الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أنا على حافة الانهيار بسبب تحطم أحلامي الدراسية

السؤال

السلام عليكم

قبل أن أطرح سؤالي أود أن أتوجه بالشكر الجزيل للقائمين على هذا الموقع بمزيد من الإنجازات والنجاح.

أما بعد: فنتيجة لزواج الأقارب بين أبي وأمي صارت الأقدار أن أكون مصاباً بنقص السمع، وأبي يعمل كطيار، ومنذ صغري كانت مهنة الطيار هي مهنة أحلامي، بل وأصبحت مولعاً بعالم الطيران وبكل تفاصيله إلى أن تقدمت للاختبار الطبي من أجل دراسة الطيران ولكن بسبب نقص السمع تم رفضي.

قد حدث ذلك قبل أربعة أعوام، ومن يومها أصبحت حياتي جحيماً لا يطاق، ودخلت في حالة نفسية صعبة، وفي بعض الأحيان أظن أني أصبت باكتئاب مزمن بسبب تحطم أحلامي، وأصبحت أهرب من الواقع بقضاء وقت أطول في ألعاب الفيديو ومشاهد الأفلام وإنترنت وحتى قضاء وقت أطول في مشاهدة الأفلام الإباحية!

كل ذلك بسبب حالتي النفسية وضعف الثقة بالنفس وحتى علاقتي مع أبي وأمي تزداد سوءاً يوماً بعد يوم وينتابني غضب كبير، وأتساءل لماذا أنا؟ وأصبحت أتمنى الموت لأنه لم تعد لي رغبة في الحياة.

أيضاً أنا لا أصلي لكن أومن بالله كوني من عائلة مسلمة، وأحياناً ينتابني إحساس أن قلبي أصبح كالصخرة لا تحركه لا كبيرة ولا صغيرة، وبحكم أني في سن الزواج فإني لا أريد ولا أفكر في الارتباط والزواج بسبب حالتي النفسية والصحية.

رجاءً مساعدتي في تجاوز هذه العقبات قبل أن تنهار حياتي، ودمتم في رعاية الله وحفظه.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

موقع الاستشارات يسعد كثيراً بتواصلك معه، ونسأل الله أن يصلح حالك، والجواب على ما ذكرت:

لا شك أن في هذه الحياة الدنيا عبيد لله تعالى، ونؤمن بالقضاء والقدر بخيره وشره من الله، وما حدث من أنك لديك ضعف في السمع كعامل وراثي، هذا أمر مقدر عليك من الله، واللازم عليك أن ترضى بما قدر الله، وتصبر، وتقول "إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها" وأكثر منها، حتى تسلو نفسك وترضى بما قدر الله.

من جانب آخر، كونك لم تُقبل في مجال الطيران، هذا أيضا أمر قدره الله لك، والخيرة فيما اختاره الله، وعليك أيضا أن ترضى وأن تبحث عن مجال يناسب ما أنت عليه من ضعف في السمع، ومجالات الحياة النافعة كثيرة، ولا ينبغي أن تقف عند مجال الطيران، فمثلا أحدثك عن نفسي كنت أحب مجال هندسة البترول، ولكن تخصصت في مجال الشريعة، وهكذا كثير من الناس، فينبغي أن تتقي الله، وأن تسارع في أن تحسم الأمر وتبدأ من الآن مستعيناً بالله ومسترشداً بنصح الناصحين في البحث عن مجال آخر.

أعلم يقيناً أنه سيكون خيراً لك من مجال الطيران، إذا وسعت أفقك قليلاً، وتركت الحرص المبالغ فيه بمجال الطيران وأنت تفقد شرطاً مهماً فيه وهو قوة السمع، كما أنه ينبغي أن تعلم أن هذا المجال مخاطره كثيرة، والخطأ فيه قد يكون ذهاب الحياة برمتها.

من جانب ثان أنا لا أدري ما الذي جعلك تفكر فيما أنت فيه من بعد عن الله، ( بترك الصلاة) ومشاهدة الأفلام الإباحية، وسوء العلاقة مع الوالدين، ونحو ذلك، هذا الذي فعلته ليس حلاً لمشكلتك، بل أنه يزيد الطين بلة، ويفاقم عليك الهموم، ومع هذا لأنك تحمل في قلبك الخير، فكرت التفكير (الصواب حين أدركت أنك) في طريق خطأ، ولهذا كتبت إلينا تريد أن نقدم لك المشورة، وأنا أشير عليك بما يلي:

- تب إلى الله مما أنت فيه وتضرع إلى الله أن يصلح حالك فالله لطيف بعباده.

- أصلح علاقتك بالله بالطاعات والقربات، وأكثر من ذكر الله والاستغفار وأبشر بخير.

- أصلح علاقتك بالوالدين وبرهما، وأعلم أنهما لا ذنب لهما فيما حدث لك، لأنهما لا يعلمان أن هناك ضرراً في زواجهما، وما نتج من كونك ضعيف السمع وراثياً.

- أمر الزواج أمر لابد منه، فهو سنة الحياة، وأنت تفكر فيه ولاشك، ولكنه لن يكون إلا بعد أن تصلح من حالك، وكلما سارعت إلى تجاوز المشكلة النفسية التي أنت فيها، كلما كان الزواج قريباً إن شاء الله.

- لا تكبر ما أنت فيه، فأنت أحسن حالاً بكثير ممن حولك (ممن) فقد حاسةً من الحواس، انظر من حولك من ذوي الاحتياجات الخاصة، وما هم عليه من النقص، ومع ذلك وبإيمانهم بالله، واستعانتهم به، وعملهم الدؤوب تجاوزوا ما لديهم من إعاقة، وعملوا بحدود طاقاتهم، وتحقق على أيديهم الخير الكثير لهم ولأمتهم، اجعلهم أسوة لك، وسارع إلى تجاوز ما أنت فيه، فقطار العمر يمضي (حتى) يتوقف.

كان الله في عونك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً