الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل أوافق على الخاطب الذي أحبه ولكن تدينه عادي؟

السؤال

السلام عليكم
شكراً جزيلاً على موقعكم الجميل.

أرجو منكم الرد سريعاً؛ لأن أهل الخاطب ينتظرون جوابي قريباً.

عندما كنت صغيرة جدًا أحببت ابن عمتي وتمنيته زوجاً، وكبرت وأنا أدعو الله بذلك، ودرست علوم الشريعة وتعلمت ديني أكثر، وأيقنت أن كل ما يريده الله خير حتى لو كنا نكرهه، وسلمت أمري لله ورضيت بقدره وقسمته.

منذ مدة فوجئت بأن ابن عمتي هذا يريد خطبتي، وضعت مشاعري جانباً فلا يمكنني الزواج بناء على الحب فقط، وسألت عن صفاته، هو عادي جداً، يحافظ على الفرائض ويجتنب الكبائر، لا يدخن، يشهد الجميع بحسن خلقه، بار بوالديه، كريم، مرن، متفهم، مرح جداً، صادق وحنون، صاحب مسؤولية ووعي. يدرس الطب، ومستواه المادي جيد، تربى في عائلة متدينة، لكن بسبب الغربة هو ليس بذاك التدين الآن، ومتأثر بعض الشيء بأفكار المجتمع الغربي، يستمع إلى الموسيقى، ولا يمانع من الاختلاط، ولكنه لن يجبرني عليه.

حصلت مكالمة فيديو بيني وبينه كونه يدرس في الخارج، ولا يستطيع القدوم حالياً. أنا أحبه، وارتحت له كثيراً، لكنني خائفة من دينه، أشعر بالتوافق معه في كثير من الأشياء إلا الدين، أرى أن هناك فارقاً في التدين، كما أنه قد يستقر هنالك، وأنا أسكن في مكة، وأرى أن تركي لها وموافقتي على الذهاب لدولة أوروبية كفر نعمة.

خائفة من أن أختار الحب وأكون قد ضحيت ببعض ديني وبمكة المكرمة، فيعاقبني الله بالندم والشقاء مستقبلاً، فهل موافقتي عليه خاطئة ولا ترضي الله؟ وهل ينطبق عليه حديث النبي صلى الله عليه وسلم باختيار صاحب الدين والخلق؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نور حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك – ابنتنا الفاضلة – في موقعك، ونشكر لك الثناء على الوقع، والاهتمام بالتواصل في هذه المسألة، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعينك على الخير، وأن يُقدّر لك الخير، وأن يجمع بينك وبين ابن عمّتك على الخير، وأن يكتب لكما السعادة والتوفيق، هو ولي ذلك والقادر عليه.

لا شك أن الشاب المذكور بهذه المواصفات مناسب جدًّا، وندعوك إلى عدم التفريط فيه، لأن الأساسيات موجودة، فهو يتميّز بالمحافظة على الفرائض واجتناب الكبائر، والامتناع عن التدخين، وحسن الأخلاق، بارٌّ بوالديه، كريم، مرن، متفهم، متعلّم، صادق، حنون...؛ هذه صفات رائعة جدًّا، وهو صاحب مسؤولية، واعٍ، مؤهله أيضًا عالٍ، يدرس الطب، والحمد لله أيضًا أن الوفاق حاصلٌ، وأن الميل متحقّقٌ، وأنه مَن طرق الباب، وأنه صادف عندك أيضًا ميلاً، وهذه كلها مؤهلات كبيرة جدًّا تُبشّر وتُشير إلى نجاحاتٍ وتوفيق، والتوفيق من الله تبارك وتعالى.

أكملي معه المشوار، واحملي روح مكة معك إذا ذهبت إلى تلك البلاد، لتكوني عونًا له على مزيد من التدين، ولتكوني داعية للقيم التي خرجت من مكة، قيم هذا الدين العظيم الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به، ولا شيء عليك في القبول به زوجًا، والمؤمن ينبغي أن يعبد الله في كل مكان ويقوم برسالته في نشر الإسلام ونصره، حتى الصحابة الذين وُلدوا في مكة والمدينة حملوا دين الله إلى مشارق الأرض ومغاربها، فكوني داعية خيرٍ، وكوني مصدر عون لزوجك على الطاعات وعلى رضا رب الأرض والسماوات، ولا تترددي في القبول بالشاب المذكور بالمواصفات المذكورة.

اعلمي أن المؤمنة تستطيع أن تعبد الله تبارك وتعالى في أي مكان في أرض الله، بل بعد أن يُكمل دراسته ويتقدّم في مجاله ومجال تعليمه العالي يمكن أيضًا أن تعرضي عليه العودة إلى مكة لتقدما الخدمات فيها لإخواننا المسلمين والمسلمات، وتتحقق لك بذلك كافة الأشواق.

ونسأل الله تبارك وتعالى أن يقدّر لك الخير ثم يُرضيك به، وأن يلهمك السداد والرشاد، ونحيي فيك هذا الحرص على الخير، وهذه الرغبة في البقاء في البلد الحرام، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يكتب لك التوفيق، وهذه وصيتنا لكما ولأنفسنا بتقوى الله تبارك وتعالى.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً