الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وثقت بصديقي لكنه خان الصداقة وأخذ مالي، ماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم

شكرا على مجهوداتكم الجبارة.

عمري 29 سنة، تعرفت على صديق منذ حوالي 4 سنوات، وجعلته كأخ لي، أو أكثر من أخ وأنا إنسان ملتزم إلى حد ما، لا أقبل على المحرمات، أحب الله والرسول على الرغم من تقصيري، أتجنب الغيبة والناس، وملتزم وطموح.

جرني هذا الصديق إلى المعاصي، لكن سرعان ما تبت، يعني معصية تخص البنات والكلام معهم ولقائهم، -والحمد لله- ابتعدت عن هذه المعاصي.

مشكلتي انا هذا الذي اعتبرته أخي كان محطما ماليا فساعدته في كل شيء، حتى تمكن من تجاوز الأزمة، ثم شاركته في تجارة، وجلبت هذه التجارة له ونجحت، والمال يدخل منها بعد ثلاث سنوات.

المشكلة أن هذا الصديق بدأ يلمح لي بعمل الشذوذ الجنسي، وينظر لي بنظرات غريبة سببت لي أزمة نفسية، وأتناول الدواء النفسي، وأتذكر ما فعلته لأجله، كما أن أصدقائي كلهم لاحظوه، ولكنني كنت أعمى؛ لأنه كان أكثر من أخ، ورسولنا الكريم أخبرنا أن من السبعة الذين يظلهم الله يوم لا ظل إلا ظله: اثنان تحابا في الله.

كنت أعتبره كأخ لم تلده أمي، ثم إن هذه التجارة ذات المال الكثير هي كل ما أملك، والآن بعد التفكير الكثير هجرت هذا الإنسان، وتركت القليل من التواصل بغية متابعة التجارة (مرة كل شهر)، ولكن هذا غير مجد.

تلك النظرات الناقصة أزّمتني، وأريد أن أبتعد عنه بصفة نهائية، واحتسبت الرزق من الله، علما بأن المبلغ كبير جدا، واستثمرت كل ما أملك، علما أن كل الأوراق مسجلة باسمه، لا أدري إذا كان سيعطيني حقي أم لا؟

عرسي على الأبواب، تأزمت نفسيتي كثيرا لأنني لم ألحظ هذا الشيطان، ودائما أقول في نفسي: الناس ستظن أنني مثلي، علما أنني لم أفعل الحرام سواء مع رجل أو امرأة، ولم أستطع المضي قدما في حياتي بعد ان أتذكر كم كنت غبيا، رغم أنني موهوب، وعلى قدر عال من الذكاء في مجالي، وأتقن 4 لغات، والكثير من البرامج.

أشيروا علي في هذه المشكلة، وأريد حلا من حلولكم الرشيدة، هل أصبر حتى أحصل على مالي، أم أبتعد وأقطع علاقتي نهائيا، وأحتسب الرزق عند الرزاق، وهل يحق لي أن أدعو عليه؟

مرضت وأصابني اكتئاب وهم منذ سنة، يوميا أنام وبقلبي غصة.

آسف على الإطالة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Knani حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد

فمرحبا بك -أخي الكريم- وردا على استشارتك أقول مستعينا بالله تعالى:

إن استطعت أن تنصح هذا الشخص وتأخذ بيده كي يستقيم على أمر الله تعالى فهذا مطلوب منك، واحتسب الأجر عند الله تعالى، لكن إن خشيت أن يؤثر عليك فالسلامة أولى.

إن استطعت أن تسلط عليه بعض الصالحين للأخذ بيده كي يترك ما يمارسه من هذه المعصية الشنيعة فذلك يتوجب عليك، فاجتهد في ذلك.

في حال خشيتك من تأثيره عليك فاجتهد في عدم الاختلاط أو الاختلاء به، ولا تصغ لما يحاول أن يجرك إليه ، وتشاغل في أمورك الخاصة وإدارة التجارة.

أنصحك أن تستشير محاميا حاذقا في مشكلة التجارة وكتابة الوثائق باسمه، فلعله يرشدك إلى طريقة مناسبة فيما لو رفعت قضيتك للمحكمة إن رفض أن يدفع لك حقك.

إن أشارك إلى أنه لا توجد طريقة وأنه في حال رفع القضية للمحكمة سيحكم له؛ لأن الوثائق كلها باسمه فعليك أن تسلك ما سيأتي.

استمر في إدارة العمل مع استخراج ما استطعت من المبالغ شيئا فشيئا فأنت تستحق رأس مالك، إضافة إلى نصف الأرباح، فإن قدرت على استخراج ذلك بأي طريقة كانت فافعل، واجتهد في ألا يشعر بذلك؛ لأنه يخشى أن يتهمك بالسرقة طالما وجميع الوثائق باسمه.

إن استخرجت مالك وتعسر الأخذ بيده فاترك هذا الشخص وشأنه، وانشغل بأمورك واحرص على مصادقة الصالحين، وابتعد عن رفقاء السوء؛ لأنهم سم زعاف كما قال -عليه الصلاة والسلام-: (إِنَّمَا مَثَلُ الجَلِيسِ الصَّالحِ والجَلِيسِ السّوءِ كَحَامِلِ الْمِسْكِ وَنَافِخِ الْكِير، فَحَامِلُ الْمِسْكِ إمَّا أنْ يُحْذِيَكَ وَإِمَّا أنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً، وَنَافِخُ الكِيرِ إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً) ويقول -عليه الصلاة والسلام-: (المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل) ويقال في المثل: الصاحب ساحب.

احرص على أداء ما افترض الله عليك وأكثر من نوافل الأعمال الصالحة فإن ذلك من أسباب قوة الإيمان ومما يجلب للمرء الحياة الطيبة كما قال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).

تضرع بالدعاء بين يدي الله تعالى وأنت ساجد، وسل ربك أن يصلح هذا الرجل وأن يلهمه الرشد ويرزقه الاستقامة وأن يجنبك شره ويرزقك الاستقامة والثبات على دينه.

أكثر من دعاء ذي النون (لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَاْنَكَ إِنِّيْ كُنْتُ مِنَ الْظَّاْلِمِيْنَ) فما دعا به أحد في شيء إلا استجاب الله له يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الحُوتِ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ).

الزم الاستغفار، وأكثر من الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- فذلك من أسباب تفريج الهموم وتنفيس الكروب ففي الحديث: (مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ).

نسعد بتواصلك ونسأل الله لك التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً