الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أصبحت كثيرة التحدث مع نفسي والتخيل.. هل لدي انفصام؟

السؤال

السلام عليكم.

١- أصبحت كثيرة التحدث مع نفسي، أتخيل أشخاصا أعرفهم ومواقف بيني وبينهم لم تحدث من قبل أو حدثت، وأنفعل مع تلك المواقف ويصادف أن تقع تلك المواقف في الحقيقة، وأحيانا تكون المواقف قد حدثت، ولكن لم أستطع التصرف بالشكل الصحيح، وغالباً تأتيني تلك الحالة، وأنا في الحمام لذلك أجلس به مدة طويلة.

٢- لم أعد أعرف نفسي، أحيانا أكون إنسانة ناضجة وأستطيع التصرف، وأحيانا أشعر العكس، فهل لدي انفصام؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ جمان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية.

موضوع الحديث مع النفس في مثل عمرك أمرٌ شائع جدًّا، والبعض يُسمّيه (أحلام اليقظة)، فالإنسان قد يُحاور نفسه، قد يدخل في تمنِّيات وآمال وأشياء يتمنَّى أن تتحقق، وأشياء أخرى يحس بالاستمتاع حين يُفكّر فيها، وبعض الأحيان يكون هذا التفكير مزعجا وذا طابع وسواسي.

فإذًا الحالات هذه معروفة – أيتها الفاضلة الكريمة – لكن حين تكون بكثرة وشدة وإسراف؛ هذه لها تبعات سلبية، وكما تفضلت هذا النوع من أحلام اليقظة يأتي للإنسان حين يكون في وضعٍ هو مع ذاته، كما ذكرت حين يكون الإنسان في الحمّام مثلاً، أو في بدايات النوم، أو شيء من هذا القبيل.

لابد – أيتها الفاضلة الكريمة – أن تلتزمي بآداب الحمام، دعاء الدخول ودعاء الخروج، وأن تحتّمي على نفسك ألَّا تدخلي في هذه الأفكار أبدًا، وهذه المحاورات الذاتية، وحين تأتيك هذه الأفكار خاطبي الفكرة قائلة: (أنتِ فكرة سخيفة، اذهبي عنّي، لا غرض لي في أحلام اليقظة) أو شيء من هذا القبيل، وكوني أكثر تأمُّلاً في وظائف جسدك، مثلاً: خذي نفسًا عميقًا، وتدبّري عملية التنفس هذه، تدبّري عمل الرئتين، ودخول الأكسجين في الدم، وكيف أن هذه الرئة تتمدد وتنقبض، وتذكري خلق الله العظيم، وهذه التفاصيل الجسدية الدقيقة جدًّا والتي تعمل بآليات متناسقة ومنضبطة فوق طاقة وقدرة البشر، قومي مثلاً بعدِّ التنفُّس لديك، عدد الشهيق والزفير في دقيقة واحدة، ... وهكذا.

هذا نسمّيه بالاستغراق الذهني، وهذا يُرجع الإنسان حقيقة إلى تكوينه النفسي الذاتي، ممّا يصرف انتباهه عن أحلام اليقظة.

أريدك أيضًا أن تمارسي رياضة – أي نوع من الرياضة تناسب الفتاة المناسبة – أيضًا تدرّبي على تمارين الاسترخاء، مهمّ جدًّا، إسلام ويب لديها استشارة رقمها (2136015) أرجو أن تتطلعي عليها وتُطبّقي ما بها من تمارين، كما أنه توجد برامج كثيرة جدًّا لتمارين الاسترخاء على اليوتيوب.

حاولي ألَّا تجلسي وحدك، حاولي أن تجعلي لنفسك وردا قرآنيا، واحفظي شيئًا من القرآن الكريم، إذا أتتك هذه الأفكار والأحلام والتمنّيات استبدليها مباشرة بأن تقرئي شيئًا من القرآن الكريم مثلاً، أو تذكري شيئًا جميلاً... وهكذا.

إذًا الانصراف عن هذا -إن شاء الله- له وسائله وحيله النفسية، وفي جميع الأحوال هذه الحالات مؤقتة، وأريدك أن تُحسني استخدام الوقت، وتُديريه بصورة صحيحة: خصَّصي وقتًا لدراستك، ووقتًا لراحتك، ووقتًا للترفيه عن النفس، ووقتًا للرياضة، ووقتًا للعبادة، ووقتًا لمجالسة الأسرة، ووقتًا للقراءة الحرة غير الأكاديمية.

بهذه الكيفية تقلِّصي الزمن الذي يمكن أن يستغرقه التفكير فيما لا يفيد، الأمر ليس له علاقة بالفصام أبدًا، هي ظاهرة طبيعية جدًّا، قد تزيد وقد تنقص وقد تطول مدتها أو تقصر، لكن عامّة هي ظاهرة حميدة وتختفي تلقائيًا، لكن ما ذكرناه لك من إرشادات -إن شاء الله تعالى- سوف يُعجّل بزوالها.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً