الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من وسواس قهري، ما العلاج؟

السؤال

السلام عليكم

ما أعانيه من أمراض تخطت الأمراض النفسية في اعتقادي، فأنا أفقد الثقة بنفسي، وأعاني من خجل ورهاب اجتماعي، وخوف شديد وإحباط وتشاؤم، وليس هذا ما يؤلمني فحسب، بل الذي يؤلمني هو انهياري من الداخل، وعملية الشد والجذب التي أعيشها.

أنا في حيرة في نفسي من الوسواس القهري الذي يتنوع علي، وأجد نفسي أناقش مواضيع عديدة، وكلما حاولت الفكاك منها أجد نفسي أفكر فيها، وكرهت نفسي بسبب هذه الأفكار، وكثيرا ما تمنيت الموت.

مثلا: نحن ننتمي إلى قبيلة، قال لي أجدادي أننا عدنانيو النسب، ولدينا نسب في الأسرة إلى عدنان، ولكن عندما تفرست في ملامحنا وجدت أننا شديدي الشبه بالقحطانية، ومنذ ذلك الوقت أنا في حالة صراع دائم قرابة الثمانية أعوام، واستعملت علاجات نفسية كثيرة مثل اميرام 25 وانافرانيل وغيرها، وأرى أن مشكلتي سلوكية أكثر من دوائية، فما الحل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبدو حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله تعالى لك الصحة والعافية.

أخي الكريم: ليس لديك وسواس قهري بمعناه المُطبق الشديد، أنت لديك قلق المخاوف الوسواسي، وهذا هو الذي أدخلك في الأفكار المتضاربة وحديث النفس الكثير ذو الطابع الوسواسي، وقطعًا هذا كله يؤدي إلى المخاوف، ويؤدي إلى التوترات، ويؤدي إلى شعورك بعدم الكفاءة الاجتماعية، وأيضًا يؤدي على عسر في مزاجك.

أعتقد أن المشكلة بالفعل هي سلوكية لا شك في ذلك، والعلاج الدوائي يلعب فيها دورًا، لكنه دورًا بسيطًا، ليس دورًا كبيرًا.

أولاً: يجب أن تحقّر كل فكر سلبي، وهذا هو أكبر وأفضل علاج سلوكي، أي فكر سلبي يأتيك خاطب الفكرة قائلاً: (أقف، أقف، أقف، أنت فكرة حقيرة، أنا لن أهتمّ بك أبدًا)، إذًا تجاهل الفكر السلبي قبل حواره وقبل مناقشته وقبل تحريره هو الطريقة الناجعة جدًّا لأن يستبدل الإنسان الفكر السلبي بفكر إيجابي.

الأمر الآخر هو: أن تُقيّم نفسك على أسس جديدة، الله تعالى كرّم الإنسان، فكيف للإنسان ألَّا يُكرم نفسه، كيف لك أن تُقيّم نفسك تقييمًا سلبيًّا؟ هي أفكار سلبية طائشة، يجب ألَّا نقدّرها ولا نحترمها، لا، خذ بما عرفناه من ديننا، وهو أن الله تعالى قد كرمنا، وهذا يجب أن يكون مبدأنا وأن يكون سلوكنا على هذا الأساس.

إذًا هذه عملية فكرية سلوكية أخرى يجب أن تتدبّرها وأن تتمعَّنها، وعلى ضوئها تعيد تقييم نفسك، سوف تجد أنه لديك إيجابيات كثيرة في الحياة، وهذا قطعًا سوف يُقلِّص التفكير السلبي لديك، وتقييمك السلبي لنفسك.

نقطة ثالثة هي سلوكية عملية مهمّة جدًّا، وهي: التواصل الاجتماعي والقيام بالواجبات الاجتماعي، وبناء نسيج اجتماعي فعّال، -الحمد لله تعالى- في السودان الناس تتواصل، والآن هناك دراسات حتى من الغرب أتتنا تُفيد أن الذين يحترمون واجباتهم الاجتماعية ولديهم نسيج اجتماعي جيد وممتاز هم أسعد الناس.

لا تتخلف عن الناس أبدًا، اذهب إلى الأعراس، لبّي الدعوات، امش في الجنائز، عليك بزيارة المرضى، تقديم واجبات العزاء، صلة الرحم، البر بوالديك.

هذه أسس وأُطر علاجية عظيمة، مهما كانت مشاعرك ومهما كانت أفكارك سلبية يجب أن تكون أفعالك إيجابية على هذا النمط.

والأمر الآخر وجدناه مفيدًا جدًّا، وهو: الصلاة مع الجماعة، الصلاة مع الجماعة بجانب الأجر العظيم سبع وعشرين درجة في كل صلاة، ما شاء الله تبارك الله ولا حول ولا قوة إلَّا بالله، هذا كنز عظيم، يجب على المسلم أن يحرص فيه، -والحمد لله- أيضًا في السودان المساجد منتشرة، والجماعات موجودة.

أطِّرْ بناء شخصيتك من خلال الصلاة مع الجماعة، وتلك الوقفات الجميلة التي تحدث بعد الصلوات في السودان ما بين المصلين، وتلك التنبيهات التي يُنبه لها في المساجد، وتلك الدروس التي تُقام، هذا نوع من التوازن والتفاعل الاجتماعي الممتاز جدًّا.

أنصحك بالرياضة، رياضة المشي، تُخصِّص على الأقل ثلاثة إلى أربع مرات في الأسبوع، أربعين دقيقة وما فوق، علاج ممتاز.

تجنب النوم النهاري، اجتهد في عملك.

وبالنسبة للعلاج الدوائي: تستعمل فقط علاج (سيرترالين)، ابدأ بخمسة وعشرين مليجرامًا ليلاً لمدة عشرة أيام، ثم اجعل الجرعة خمسين مليجرامًا ليلاً لمدة شهرٍ، ثم مائة مليجرام ليلاً لمدة ستة أشهر، ثم خمسين مليجرامًا ليلاً لمدة ستة أشهر أخرى، ثم خمسة وعشرين مليجرامًا ليلاً لمدة شهرٍ، ثم خمسة وعشرين مليجرامًا يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً