني أخاف الله، فما العمل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ Ameera حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

نسأل الله العظيم أن يوفقك ويسدد خطاك، وأن يُبلغك منازل رضاه، وأن يُلهمنا رشدنا ويُعيذنا من شرور أنفسنا.. وبعد:
فشكراً لوالدتك على صبرها على أم زوجها، وليتها تواصل الصبر، فإن العاقبة والجزاء للصابرين، ورحم الله والدكم وأموات المسلمين، ولك منا كل تقدير واحترام على اهتمامك بالأمر وحرصك على السؤال، وإنما شفاء العي السؤال.

ولا شك أنك مطالبة شرعاً بطاعة والدتك والإحسان إلى الأرحام، وخاصةً جدتك لأبيك، ولكن أرجو أن تكوني حكيمة في تعاملك مع هذا الوضع، وأنت -ولله الحمد- في سن تؤهلك لتقديم النصح لوالدتك، والسعي للإصلاح بين الوالدة والجدة؛ وذلك ينقل المشاعر الطيبة والتذكير بالروابط العظيمة التي ربطت بين الوالدة والجدة، من خلال ذلك الأب الذي أصبح تحت التراب ومن الوفاء له تقدير واحترام كل من كانت له صلة به؛ لأن ديننا يحض على الوفاء، ورسولنا صلى الله عليه وسلم هو إمام الأوفياء؛ فقد كان يعرف فضل صديقات خديجة رضي الله عنها، وكان يقدمهنَّ على غيرهنَّ في الإهداء، ويحسن الترحيب بهنَّ وفاءً لأم المؤمنين خديجة، وتعلم الصحابة ذلك الوفاء من خلال سنة وسيرة النبي صلى الله عليه وسلم وتوجيهاته التي كان منها قوله صلى الله عليه وسلم: (إن من أبر البر أن يصل الرجل أهل ود أبيه).

وإذا كان أبناء الجدة غضبوا من كلامها في خالتك، فلابد من تقدير مشاعرهم ومسامحة والدتهم؛ لأن الخصومة تزيد من انتشار قالة السوء، وتعمق الخصومة وتوسع من دائرتها، ولا يستفيد من ذلك إلا الشيطان الذي يئس من أن يعبده المصلون، ولكنه رضي بالتحريش بينهم؛ لأن شغله أن يوقد نيران العداوة والبغضاء، وهي شرٌ مركب يصحب معه الحقد والحسد والغيبة والنميمة، والاشتغال بعيوب الناس وتتبع العورات، والرغبة في الانتقام، وقطع الأرحام، ومن هنا فالحكمة تقتضي تضميد الجراح ومحاصرة الشر، وأرجو أن يكون للعقلاء من الأهل دور في النصح والإصلاح.

نسأل الله أن يعينكم على طاعته، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً