الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حلفت على من أحببتها كاذبا.. فهل يغفر الله لي؟

السؤال

السلام عليكم..

أحببت فتاة حبا لا يمكن أن يوصف، كذلك هي أحبتني كثيرا، المشكلة أني كنت كثير الكذب والحلف بالله وبوالدتي، وكل هذا كان تهربا من المشاكل معها؛ لأني أحبها ولا أريد أن نفترق، كنت أحلف بالله كاذبا وأحلف بأمي، وندمت كثيرا على ما كنت أفعل.

الآن هي علمت بالحقيقة، وبدأت تدعو علي بالمصائب، فقررت التوبة، وعندما أصلي أحس بأن قلبي أسودا، ولا أستطيع البكاء، فهل يمكن لله أن يغفر لي؟ وأتمنى من كل قلبي أن تمنحني فرصة أخيرة لأظهر لها أني تغيرت، ولن أكذب عليها مرة أخرى، وأرجو من الله أن يسامحني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أيوب حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك – ولدنا الحبيب – في استشارات إسلام ويب.

لا شك أيها الحبيب أن ما فعلته حرام، والحلف بالله تعالى كذبًا معصية، والحلف بغير الله سبحانه وتعالى معصية أخرى، ولكن باب التوبة مفتوح، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الله يقبل توبة العبد ما لم يُغرغر)) يعني: ما لم تحضر لحظات خروج الروح من الجسد وتبلغ الحلقوم، أي قبل الموت، فلا يزال الإنسان في فسحة، والواجب على الإنسان أن يُبادر وأن يُسرع بالتوبة إلى الله، فإنه لا يدري متى يُفاجئُه الموت، والتوبة رحمةٌ عظيمةٌ من الله سبحانه وتعالى، يمحو بها الذنوب والآثام، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((التائب من الذنب كمن لا ذنب له))، والله تعالى دعانا في القرآن إلى التوبة من جميع الذنوب والخطايا، وأنه ما من ذنبٍ إلَّا والله تعالى يغفره لصاحبه إذا تاب، قال سبحانه: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعًا إنه هو الغفور الرحيم}، ليس ثمَّ ذنبٌ أعظم من عفو الله تعالى أو يكبر عفو الله تعالى.

فبادر بالتوبة، ولكن هذه التوبة حتى تصحّ وتُقبل عند الله تعالى لابد أن تكون خالصة لوجهه، أي لابد أن يتوب الإنسان ابتغاء الثواب من الله تعالى، وخوفًا من عقابه سبحانه، لا يريد شيئًا غير ذلك، فإن التوبة عمل صالح، والأعمال لا تُقبل إلَّا إذا كانت بنيّةٍ صالحةٍ، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى))، فالله تعالى لا يقبل من العمل إلَّا ما كان خالصًا له وابتُغي به وجهه، فاجعل توبتك لله ندمًا على معصيته وخوفًا من عقابه، واحذر من أن يُفسد عليك الشيطان هذه التوبة وتتوب من أجل إرضاء هذه المرأة وحتى تعود العلاقة بينك وبينها، فهذه المقاصد لا يصلح أبدًا أن تكون باعثة للتوبة، ولكنّك إذا تبت إلى الله مُريدًا بذلك وجه الله فإن الله تعالى سيُصلح لك أحوالك كلها، وسيسّر لك الأرزاق الحسنة، ومن ذلك أن يُقدّر لك ما يعلمه سبحانه وتعالى من الخير لك في هذه المرأة وفي غيرها.

فبادر بالتوبة مخلصًا، والتوبة تعني الندم على ما فعل الإنسان من الذنب، والعزم في القلب على ألَّا يرجع إليه في المستقبل، مع ترك هذا الذنب في الحال، فإذا فعل ذلك تاب الله تعالى عليه.

وأمّا استمرار العلاقة بينك وبين هذه الفتاة: فإن كان يترتّب على ذلك لقاءٌ لها وخلوة بها، أو أن تُكلّمك وتُكلّمها بكلامٍ فيه لين وخضوع من قِبلها وترقيق للصوت، أو كلامٌ فيما يتعلّق بالحب ونحوه، فإن هذا كله لا يجوز، والواجب عليك أن تقف عند حدود الله تعالى، وإذا أردتَّ أن تخطب هذه الفتاة فينبغي أن تتقدّم لخطبتها من أهلها.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقك لكل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً