الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من مشاكل نفسية، ولا أستطيع إخبار أهلي.

السؤال

السلام عليكم.

عمري 18 سنة، كنت أعاني من وسواس الصلاة وشفيت منه، وبعد سنة عاد مجدداً، حتى أشعر أنه أصبح قهريا، وأشعر أن عقلي لا يعمل وأريد كسر رأسي.

عندما كنت في الصف الرابع دخلت مدرسة جديدة، كانت بدايتها جميلة، لكن في الصف الخامس حدثت مشكلة مع صديقتي وبدأت تبعد الصديقات عني حتى أصبحت أكره المدرسة، فصرت كل سنة دراسية جديدة أعاني من القلق والخوف، وأعود إلى البيت وأبكي، أصبحت أخاف من عداوة زميلات الدراسة، فغيرت توجهي الدراسي لأبتعد عنهن، ولأتعرف على صديقات جددًا.

لم أعش مراهقتي كبقية زميلاتي، أشعر أني بحاجة للاهتمام والحب، علما أني تربيت في عائلة بعيدة كل البعد عن العنف، وأشعر أني عالقة في الماضي، لا أتقدم ولا أتغير، أشعر دائماً أني ضعيفة وغير قادرة على تحقيق أهدافي، وأنا سمينة وفشلت كل محاولاتي في التنحيف، أساساً كل قراراتي فاشلة، أنا بحاجة لطبيب نفسي، لكن لا أستطيع أن أبوح لأهلي، فلن يأخذوا الأمر على محمل الجد.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هلا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

الوساوس البسيطة حول الأمور الدينية كثيرة جدًّا، وتأتي في مرحلتك العمرية، وهي غالبًا وساوس تكون عابرة، وعلاجها دائمًا بتحقيرها، ومقاومتها، وتجاهلها، وعدم الخوض فيها، والابتعاد تمامًا عن تحليلها، وصرف الانتباه بأن يشغل الإنسان نفسه بما هو مفيد.

لديك مشاعر الإحباط والتفكير السلبي، وأعتقد أن تقديرك لذاتك أيضًا فيه الكثير من الخلل.

أنت ذكرتِ أشياء كثيرة كلها سلبية، وأنا أريدك أن تُذكّري نفسك أن كل أمرٍ سلبيٍّ ذكرتيه يوجد ما يُقابله من الأمور الإيجابية، كل فكرةٍ سلبيةٍ تُهيمن عليك يجب أن تنقلي نفسك مباشرة لما هو إيجابي، وهكذا حياة الإنسان، المشاعر تتبدّل، المشاعر تتغيّر، كل شيءٍ يزيد وينقص، لكن يجب أن نكون على إدراك ودراية أن كل شيء في هذه الدنيا نستطيع أن نقول أن الله تعالى خلقه بثنائية، الشر يُقابله الخير، الكراهية يُقابلها الحب، والباطل يُقابله الحق، والمرض يقابله الصحة، والفشل يقابله النجاح وهكذا، فإذًا لماذا لا نتخيّر دائمًا ما هو طيب وما هو جيد وما هو إيجابي؟! الله تعالى حبانا بالعقل والقدرة على التفكير، والله تعالى يقول: {إن الله لا يغير ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم}، فالتغيير إذًا مِنَّا نحن، لأن الله قد أعطانا الآليات، أعطانا المقدرات، أعطانا الفكر، أعطانا المهارات، أعطانا حرية الاختيار.

فيا أيتها الفاضلة الكريمة: أنا أريدك أن ترسّخي هذه المفاهيم، وأريدك ألَّا تحكمي على نفسك أبدًا بالفكر السلبي والمشاعر السلبية، اجتهدي في حياتك، كوني فتاة يقظة، كوني طموحة، رتّبي وقتك، وحُسن إدارة الوقت دائمًا هي مفتاح النجاح.

لا تُكثري من الشكوى أنك مُهملة، أنك لا تعرفين شيئًا عن الحب، لا، لا أحد سوف يعطيك أي شيء، الناس مشغولة بمشاكلها، وإن ابتعد الناس عنك وابتعدوا بشرورهم هذا فيه خيرٌ كثير لك، أنت التي لديك القدرة على أن تتغيّري، فأرجو أن تُحققي هذه الأهداف النبيلة التي تحسين أنك تفتقدينها، هي موجودة، ابحثي عنها، وقومي بما عليك من واجبات دينية واجتماعية وأسرية، وإذا قمت بما عليك فقد وفقت كل التوفيق -إن شاء الله تعالى-، واحتسبي أجرك عند الله ومن الله، ولا تنتظري شكرًا ولا ثناءً من أحد.

أود أن أنصحك بالحرص على بر الوالدين، بر الوالدين يفتح آفاق الخير للإنسان، وكما ذكرت لك: تنظيم الوقت مهم جدًّا، النوم الليلي المبكّر مهم، الاستيقاظ لصلاة الفجر، الدراسة في الصباح، وقت استيعابي جدًّا، ويفتح معنويات الإنسان كثيرًا.

ممارسة الرياضة، خاصة أنه لديك مشكلة السُّمنة، والسُّمنة فعلاً مشكلة عند الفتاة، تؤدي إلى الإحباط، تؤدي إلى الكثير من المشاعر السلبية، فضعي برنامجا غذائيا واضحا، مارسي رياضة تناسب الفتاة المسلمة، ضعي أهدافا لأي وزن تريدين أن تصلي إليه وفي أي مدة، وهذا ممكن جدًّا.

أنا أريدك أيضًا أن تكون لك رفقة طيبة من الفتيات الصالحات، و-إن شاء الله تعالى- هُنَّ كُثر، ضعي آمال وطموحات: ما الذي تريدين أن تكوني؟ مَن أنت بعد سبع سنوات من الآن؟ طبعًا الدرجة الجامعية المتميزة، الزواج -إن شاء الله تعالى-، العمل إن كنت تريدين أن تدخلي في محيط العمل، دراسات فوق الجامعية وهكذا.

إذًا هذا هو الذي أنصحك به، ولست في حاجة إلى علاج دوائي، فقط طبقي كل ما ذكرتُه لك، و-إن شاء الله- ستكونين بخير وعلى خير، وأسأل الله لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً