الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من حركات لا إرادية عند التحدث مع أحد ما.

السؤال

السلام عليكم..

عمري 21 سنة، أعاني من عدة مشاكل:
منذ الصغر تركت الدراسة لمدة سنة ونصف، لكي أعمل وأتعالج من هذه المشاكل، وذهبت لطبيب نفسي، ووصف لي العديد من الأدوية خلال هذه المدة مثل: بايروكستين سيرترلاين، فتحسنت بنسبة، بعدها تركت العلاج في بداية الحجز الصحي، والآن بدأت بعلاج سيرترلاين بدون وصفة وصفة طبية بجرعة 25mg ومشاكلي باختصار هي:

النقطة الأهم أني أعاني من وسواس قهري لا يفارقني طول اليوم، حتى وإن كنت وحدي في مكان معين، حيث أشعر بشعور سخيف جدا، وأشعر بالخجل وبالضيق الشديد عند ارتداء الملابس الأنيقة، خاصة في هذه الفترة، أو الملابس الرياضية، وحتى الساعة مثلا أحاول إخفاءها لأني أشعر بالخجل، وهذا الشعور يسبب لي صعوبة في المشي، وأشعر أني مراقب من الناس، عندما يأتيني هذا الوسواس وأفكر كثيرا في المظهر والملابس بصورة عامة، ولا أستطيع التخلص من هذا التفكير.

أشعر بالارتباك وأراقب الناس عندما يتناولون الطعام أمامي، أي أراهم يشعرون بأن نفسي دنيئة وكذلك أشعر نفس الشعور عندما أتناول الطعام.

رهاب اجتماعي وخجل وضيق بالتنفس عندما أكون مع الناس.

تحرجني غازات البطن عند الاجتماعات والهدوء، وكذلك أسمع أو أتخيل أصوات غازات أشعر بأنها تأتي من عندي.

أقوم بحركات عصبية أو تشنج عضلي لكي أستطيع الكلام مع الناس، حتى وإن كنت أتكلم في الهاتف مع شخص أقوم بنفس هذه الأمور، وأحيانا أتكلم طبيعيا، لكن إذا كنت أتكلم وحدي فإنه لا تحدث لي هذه الحالة أبدا، فما هو العلاج الدوائي والسلوكي المناسب لحالتي؟

وشكرا جزيلا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية، ونسأل الله تعالى لك العافية والشفاء.
أنت بالفعل لديك أعراض قلق المخاوف الوسواسي، ومعظم مخاوفك هي في الجانب الاجتماعي، والذي يظهر لي أيضًا أنك تُقلِّل من قيمتك الذاتية، يعني أنك لا تُقدّر نفسك التقدير الصحيح، وتُقلِّل من شأنها، وهذا قطعًا يعطيك الشعور بالدونية، ويعطيك الشعور بالنقصان وعدم الكفاءة.

أول مراحل العلاج السلوكي هو أن تكون مُنصفًا مع نفسك وتعطيها حقها تمامًا، لا تُنقص ذاتك أبدًا، نعم الإنسان لا يُقيّم نفسه بصورة مبالغة ويصل إلى ما يُسمَّى بانتفاخ الذات، أي تعظيمها أكثر ممَّا يجب، وفي ذات الوقت لا يُحقّر نفسه ولا يُنقصها حقها أبدًا، انظر إلى ما هو إيجابي في نفسك، وما هو سلبي حاول أن تتخلص منه، وتحاول أن تدعم الإيجابيات. هذا هو الأمر الصحيح.

العلاج السلوكي الآخر هو: أن تحكم على نفسك بأفعالك وليس بأفكارك ولا مشاعرك، ما الذي تفعله أنت الآن؟ أنت قلت أنك تركت الدراسة، وكتبت في خانة الوظيفة أنك طالب جامعي، المهم أيًّا كان يجب أن تُجيد الطلابيّة إذا كنت طالبًا، ويجب أن تُجيد العمل إذا كنت عاملاً، ويجب أن تُحسن إدارة وقتك، وأن تقوم بواجباتك الاجتماعية، لا تُقصّر فيها أبدًا، تبني نسيجًا اجتماعيًّا ممتازًا، تحافظ على علاقاتك الاجتماعية مع الصالحين من الشباب، تصل رحمك، تحرص على العبادات خاصة الصلاة مع الجماعة، تُمارس الرياضة... بهذه الكيفية تستطيع حقيقة أن تجعل لنفسك شأنًا، وسوف تُقيّم نفسك تقييمًا صحيحًا.

هذه هي الأساليب العلاجية السلوكية، ليس هنالك أكثر من ذلك أبدًا. ويجب أن تنظر للمستقبل بأملٍ ورجاءٍ، وكما ذكرتُ لك إذا تحكم على نفسك بأفعالك وأعمالك سوف تتبدّل مشاعرك وأفكارك لتُصبح إيجابية مهما كان فيها من سلبيات.

ولا يمكن للإنسان أن يطور نفسه من ناحية الأفعال والأعمال الإيجابية إلَّا إذا أحسن إدارة وقته، لذا أنصحك أن تحرص على النوم الليلي المبكّر، أن تُصلي صلاة الفجر في وقته، وأن تضع جدولاً يوميًا تُدير من خلاله وقتك، تُحدد كل ساعة ما الذي تقوم به، ويجب أن تكون لك أنشطة متعددة في اليوم، حتى الترفيه عن النفس يجب أن يكون جزءًا من هذه الأنشطة (الزيارات، الدراسة، البحث عن العمل إذا كنت لا تعمل، أو إن كنت تعمل يجب أن تكون مُجيدًا لعملك وتطور نفسك وتطور مهاراتك ... وهكذا).

هذه هي الطريقة الصحيحة في التعامل مع مثل حالتك، وإن شاء الله تعالى سوف تتطور تدريجيًا بصورة إيجابية جدًّا وتصل إلى مبتغاكَ، وأذكّرك بأهمية بر الوالدين، لأنه يُحفّز الإنسان نفسيًا بصورة ممتازة، ويجعلك نجاحًا فالحًا في حياتك بإذن الله تعالى.

بالنسبة للعلاج الدوائي: الـ (سيرترالين) دواء ممتاز، دواء فعال، اجعل الجرعة الآن حبة كاملة (خمسين مليجرامًا) يوميًا لمدة أسبوعين، ثم اجعل الجرعة مائة مليجرام، ومن وجهة نظري هذه هي جرعتك العلاجية، تستمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم خفضها إلى حبة واحدة – أي خمسين مليجرامًا – لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها خمسة وعشرين مليجرامًا يوميًا لمدة أسبوعين، ثم خمسة وعشرين مليجرامًا يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين، ثم تتوقف عن تناول السيرترالين.

وأريدك أن تدعم عقار سيرترالين بعقار (رزبريادون)، دواء فاعل، وداعم، ومفيد جدًّا، تتناوله بجرعة صغيرة جدًّا، وهي: واحد مليجرام ليلاً لمدة شهرٍ، ثم تجعل الجرعة اثنين مليجرام ليلاً لمدة شهرين، ثم واحد مليجرام ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

هذه أدوية سليمة، فاعلة، وغير إدمانية، وأرجو أن تطبق ما ذكرتُه لك من إرشادات سلوكية اجتماعية إسلامية، وفي ذات الوقت تتناول الدواء حسب ما هو موصوف، وهذا إن شاء الله تعالى يؤدي إلى تحسُّن حالتك، بل يُوصلك إلى الشفاء بإذن الله تعالى.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً