الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من التعب والملل من الدراسة، ما الحل؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا طالبة طب في السنة الثانية أشكو من مللي من الدراسة وكثرة التهائي عنها، مع أنني في السنة الماضية كنت أدرس جيداً.

تأتيني فترات أدرس بها ولا شيء يلهيني عن الدراسة، ولا حتى أرغب بالنوم، لكن بعدها تأتيني فترة طويلة من الملل من الدراسة وفقط الرغبة في النوم حتى عندما أستيقظ صباحاً أقول لا أريد أن يأتي الصباح حتى لا أستيقظ وأدرس.

علاماتي -الحمد لله- جيدة وأحرزت ترتيباً على دفعتي، لكنني أصبحت أتراجع كثيراً، وأماطل، وأضيع وقتي، حيث أنني أستيقظ الساعة ٧ صباحاً وأنام ١٠صباحاً حيث أمضي ١٥ ساعة لا أنجز بها سوى القليل، وأحس بأن عقلي سينفجر كيف مضت هذه الساعات بدون إنجاز ماذا كنت أفعل وهكذا كل يوم.

أحس بأن صدري يضيق كلما تذكرت ذلك وأكتئب، أين يذهب يومي، مع أنني لا أخرج لمكان ولا حتى أتصفح الانترنت إلا قليلاً،أحياناً يأتيني حالات من كثرة التفكير أعيد وأكرر المعلومة، ولا أحفظ ومن ثم أصاب بالإحباط،أصبحت حساسة جدا لأي كلمة تقال لي، وأفكر في كل الذكريات السيئة، وأحس بأن هذه الحياة ليس بها سعادة فالأنسان تأتيه لحظات السعادة ثم لامحالة سيتبعها الحزن.

لماذا أواجه صعوبة في التركيز والتأمل بينما طلاب آخرين لا يضيعون دقيقة، مع أنني أريد أن أدرس وأرجع بعلامات عالية تسعد عائلتي، لكن كل شيء يلهيني، مثلاً أمامي عدة كتب فوق بعضها وكتاب مائل فأنهض من دراستي لأرتب الكتب، فجأة يخطر لي شيء أفعله وأترك الدراسة هكذا، تعبت من حالتي جداً.

أعتذر كثيراً فلقد أطلت الحديث.

وشكراً جزيلاً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Aya حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بتواصلك معنا- يا ابنتي- وأسأل الله عز وجل أن يفرج همك ويشرح صدرك وينير دربك.
إن كل الأعراض التي تعانين منها (ملل- كثرة نوم- ضيق صدر- عدم القدرة على إنجاز أي عمل وغير ذلك…) تدل على أن لديك حالة من الاكتئاب, وهنالك احتمال أن يكون الاكتئاب عندك يتناوب مع فترات نشاط.

الاكتئاب هو مرض مثل بقية الأمراض يمكن أن يصيب أي إنسان في أي عمر وفي أي مكان, ينتج عن حدوث خلل في توازن النواقل العصبية في الدماغ, وبالطبع هنالك أناس أكثر عرضة للإصابة من غيرهم بسبب وجود مؤهب وراثي, ويبدو بأنك منهم، والخبر الجيد هو أن الاكتئاب أصبح من الأمراض التي يمكن علاجها والحمد لله.

هنالك الكثير من الأدوية التي يمكن أن تحسن من الأعراض لكن يجب تناولها تحت إشراف الطبيب المختصة, لذلك أرى بأن تراجعي طبيبة مختصة بالأمراض النفسية حتى تقوم بتقييم حالتك عن قرب هل هي اكتئاب فقط أو تناوب بين حالة الاكتئاب وحالة النشاط، ومن ثم تحديد نوع الدواء المناسب لك.

الطبيبة أيضاً ستشرح لك بعض العلاجات السلوكية المعرفية كعلاج رديف للدواء, وستشعرين بتحسن بعد تناول الدواء وفي خلال 2-3, أسبوع إن شاء الله تعالى.

إليك بعض النصائح التي ستساعدك كثيراً في حالك:
1- اجعلي لنفسك روتيناً يومياً، وحاولي قدر الإمكان الالتزام به.
2- حددي لنفسك هدفاً تريدين تحقيقه، ولا تستسلمي للشعور بالعجز فهو شعور غير حقيقي في حالات الاكتئاب، وحاولي مقاومته, ومن أجل ذلك ابدئي بالتدريج شيئاً فشيئاً, فقومي بوضع هدف صغير وسهل بحيث يمكنك عمله مثل: غسل الصحون أو( الجلي), أو تنظيف غرفتك أو أي عمل بسيط آخر وكرري ذلك يومياً.

عندما تنجزين هذا العمل على مدار بضعة أيام سيتولد في داخلك شعور إيجابي نحو نفسك، لأنك تمكنت من التحكم بها وستستعيدين ثقتك بقدراتك, بعد ذلك يمكنك إضافة هدف جديد، وهكذا كلما أنجزت هدفاً ضعي هدفاً جديداً بعده، فستجدين بأنه اصبح من السهل عليك إنجاز عدة أمور بنفس اليوم.

3-. عندما تراودك الأفكار والمشاعر السلبية لا تستسلمي لها، ولا تسترسلي فيها، بل قولي لنفسك وبصوت تسمعينه: (إن ما يراودني الآن من شعور بالكسل والعجز وعدم القدرة عل إنجاز أي عمل هو شعور غير حقيقي وغير صحيح, فأنا شابة وسليمة جسدياً, وقد أنجزت في السابق أعمالاً أكثر وأصعب, فأنا كنت متفوقة وبإمكاني الآن أن أحرز نفس ذلك التفوق.

4- اطلبي من والدتك أن توليك مسؤولية عمل شيء مشترك مع أحد أفراد العائلة مثلاً: أن تعتني أو تشرفي على دراسة أختك أو أخيك الصغير, فالشعور بتحمل إنسان مسؤولية يساعد في محاربة الاكتئاب، لأنه يشعرك بأن غيرك بحاجة لك وأنت مصدر أمان له، وهذا يعزز الثقة بالنفس ويؤدي إلى إفراز هرمونات السعادة (دوبامين-اندورفين).

5-مارسي الرياضة بشكل يومي ولتكن رياضة المشي, وابدئي بالتدريج بالمشي 10 دقائق يومياً، ثم قومي بزيادتها إلى 15 دقيقة يومياً إلى أن تصلي إلى المشي مدة ساعة يومياً, فالرياضة أيضاً تعزز الثقة بالنفس وتحفز إفراز هرمونات السعادة.

6- احرصي على اتباع نظام حياة صحي فتناولي الطعام الصحي الغني بالخضروات والفاكهة الطازجة وركزي على الأطعمة التي تحوي على مركب أوميغا 3-6( مثل سمك السالمون - تونا) وعلى الفوليك آسيد( سبانخ - أفوكادو).

7- ويبقى الأهم - يا ابنتي - وهو المحافظة على الصلاة في وقتها وقراءة ورد من القرآن الكريم يوميا, والإكثار من الدعاء والتضرع إلى الله جل وعلا, فهذا سيجلب لك السكينة والاطمئنان إن شاء الله تعالى.

أسأله جل وعلا أن يوفقك لما يحب ويرضى دائما.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً