الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف نقنع ابن أخي بأضرار وفتن التلفونات؟

السؤال

السلام عليكم.

ابن أخي في الصف الثالث الثانوي، وبأمر الله عز وجل سيدخل الجامعة هذا العام، ويريد أن نحضر له تلفونا، ونخشى عليه من الواتس والفيس واليوتيوب والرسائل والإنترنت وغيرها من هذه الأمور، وبدأت أبعد هذه الفكرة عنه؛ لأن هذا الأمر خطير ودمار عظيم على دينه، وخاصة وهو شاب وفيه شهوة وفراغ ورغبات وصحبة، وكل هذه الظروف سوف تدفعه إلى الوقوع في المعاصي بصورة عظيمة، ودمار دينه، علما أنه يريده لمشاهدة البرامج الدينية والرياضة، فأخبرته أن هذه خطوات الشيطان يبدأها معه ثم يوقعه في الحرام؛ لأنه لا يمكن أن يظل يشاهد الدين والرياضة، فالنفس والشيطان لن يتركاه، إلى جانب أن الدين والرياضة نفسها تتخللها فيديوهات وإعلانات سيئة، وأنا شخصيا لا أحمل مثل هذه التلفونات خوفا على نفسي من الفتنة.

هل نشتري له التلفون مع غلبة المفسدة والمعصية على المصلحة أم لا؟ كلمة من سيادتكم تنصحه فيها بالبعد عن شراء هذا التلفون لأن فيه فتنة عظيمة.

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ هاني حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك – أيها الأخ الفاضل – في موقعك، ونشكر لك الاهتمام بأمر ابن أخيك، وعمّ الرجل صنو أبيه، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُصلح لنا ولكم النية والذرّية، وأن يقر أعيننا بصلاح الأبناء والبنات، وأن يُلهمنا رُشدنا، وأن يعيذنا من شرور أنفسنا.

الأمر كما ذكرت: الجوال لا يخلو من المشكلات، ولا يخلو من البرامج التي تؤثّر تأثيرًا بالغًا وسيئًا على شبابنا، لكن هذا الجوال هو عبارة عن نافذة يفتحها الإنسان إلى الشر إذا أراد، وقد يستخدمها في الخير إن رغب في ذلك، مع قلّة أبواب ونوافذ الخير التي أصبح أهل الشرِّ يزاحم فيها – كما أشرت – بدعاياتهم وإعلاناتهم المرغّبة في الشر، ويُضاف إلى ذلك التقصير من أهل الحق والخير في أن يطرحوا برامج قادرة على المنافسة وقادرة على جذب الشباب وجذب سائر الفئات، والشيطان يعمل مع أجناده، ونسأل الله أن يُعين أهل الخير على طرح البدائل المناسبة وعلى النجاح في إقناع أبنائهم وبناتهم في البُعد عن مواطن الشرور، سواء كان عبر هذه الوسائل أو على أرض الواقع، فإن الشر هو الشر، والمؤسف في الشر الذي يأتينا عبر مواقع التواصل، وعبر هذه الهواتف، هو أنه شرٌّ يدخل إلى بيوتنا وإلى جيوبنا بل إلى قلوبنا دونما استئذان، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُصّرف قلوبنا على طاعته، وأن يثبتنا على الحق حتى نلقاه، هو وليُّ ذلك والقادر عليه.

وأرجو أن يعلم الابن الكريم أن الذين صنعوا هذه التقنية يضجُّون الآن من آثارها ومن أضرارها، بل وقفتُ على مقال يتكلّم فيه عن أن الذي ابتكر بعض هذه المواقع والبرامج التي يأتي من ورائها الشرور لا يسمح لأبنائه بمشاهدتها والدخول عليها، ذلك لأنهم على قناعة بأضرارها، لكنهم فعلوا ذلك لأن همُّهم الربح التجاري، ونحن كأُمّة ندفع جريمة تأخُّرنا نحن حملة القيم، فأصبح مَن يُقدّم للناس الشر ومَن يُعينهم على الشر بكل أسف.

وأرجو أن نذكر أيضًا بقصة تلك الأُم الأمريكية، التي اشترت لولدها الجوال لما بلغ ثلاث عشر عامًا أو نحوها، ولكنّها قبل أن تُعطيه الجوال اشترطت معه تسعة عشر أو حوالي عشرين شرطًا، عملت معه اتفاقية، وهذه تنطلق لا من إيمانها ولكن من حرصها على دُنيا هذا الولد، فكيف بنا نحن الذين في ديننا هذه القيم العظيمة التي تُحرّم الفواحش ما ظهر منها وما بطن، هذا الدين الذي فيه قول الله: {إن السمع والبصر والفؤاد كلُّ أولئك كان عنه مسؤولاً}.

إذا نجح الإنسان واستطعتم أن تقنعوا ابننا الكريم بالبُعد عن هذا الشر فهذا خيرٌ كثير، وإذا اتفقتم معه على أن يكون الاستخدام مُقنَّنًا ومحدودًا وتحت إشرافكم، لأن هذه الأم الأمريكية غير المسلمة طلبت من ولدها أن يكون الرقم السري معروفًا، وأن يردّ بأدب، وألَّا يُزعج الآخرين، وألَّا يُرسل رسائل يستحي من ذِكرها جهرًا.

كذلك أيضًا أشارت إليه بضرورة ألَّا ينظر إلى الصور الخليعة والبرامج الفاسدة، وحذرته من أن يُرسل صورة أو جزء من أجزاء جسده، ثم دعته إلى أن يتحرر من الجوال ومن الكمبيوتر وينطلق، يتأمّل في كون الله تبارك وتعالى، ينظر في الآفاق، يستمع لأصوات العصافير ويستمتع بجري الأنهار.

هذه معاني من الأهمية بمكان، فإن الجوال أصبح يأسرنا، أصبح هو الذي يقودنا، بل أصبح يستعبد بعضنا إن صحت الكلمة، ليُصبح هذا الجوال صنم ووثن يعكف عليه كثير من الناس.

هذا الابن نسأل الله تبارك وتعالى أن يعينه على الخير، وأن يعينكم أيضًا على إقناعه بالبُعد عن مواطن الشر، ومنها الاستخدام غير المنضبط للجوال، فإن كان هناك ضرورة فليكن الجوال بلا خدمات، الجوال من النوع الأول الذي كان موجودًا، وهو الذي يُحقق للإنسان ما يُريد، فمتى ما أراد أن يتصل على والديه أو يتصل عليه والديه أو يتواصل معه أحد، هذا النوع من الجوال أعتقد أنه يُغني ويستطيع الإنسان أن يستفيد منه الفوائد الكبرى.

أمَّا البرامج المفتوحة والمتاحة فهذه لا نشجّع فعلاً الدخول إليها، وإذا كان لا بد منه لظروف دراسة أو للدخول للإنترنت عن طريقها فليكن ذلك بعد تقنين وبعد تنمية لروح المراقبة لله تبارك وتعالى في نفوسنا، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعينكم على الخير، ولك تحية، ولابننا تحية، وهو يصل هذا العمر، ونحن نخاطب عقله ووعيه، ونذكّره بأن سلامة الصدر وسلامة النفس لا يعدلها شيء، وأن الراحة في طاعتنا لله تبارك وتعالى، وأن من غض بصره فتح الله بصيرته للعلم وللمعارف والنجاحات.

هذه وصيتنا لكم جميعًا بتقوى الله، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً