الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أستعيد صحتي النفسية؟

السؤال

السلام عليكم.

حياتي خليط من مشاعر متناقضة جدا، أصبح الأمر يرهقني جدا، فأنا كنت ولله الحمد ناجحة جدا في حياتي، ثم شاءت الأقدار ولم أستطع أن أحقق أي نجاحات جديدة في حياتي.

استحوذت علي الأفكار السلبية والوساوس، أحاول أن أغير ذلك ولكن ما يصعب علي هو الوساوس التي تدور في رأسي، وساوس وخوف من كل شيء.

في فترة استطعت أن أتخلص منها ولكن عادت إلي بصورة أقوى وسواس بأنني سأفقد من أحبهم، وسواس النظافة الذي أرهقني كثيرا وتعبت من ذلك، وسواس العبادات وخصوصا الصلاة، أصبحت أعيد الصلاة وتسيطر علي أنها غير مقبولة، وسواس حول الأشخاص، والخوف من الزواج، عودة الذكريات السيئة من طفولتي، لا أستطيع النوم إلا وراودتني مخاوفي في النوم.

الأمر أصبح أكبر، فقد أدمنت بعض المحرمات، تخلصت منها ولكن تذكر أخطائي يجعلني أحزن كثيرا وتسيطر علي فكرة أنني لن أنجح أبدا في حياتي مهما حاولت.

سؤالي: كيف أتجاوز ذلك؟ كيف أبني حياة جديدة؟ من أين أبدا؟ كيف أتجاوز ما حدث في الماضي حتى لا يؤثر في حياتي؟ كيف أتخلص من مخاوفي؟ كيف أستعيد ذاتي؟ كيف أتخلص من تناقضاتي وصراعاتي؟ كيف أقاوم وساوسي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ إيلاف حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية.

المشاعر المتناقضة بالفعل هي دائمًا مرتبطة بالنمط الوسواسي في التفكير، وهذا النوع من التفكير أيضًا يكون مصحوبًا بقلق وبتوترات، وهذا قطعًا يؤدي إلى الخوف وعدم الاستقرار النفسي.

محتوى الوساوس الذي لديك واضح، وفي جُلِّها وساوس فكرية، وهذه تستجيب للعلاج الدوائي بصورة ممتازة جدًّا. وعليه: إن كان بالإمكان أن تذهبي إلى طبيب نفسي هذا سيكون أمرًا جيدًا، وإن لم يكن ذلك ممكنًا فأنا أنصحك بتناول دواء أساسي، وهو عقار (سيرترالين)، يُضاف إليه دواء آخر بجرعة صغيرة يُسمَّى (كواتبين).

بالنسبة للسيرترالين: تبدئي في تناوله بجرعة نصف حبة - أي خمسة وعشرين مليجرامًا - يوميًا لمدة أسبوع، ثم تجعلي الجرعة حبة واحدة كاملة يوميًا لمدة أسبوعين، ثم ارفعي الجرعة إلى حبتين يوميًا - أي مائة مليجرام - لمدة ثلاثة أشهر، وهذه هي المدة العلاجية، والجرعة هي جرعة وسطية، علمًا بأن الجرعة الكلية هي أربع حبات في اليوم، ولكنك لست بحاجة لها. بعد انقضاء الثلاثة أشهر وأنت على جرعة الحبتين خفضي الجرعة إلى حبة واحدة يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، وهذه هي الجرعة الوقائية، ثم اجعلي الجرعة نصف حبة يوميًا لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقفي عن تناول الدواء.

الدواء سليم، غير إدماني، لا يؤثر على الهرمونات النسائية. في بعض الأحيان قد يفتح الشهية قليلاً نحو الطعام، أو يؤدي إلى شراهة نحو الحلويات، فإن حدث لك شيء من هذا أرجو أن تتخذي التحوطات اللازمة حتى لا يزيد وزنك.

الدواء الآخر يُسمَّى (كواتبين)، مزيلٌ للقلق ويُحسِّن النوم بصورة واضحة جدًّا، والجرعة المطلوبة في حالتك هي خمسة وعشرين مليجرامًا ليلاً لمدة شهرين، ثم تتوقفي عن تناول الدواء.

كل الوساوس - فكريّة كانت أو فعلية أو طقوسية - يجب أن تُقاوم، يجب أن تُحقّر، يتم تجاهلها، ويتم صرف الانتباه عنها. الدواء سوف يساعدك كثيرًا، حيث إنه يؤدي إلى راحة نفسية، واختفاء القلق حين تقاومي الوساوس.

أرجو أن تكوني إيجابية في تفكيرك، وأن يكون لديك الإصرار والعزيمة على التغيير.

الصحة النفسية الإيجابية تتطلب أن يُحسن الإنسان إدارة وقته، وأن يحرص على العبادات خاصة الصلاة في وقتها، وأن يكون للإنسان هدفا في حياته، أن يُحسن التواصل الاجتماعي ولا يتخلف عن الواجبات الاجتماعية، أن يرفّه عن نفسه بما هو طيب وجميل، وممارسة الرياضة بالنسبة للرجال والنساء أيضًا نعتبرها أحد مقاومات الصحة النفسية الإيجابية، تجنُّب السهر، النوم الليلي المبكر، الاستفادة من فترات الصباح ... هذه - أختي الكريمة - هي الأسس التي تؤدي إلى الاستقرار النفسي، وحين يحدث الاستقرار النفسي وترتقي الصحة النفسية تزول -إن شاء الله تعالى- التناقضات والصراعات النفسية الداخلية.

أيضًا أرجو أن تلجئي إلى الاستخارة في الأمور الهامة التي قد تختلط عليك أو تحسين بشيء من الصراع فيها، لأن الاستخارة ترشدنا نحو الصواب حقيقة، لأنك بذلك نطلب من الله تعالى الذي بيده الخير أن يختار لك الخير. هذا أيضًا أمرًا مهمًّا وضروريًّا.

أسأل الله لك التوفيق والسداد، وأشكرك على الثقة في إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً