الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من فقدان الدافعية في الحديث مع الناس.

السؤال

السلام عليكم

أخي في الله، كثيرًا ما تحدث معي وخاصة في الآونة الأخيرة أنني أحفز نفسي على أي عمل مهما كان بسيطاً، (طبعاً قلت أحفز لأني أصبحت إذا أردت شرب كأس ماء يجب أن أجادل نفسي جدالاً طويلاً كي أذهب لشرب الماء)، وبرغم من ذلك تجدني بعد أن أباشر أي عمل مجرد مرور دقائق وأتململ من العمل، وأتركه لو لم يكمل، وأعود لكي أستلقي.

للتنويه: عملي لا يتطلب القيام بأي مجهود، ولا أستطيع أن أغير هذا العمل لأسباب خارجة عن إرادتي، روتيني اليومي محصور فقط في أن أصحو وأتناول المشروبات، حتى رغبتي للطعام قلت حتى أصبحت أتناول وجبة واحدة، وأياماً لا أتناول أي وجبة.

لا أتكلم مع أحد، وهذا لأني أشعر أن الكلام مع من حولي لا قيمة له حتى أصبحت لا أجيد التحدث مع أي أحد، تجدني صامتاً في المجلس لا أتكلم، وأبرر لنفسي بأن الكلام لا يوجد له فائدة لا معنوية ولا مادية.

حاولت أن أقرأ كتباً، ووجدت الأمر جيداً ومفيداً لثقافتي، لكن أيقنت بعد مدة أنه يزيد من انطوائي، والأمر يزيد من عزلتي، حاولت أن أندمج مع المجتمع ففشلت، حتى إني بدأت أفقد ثقتي بنفسي، وهذا الأمر يزعجني حقاً، حاولت أن أمارس الرياضة، وأن أكثر من الجلوس مع الآخرين، لكن لا فائدة من ذلك، أملهم وأتململ من الرياضة، حتى من أي جهد بدني.

علماً أني في السابق، وهذا يعني منذ سبع سنوات كنت اجتماعياً لدرجة كبيرة، أما الآن فجميع من حولي يقول لي: أنت أصبحت مهملاً، أنت أصبحت بليداً، أنت أصبحت كسولاً، لدرجة كبيرة، وهذا الأمر لا آخذه بعين الاعتبار، ولا ألقي له بالاً، لكن بمجرد أن أضع رأسي على وسادتي تصبح هذه الكلمات تتردد على مسامعي!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ياسين حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية.

افتقاد الدافعية فعلاً علَّة نفسيّة كبيرة، وأسبابها كثيرة حقيقة، منها مجرد التكاسل، والقناعة باليسير، وعدم وجود التنافسية، وفي بعض الأحيان محدودية الطموح، الاكتئاب النفسي، اضطرابات الشخصية، المخاوف الاجتماعية الشديدة، شخصنة الأمور خاصة إذا كانت أمورًا طالت أناسا آخرين.

هذه الأسباب – أخي الكريم – كلها قد تؤدي إلى الشعور بالإحباط والقناعة بما هو بسيط جدًّا وأساس.

الأعمال كلها تعتمد على النيّة، والنيّة هي العزم والقصد، أعتقد أن هذه هي النقطة المعرفية الأساسية التي يجب أن تستوعبها.

النقطة الثانية هي: أن الله تعالى حبانا طاقاتٍ، والإنسان كُرِّم، والطاقات قد تكون كامنة، قد تكون خاملة، قد تكون غير فعّالة، لكنّها موجودة، مهارة العقل ومهارة الإدراك من خصائص الإنسان، لذا – يا أخي – يقول الحق عز وجل: {إن الله لا يُغيِّرُ ما بقومٍ حتى يُغيِّرُوا ما بأنفسهم}، أدوات التغيير موجودة، وعلينا فقط أن نستفيد منها ونتغيَّر.

أنا أعتقد أنك يجب أن تُحدد حاجياتك وأهدافك في الحياة، هذه نقطة مركزية جدًّا – أخي الكريم – وإذا حدَّدتَ حاجياتك تستطيع أن تعمل بعض الأشياء التي تفي لك بحاجتك على الأقل، هذا مهمٌّ جدًّا، والحاجيات يمكن أن تبدأ بالحاجيات البيولوجية، وتنتهي بالحاجيات المعرفية العلمية الراقية. فكلُّ إنسانٍ يجب أن يُحدد هذه الحاجيات.

أنا أعتقد أن هذه هي النقطة المركزية التي يجب أن تنطلق منها، وأنا على ثقة كاملة أنك لا ترضى لنفسك بالهوان، وأنك لا ترضى لنفسك أن تكون يدًا دُنيا وأنك تريد أن تكون يدًا عُليا، وأنك مدرك بأن الله تعالى قد حباك بالطاقات وبالمهارات، وأنت في بدايات سِنِّ الشباب.

أخي الكريم: من النقاط التي يمكن أن تستفيد منها: وظيفتك، العسكرية تعتمد على الرُّتب واحترام الأوامر، فيا أخي الكريم: أدِّ عملك بصورة جيدة، أدِّ صلواتك بصورة فيها الخشوع والالتزام القاطع بأركانها وواجباتها وسننها. هذه بداياتٍ جيدة جدًا، العمل والعبادة، وكلاهما من الحاجيات الأساسية، لا أحد يستطيع أن يقول هذه حاجيات بعيدة المنال.

أنا أعتقد أن هذا هو الذي تحتاج له، وهذا هو الذي يجب أن تتغيّر من خلاله، وأترك لك الآليات، وأترك لك الطرق التي تتغيّر بها.

أخي: أنا أعتقد أن مُحسِّنات المزاج سوف تفيدك، وتفيدك جدًّا، فعقار مثل (بروزاك) حيث إنه يُحسِّنُ الدافعية، إذا لم تستطع أن تذهب إلى طبيب نفسي، فيمكن أن تبدأ في تناوله بجرعة عشرين مليجرامًا (كبسولة واحدة) يوميًا لمدة شهرٍ، ثم اجعلها كبسولتين يوميًا لمدة ستة أشهر، ثم اجعلها كبسولة واحدة يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم كبسولة يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ، ثم توقف عن تناول الدواء. دواء فاعل، وسليم.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً