الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني منذ الطفولة من الرهبة مما سبب لي التأتأة

السؤال

السلام عليكم

لدي استشارة لكم، نسأل أن يتم التشخيص والعلاج الشافي.

أنا بعمر 34 سنة، وأنا منذ الصغر أعاني من الرهبة من المواجهة حتى في المدرسة أتهرب من الواجبات؛ مما سبب لي تأتأة حتى وصولي إلى المرحلة الثانوية، وجاءت إلي أعراض كتمة على الصدر.

حاولت أن أتعالج عند طبيب وقتها لكن بدون نتيجة، تركت الطبيب عندما كنت بعمر 17 سنة، وخلالها كنت أعيش الحياة وربما تأقلمت وأقول غداً لعل وعسى الله أن يشفيني.

كان لدي أعراض الضيق على الصدر مستمرة ليل نهار حتى تم أن توجهت لطبيب نفساني منذ 6 سنين وأعطاني أكثر من 10 أدوية على مدار سنة ونصف، ولم تستجب حالتي لأي تحسن، ولم أشعر بشيء فتركت الطبيب، وإلى الآن أعاني من مشكلة الضيق المستمر على الصدر، مما سبب انقباض الصدر بسبب حالتي النفسية، وكان الطبيب السابق شخّص حالتي على أنها أعراض قلق.

بسبب عدم علاج حالتي منذ الصغر سبب كل ما أعاني منه الآن، وأنا عموماً كنت أصلي وأقرأ القرآن، لكن أصدقائي قليلون جداً، وكنت شبه منعزل اجتماعياً، حتى القلق أشعر به يومياً ليل نهار منذ 17 سنة، حتى في المواصلات العامة يضيق صدري جداً، حتى إني لا أكلم السائق أن ينزلني محطة وصولي، بل كنت أتجنبه وأنزل محطة أخرى بسبب التأتأة.

لقد سبب لي ذلك خوفاً اجتماعياً شديداً رغم أني أعمل بعملي مع أصحابي وأقاربي لا يلاحظون شيئاً عليّ.

عموماً القلق مستمر منذ 17 سنة، وسبب لي انقباضاً على صدري أشعرني بضيق شديد يلازمني، أعتقد أنه بسبب التأتاة والخوف من المواجهة منذ الطفولة.

أتمنى من جانبكم وصف خطة علاجية لحالتي ونسأل الله العافية.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ يوسف حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

أخي الكريم: حالتك واضحة جدًّا، وقد أعطيتنا تاريخاً مرضياً مفصّلاً وبصورة منسّقة، وأنا أٌقول لك: بالفعل لديك شيء من قلق المخاوف ذات الطابع الاجتماعي، ويُعرف عن التأتأة أنها تزيد من القلق وتزيد من الانعزال الاجتماعي، وكذلك الخوف.

أيها الفاضل الكريم: أريدك أن تنظر لقيمة نفسك بصورة إيجابية، لا تحقّر نفسك أبدًا، أنت -الحمد لله تعالى- قطعًا لديك إيجابيات كثيرة جدًّا، وهذه الإيجابيات يجب أن تُقدّرها، ويجب دائمًا أن تفكّر فيها، وأن تسعى لأن تطوّرها.

نصيحتي الأخرى لك هي: أن تسعى دائمًا أن تتكلّم بهدوء، ولا تكتم، عبّر عن نفسك أوّلاً بأوّل، وحاول أن تقرأ القرآن بصوتٍ عالٍ، ويا حبذا لو جلست مع أحد المشايخ لتتعلّم التجويد على أصوله.

إذا كانت هناك أي كلمات تواجه صعوبة شديدة في نُطقها – أو أي أحرفٍ مُعيّنة – يجب أن تختار عدة كلمات تبدأ بالحرف الذي تجد صعوبة في نطقه، وتنطق الكلمة بصوتٍ عالٍ عدة مرات، هذا تمرين جيد جدًّا.

من التمارين المهمّة والضرورية لك هي: أن تتدرَّب على تمارين الاسترخاء، تمارين الشهيق البطيء، ثم حصر الهواء في الصدر، ثم الزفير البطيء، تُكرِّرها من خمس إلى ست مرات، مرة في الصباح ومرة في المساء، وتوجد أيضًا تمارين شد العضلات وإطلاقها، توجد برامج كثيرة جدًّا على الإنترنت واليوتيوب، وإسلام ويب أعد استشارة رقمها (2136015) أوضحنا فيها كيفية ممارسة هذه التمارين، فأرجو أن ترجع إلى هذه الاستشارة وتطبق ما بها من إرشاد.

أريدك أيضًا أن تطوّر من فنِّيات الحديث مع الناس، دائمًا انظر إلى الناس في وجوههم، (واعلم أن تبسُّمك في وجه أخيك صدقة)، هذا كلامٌ عظيم جدًّا ومن الأدب الاجتماعي الرفيع.

لا تتخلف عن الواجبات الاجتماعية، دائمًا شارك في الأفراح، شارك في الأتراح، قم بزيارة الأهل، صلة الرحم، هذا كله علاج وعلاج مهمٌّ جدًّا بالنسبة لك.

أنت تعمل في مخزن: حاول أن تتفاعل مع العاملين معك، كن صاحب مبادرات، لا تكن دائمًا أنت فقط في جانب الاستقبال لما يُقال لك، لا، كن لديك مبادرات، تكلَّم في أمور عامة، اسأل الناس عن أحوالهم. هذه مهمّة جدًّا.

على نطاق الأسرة: يجب أن يكون تفاعلك الكلامي واللفظي والانفعالي إيجابيًّا، ابنِ علاقات وطيدة مع المصلين – أخي الكريم – حين تُصلّي مع الجماعة؛ هذا أيضًا فيه نوع من التعرُّض الاجتماعي الممتاز، وفي ذات الوقت فيه خير كثير لك؛ لأنك سوف تتعرَّف على الصالحين من الناس.

بقي أن أقول لك: الدواء، الدواء مفيد وجيد، وأنت تحتاج لدواء يُسمَّى (سيرترالين)، هذا دواء ممتاز وموجود، تبدأ بجرعة خمسة وعشرين مليجرامًا – أي نصف حبة – تتناولها ليلاً لمدة عشرة أيام، ثم تجعلها حبة واحدة ليلاً لمدة شهرٍ، ثم تجعلها حبتين ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم تجعلها حبة واحدة ليلاً لمدة ستة أشهر، ثم تجعلها نصف حبة ليلاً لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين آخرين، ثم تتوقف عن تناول الدواء، وتدعمه بدواء آخر يُعرف باسم (أولانزبين)، تتناول اثنين ونصف (2,5) مليجرام – أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على خمسة مليجرام – تتناولها ليلاً لمدة شهرين، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

هذا ما أود أن أنصحك به، وبارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً