الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل هناك مشكلة في القلب بسبب التدخين أو السمنة؟

السؤال

السلام عليكم.

أعتذر مقدماً عن لغتي العربية الضعيفة، لم أكتب باللغة العربية الفصحى من قبل.

أنا شاب عمري 21 سنة، مُدخن، وأعاني من السمنة غير المفرطة، لا أمارس أي نشاط بدني ولا أخرج من غرفتي إلا للأكل والشرب، أو للتدخين وما شابه، لا أخرج من المنزل نهائياً، ولا أري ضوء الشمس، أعاني من الرهاب الاجتماعي، وأكره الخروج من البيت أو رؤية الناس، وأشعر بتوتر شديد أثناء المرور بمكان به ناس، وأشعر بالقلق والخوف عندما أعلم أنني مضطر للخروج من البيت في أي يوم في المستقبل القريب، سواء للكلية أو أي مكان آخر، وأشغل نفسي بالتفكير في هذا اليوم، وأحاول التهرب منه بأي شكل، لا أذهب للصلاة في المسجد، ولا أذهب لشراء أي شيء أحتاجه، لا أذهب للحلاقة، لا أذهب لشراء ملابس، إذا شعرت بتعب شديد لا أذهب للطبيب إلا لو أصبحت حالتي حرجة، عندما أريد فقدان بعض الوزن لا أستطيع الذهاب للنادي مثلاً، لست مستعدا للحصول علي أي عمل لمساعدة أمي في مصاريف البيت على الرغم من رغبتي في تحقيق ذلك.

أشعر أن حياتي متوقفة بسبب الرهاب الإجتماعي، أعاني من هذه الحالة منذ أول عام في الثانوية، وكنت أخرج من بيتي مضطرا للدروس والمدرسة، وأركب المواصلات وكل شيء بشكل يومي، والمشكلة ما زالت مستمرة، وتزداد سوءًا بمرور الوقت.

أحيانا يقل الخوف عند مواجهة الحدث بالفعل والخروج من البيت، لكن بعد الرجوع للبيت أكره فكرة الخروج مرة أخرى، وأنفر منها، وأخاف وأقلق وأحاول التهرب على الرغم من معرفتي أن الخروج لن يكون بهذا السوء، الوضع سيء لدرجة أني أشعر أنني حققت إنجازا لمجرد خروجي من البيت.

أشعر أن سبب المشكلة في الأصل هو وزني وشكل جسمي، أكره شكلي وصوتي وجسمي وشكل الملابس علي جسمي، أشعر أن حياتي ستكون أفضل لو أنقصت وزني، لكني لست مستعدا للخروج من البيت للممارسة الرياضة بسبب الرهاب الإجتماعي.

أيضاً أشعر أن وزني وقلة نشاطي البدني والتدخين سببوا لي أمراضا كثيرة، ولا أفكر حتي في الذهاب لطبيب، وأُفضل المعاناة على الخروج ومواجهة الناس.

أشعر بنغزات وثقل في صدري من الجهة اليسرى، وأحيانا في قلبي، تأتي وتختفي علي فترات متقاربة، وأشعر بضيق تنفس يستمر لأيام معدودة ثم يختفي ويرجع وهكذا، وأنا على هذه الحالة منذ سنوات، هل يمكن أن تكون مشكلة في القلب؟ مع العلم أني أدخن حوالي 4 سجائر في اليوم وليس بشكل يومي، وأحيانا لا أدخن نهائيا.

ما العوامل المؤثرة التي قد تجعل شابا في العشرينات من عمره يتعرض لنوبة قلبية أو ذبحة صدرية؟ وهل من الشائع أن يتعرض شاب في هذا السن لمشاكل في القلب؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Amr حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك العافية والشفاء.

طبعًا الحياة المتعطّلة، الحياة المتكدِّسة، الحياة المتكاسلة، الحياة التي لا نشاط فيها ولا فائدة فيها تجعل الإنسان عُرضة لجميع الأمراض، والسُّمنة لا شك أنها مرض، تتولّد عنها أضرار كثيرة، وقد تؤدي إلى أمراض القلب ولا شك في ذلك -أيها الفاضل الكريم-، نسأل الله تعالى أن يحفظك.

فهذه الحياة غير الصحية التي تعيشها تُخِلُّ بحياتك النفسية وبحياتك الصحية، أنا لا أقول أنه لديك الآن أمراض قلب، لكنّك حقيقة المنهج والنمط الحياتي الذي تنتهجه قد يؤدي إلى أمراض القلب ولا شك في ذلك.

إذًا الجزء الأخير من استشارتك قد قمنا بالإجابة عليه، بقي الجزء المهم جدًّا، وهو: ما ذكرته في رسالتك من تفاصيل دقيقة عن كيفية أن حياتك معطّلة تمامًا، وأن كل شيء في حياتك يقوم على (لا، لا، لا، لا)، ولا أعلمُ لماذا أنت هكذا حقيقة، مقدراتك جيدة جدًّا، ممتازة، بدأت رسالتك معتذرًا عن لغتك العربية الضعيفة، ولغتك ممتازة جدًّا، وتعبيرك عن ذاتك كان وجدانيًا وصادقًا وأمينًا وبكل سلاسة، هذا قد يقودني إلى أن أقول أنك تنظر إلى نفسك بصورة سلبية.

وأنا لا أعتقد أنك تُعاني من الرهاب الاجتماعي، الرهاب الاجتماعي ليس هكذا، أنت فقط تحس بالوصمة نسبةً لوزنك، ونسبةً لشكلك أو لشكل ملابسك – كما ذكرت – وهذه أمور واهية، أمورٌ حقيقة لا يمكن لشابٍّ في مثل عمرك أن يُسقط كل ما هو سلبي على ذاته، من المفترض أن تخرج إلى الحياة، من المفترض أن تستمتع بالحياة، من المفترض أن تعيش الحياة الصحيحة: أن تخرج، أن تتفاعل، أن تدرس، أن تصلي مع الجماعة، أن تصوم، أن تبرّ والديك، أن تُرفّه عن نفسك بما هو طيب وجميل.

أنا أعتقد أن الوضع الذي أنت فيه يجب ألَّا يستمر، أيها الفاضل الكريم: الله تعالى حبانا بالطاقات، وحبانا بالمقدرات، فلماذا نحجر على أنفسنا هذه النِّعم العظيمة؟! {إن الله لا يغيرُ ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم}. الأمر في غاية البساطة، لا بد أن تخرج من هذا الذي أنت فيه، وأنت الذي تستطيع أن تقوم بذلك ولا شك ولا ريب في ذلك، وأنا متأكد أنك إن عزمت وصمَّمت تستطيع ذلك، اخرجْ، تفاعل مع أسرتك، اذهبْ إلى الصلاة في المسجد، مارسْ رياضة، اذهب إلى أي مكان ترفيهي، اجعل لك مكانًا في الحياة، اجعل لحياتك أهدافا، لا تترك نفسك على هذه الكيفية أبدًا.

وربما أيضًا مُحسّنات المزاج تُساعدك، عقار مثل (بروزاك) ربما يكون عقارًا جيدًا، لكن أعتقد أنك قبل أن تشرع في استعمال أي دواء، اذهب وقابل طبيبا، طبيب الباطنية أو طبيب الأسرة، وأجرِ الفحوصات العامة، لتتأكد من مستوى الدهنيات لديك، ووظائف الكبد ووظائف الكلى، وأنزيمات القلب، قم بإجراء تخطيط للقلب، تأكد من مستوى وظائف الغدة الدرقية، مستوى فيتامين (د)، مستوى فيتامين (ب12)، هذه كلها فحوصات بسيطة جدًّا، وأنا متأكد أنك حين تجدها كلها ممتازة سوف يُمثل دعمًا معنويًا عاليًا بالنسبة لك، وتشرع وتبدأ حياتك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً