الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ألم برأسي مستمر، وحرارة يصاحبها نزول دم ما سببها؟

السؤال

السلام عليكم.

أعاني منذ 6 سنوات من أعراض مختلفة، بعضها يذهب ويعود والبعض مستمر، في سنة 2013 جاءتني حالة غريبة، صرت أشعر بدنو أجلي، فقدت طعم الحياة والسيطرة على جسمي، آلام متنقلة في رأسي، وخز في جسدي مع ضعف، وإرهاق وتغير في الرؤية، والغياب عن الواقع، ذهبت عند راق، فقال إنها عين، وراق آخر قال: إنه وسواس شيطاني، ولابد تتغلب عليه.

مع العلم أنه صارت ثلاث حالات وفاة لأقرباء لي في 2012 و2013، بعدها صارت معي هذه الحالة، لم أعد أفكر في المستقبل، وأخاف النوم والصلاة، ودخول الحمام، أتعرق وتصيبني حرارة في جسدي ورأسي حتى أفقد السيطرة.

في سنة 2017 ظهر لي شيء في رقبتي، صرت أخاف كثيرا من مرض خطير، ذهبت للدكتور عملت eco وأخذوا خزعة منها، لم يظهر شيء الحمد لله، وفي نفس السنة أكملت دراستي، ونسيت الحالة كلها بالانشغال بمذكرة التخرج.

مع العلم أن عندي خوف من الامتحانات، مع أني كنت متفوقة في دراستي، وتخرجت بتميز -والحمد لله- لكن في أواخر السنة، وبالجلوس في البيت رجعت إلي نفس الحالة السابقة، لكن مع فقد التوازن، والشعور بالموت، وعدم الرغبة بعمل شيء، وتطورت الأعراض وصارت عندي أعراض جديدة، ألم في رأسي متنقل ومستمر، وحرارة، ويصاحبها مرات نزول دم من الأنف، والخوف من المشي والوقوف والقعود، الإحساس بالسقوط وثقل وشد فيه، أخاف في وقت الصلاة، أشعر بتعرق حتى أكمل الصلاة بسرعة تجشؤ بعد الأكل، تنميل الأطراف، وضعف وإرهاق دائم.

راجعت طبيبة أعصاب وطبيب عام، عملت فحوصات وscanner رأس سليم -الحمد لله- أعتذر على الإطالة، حالتي أرهقتني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Zineb حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

رسالتك واضحة جدًّا، والحالة التي أتتك في عام 2013 كان في جوهرها العام حالة قلق حادّ داخلي تُسمَّى بنوبة الهرع أو الفزع، حتى وإن لم يكن القلق واضحًا، لكن الحالة تحمل كل سمات نوبات الفزع، خاصّة الشعور بدنو الأجل، وبعد ذلك ظهر لديك أعراض قلق المخاوف، يتنقّل هنا وهناك، اختلافات في المحتوى، يزيد وينقص، وهذه هي طبيعة هذه الحالات.

إذًا التشخيص النهائي لحالتك هو (قلق المخاوف)، وهذه الحالات ليست خطيرة، لكنّها مزعجة بعض الشيء، خاصّةً حين تكون مصحوبة بأعراض جسدية مثل الذي تعانين منه، ومعظم الناس الذين يُصابون بهذه الحالات يتخوّفون من الأمراض العضوية خاصّة أمراض الجهاز العصبي، ولذا تجدهم يذهبون لأطباء الأعصاب وغيرهم، وتُجرى الفحوصات المكلِّفة هنا وهناك، وهذا يؤدي إلى المزيد من التوهم.

الحالة حالة نفسية بسيطة، قلق مخاوف أدَّى إلى أعراض نفسوجسدية، وأنت قد أحسنت بأن قابلت طبيب الأعصاب والحمد لله الفحص سليم، ولا داعي لأن تقابلي طبيبا عضويا آخر، إن كان بالإمكان أن تذهبي وتقابلي طبيبًا نفسيًا، فهذا أمرٌ جيد، وإن لم يكن ذلك ممكنًا أنا أوضّح لك التوجيهات العامة لعلاج هذه الحالات وأقترح عليك أحد الأدوية الجيدة المضادة لقلق المخاوف.

أولاً من الناحية العامَّة: ما دمنا قد أوضحنا لك طبيعة حالتك، هذا في حدِّ ذاته يجب أن يكون مُطمئنًا لك؛ لأن الإنسان حين يفهم التشخيص ويقتنع به هذا يُمثّل دفعًا علاجيًّا كبيرًا.

ثانيًا: تجاهل هذه الأعراض أمرٌ مهمٌّ جدًّا، فحاولي أن تتجاهليها بقدر المستطاع.

ثالثًا: أشغلي نفسك بما هو مفيد، أنت لديك عمل، وإذا أحسنت إدارة وقتك يمكن أن تقومي بالكثير والكثير، وهذا قطعًا يصرف انتباهك عن أعراض قلق المخاوف.

رابعًا: ركّزي على ممارسة الرياضة، أي رياضة تناسب الفتاة المسلمة، ركّزي على تمارين الاسترخاء، وتوجد برامج كثيرة جدًّا على اليوتيوب توضح كيفية ممارسة هذه التمارين، تجنّبي النوم النهاري، تجنّبي السهر، وعليه يكون النوم الليلي المبكّر هو الأفضل، حاولي أن تستفيدي من فترة الصباح بعد صلاة الفجر، هذا وقت جميل وطيب، وإذا استفاد منه الإنسان بصورة إيجابية يؤدي إلى استقرار نفسي وفعالية نفسية كبيرة جدًّا، وهذا أمرٌ مهم، علمًا بأن المواد الكيميائية الإيجابية الدماغية تُفرز في فترة الصباح.

خامسًا: أحسني التواصل الاجتماعي، كوني فعّالة، لا تتخلَّفي عن واجباتك الاجتماعية، لا تتخلفي عن صلة الرحم، في داخل أسرتك يجب أن تكوني شخص له حضور وله مشاركات، بر الوالدين أمرٌ عظيم يجب ألَّا ننساه أبدًا.

النقطة الأخيرة: هنالك دواء يُسمَّى (سيرترالين) من أفضل الأدوية التي تعالج مثل هذه الحالات، علمًا بأنه ليس إدمانيًّا أو تعوّديًّا، ولا يؤثّر على الهرمونات النسائية، الجرعة في حالتك جرعة بسيطة، أن تبدئي بنصف حبة (خمسة وعشرون مليجرامًا) يوميًا لمدة أسبوع، ثم تجعليها حبة كاملة لمدة شهر، ثم حبتين لمدة شهرين، ثم حبة واحدة لمدة شهرين، ثم نصف حبة لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لأسبوعين آخرين، ثم يتم التوقف عن تناول الدواء.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً