الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من أعراض نفسية، هل أنا مصاب بالفصام؟

السؤال

سوف أشرح لكم بالتفصيل ما واجهته بعدما رحلت مع أهلي عن القرية التي سكنا بها إلى مدينة، وكان عمري حينها 14 عاماً، انتقلت بالطبع إلى المدرسة الجديدة، وعندها كنت أعاني من الخجل، ولم أكن أتفاعل مع من في صفي وأصبت بالاكتئاب مرات عدة، علماً أنه كان لي الكثير من الأصدقاء في المدرسة الأولى.

حاولت مراراً أن أتفاعل وأن أصبح شخصاً طبيعياً، لكن سرعان ما أعود لحالتي الأولى، وهكذا بقي بي الحال في الصف، إلى أن قررت الرجوع إلى مدرستي الأولى والبعيدة عني بسبب ما واجهته، وعندما رجعت -تخيل يا دكتور- أنه بقي لدي نفس الخجل، وكأني مثل التمثال في الصف، فقدت كامل شخصيتي ومعها أيضا أصدقائي القدامى.

رجعت مرة أخرى للمدرسة الثانية وبقي الحال على ما هو عليه، إلى أن أصبحت في الثانوية وبدأت الدراسة بهمة عالية، علماً أني مجتهد، ولدي حلم لتحقيقه.

مشكلتي الكبرى بدأت هنا عندما انعزلت تماماً عن العالم، اعتمدت تماماً على الدراسة الجديدة (الاونلاين) من المنزل ولم أكن أذهب إلى المدرسة ولا إلى المراكز التعليمية.

في البداية لم تكن أموري سيئة مثل الآن، فقد كنت أدرس أولا بأول وأموري طبيعية، إلى أن أصبحت لدي أمور غربية، أصبحت أتوقف عن الكلام فجأةً أثناء الحديث وأنسى ما كنت أتحدث عنه، ويعم الصمت لثوان، أصبحت لا أجد الكلمات المناسبة للتعبير عند الحديث، أصابني تشوش في الأفكار ومشاكل في التواصل البصري حتى مع أهلي، أحياناً أكون أدرس مع والدتي -فهي معلمة- فأرتبك عند الحل وأتشوش ذهنياً في أبسط المسائل، أتمنى وصف دواء جيد لحالتي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

رحلتك هذه وتنقُّلك ما بين المدارس يدلّ على أنه قد أصابك ما نُسمِّيه بعدم القدرة على التكيُّف، لذا دخلت في العُسر المزاجي، وبعد ذلك الحمد لله استقرّت الأمور حين كنت في الثانوية، وبدأت الدراسة بهمّة عالية، وهذا يعني أنك قد تكيّفت مع الوضع الجديد، والآن أتى موضوع الحجر المنزلي وطريقة التعليم الـ (أون لاين)، وأنا أعتبرها من الأشياء الجيدة جدًّا، من الأشياء التي أثبتت نجاحها لدرجة كبيرة، لكن الحجر في حدِّ ذاته طبعًا يؤدي إلى الضجر وإلى الملل، وقد تكون الطريقة طريقة رتيبة جدًّا.

أعتقد أن ما تعاني منه هو نوع من القلق النفسي الداخلي أدّى إلى تشوش الأفكار وتطايرها وعدم ترابطها، وحتى موضوع التواصل البصري مع أهلك هو نوع من التجنُّب، هذا ناتج ممَّا يُعرف بالقلق التجنُّبي، وانقطاع الكلام: أعتقد أيضًا أنه ناتج من القلق، وأنت أيضًا تُراقب نفسك بشدة شديدة، وهذا أدَّى إلى هذه الإفرازات.

لا أراك تعاني أبدًا من أعراض الفصام، فلا تنزعج، إن شاء الله هذا القلق وإفرازاته تكون مؤقتة، أريدك أن تكثّف من الرياضة حتى وإن كان داخل البيت، الرياضة فيها حلّ ممتاز جدًّا لمثل هذه الأعراض، ولا تجهد نفسك، واحرص على النوم الليلي، لابد أن تنام ليلاً نومًا جيدًا، وتحس في الصباح – خاصة مع صلاة الفجر – أنه لديك طاقات جيدة ومتجددة، وهذا قطعًا ينتج عنه حُسن في التركيز وفي الانتباه، والبكور دائمًا جيدًا، حاول أن تستفيد منه، وبجانب الرياضة طبّق تمارين الاسترخاء التي ننصح بها دائمًا، تمارين التنفس المتدرج على وجه الخصوص نعتبرها فاعلة وممتازة جدًّا، قم بترتيب غذائك، ولا تُكثر من تناول الشاي والقهوة وكل محتويات الكافيين.

أنا أعتقد أن هذا يكفيك تمامًا، لكن حتى تطمئن أكثر نصف لك دواءً بسيطًا، وهو عقار (سبرالكس) والذي يُعرف علميًا (استالوبرام)، تحتاج له بجرعة صغيرة جدًّا، وهي: خمسة مليجرام يوميًا لمدة أسبوع، ثم اجعلها عشرة مليجرام يوميًا لمدة شهرٍ، ثم خمسة مليجرام يوميًا لمدة أسبوعين، ثم خمسة مليجرام يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين، ثم تتوقف عن تناوله.

أنا أرى أن الحالة حالة ظرفية عابرة، نتجت من عدم القدرة على التكيُّف، ولا أراها أبدًا مُقدمة لمرض الفصام أو لها علاقة به.

حفظك الله، ونشكرك كثيرًا على ثقتك في استشارات إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً