الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أريد التخلص من الرهاب لأنني مقبل على خطبة فتاة، فساعدوني.

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عندي رهاب اجتماعي في بعض الحالات فقط ولا يستمر لفترة طويلة، عشر دقائق ويزول، مثلا عند ركوب الحافلة، أو عند زيارة الأقارب، ولكن في حياتي اليومية تقريبا أخرج مع الأصدقاء، أسافر وكثير الحديث واجتماعي.

المشكلة أنني مقبل لخطبة فتاة، ولدي مخاوف أن تأتيني صدمة الهلع، أعراضي في صدمة الهلع هي غثيان ودوخة وعدم اتزان وخفقان شديد في القلب، ذهبت مؤخرا إلى طبيب الأمراض العقلية والنفسية، وكنت أنوي التوقف عن العلاج مع نهاية الزواج؛ لأنني أزوال حياتي بشكل عادي، الطبيب وصف لي دواء ديبريتين وسوليبيريد، ولكن قرأت عن الدواء ووجدت لديه أعراضا انسحابية صعبة قد تزيد من المعاناة.

أطلب نصيحتكم، وثقتي فيكم وفي موقعكم الطيب.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية.

ليس لديك رهاب اجتماعي بمعناه العلمي المعروف، هذا الذي تشتكي منه نُسمِّيه (قلق الأداء)، بمعنى أنك حين تكون في بداية مهمّة مُعينة، أو مواجهة اجتماعية، أو الدخول في بيئة جديدة؛ هذا يرفع لديك درجة القلق والتوتر، وهذا نوع من التحفيز الجسدي والنفسي ليُواجه الإنسان الموقف، مثلاً: الإنسان في بداية الامتحانات قد يحسُّ بقلق شديد نسبيًّا، بعد ذلك يبدأ القلق في الانخفاض، هذا نُسمِّيه (قلق الأداء)، وهو مطلوب، لكن حين يزيد عن المعدّل الصحيح ربما يحسّ الإنسان أنه قلق وأن الأمر سوف يستمر ويخِلُّ بأدائه.

فإذًا حالتك ليست مرضية، حالتك بسيطة جدًّا، عليك أن تُكثر من المواجهات، تضع برنامجا مثلاً يوميًا، تُعرِّض نفسك لخمسة مواقف جديدة، مثلاً الدخول في مطعم، الصلاة في المسجد في الصف الأول خلف الإمام، الذهاب لمقابلة بعض الأصدقاء، وهكذا، إذًا خمسة مواقف يوميًا يكون فيها شيء من المواجهة، وتكون واثقًا من نفسك أنك مثل بقية الناس، وأن أداءك أصلاً هو أداء صحيح، والذي يحدث لك هو نوع من قلق الأداء، وذلك لتحسين درجة الانضباط لديك، والمواجهة لديك.

فإذًا فكّر في الأمر إيجابيًّا، وعليك بالاقتحام، وعليك بالمواجهات، والاستمرار فيها، -وإن شاء الله تعالى- عند خِطبة الفتاة لن يحدث لك أي شيء، ولن تواجهك أي مشكلة.

وفي مثل هذه الحالات أنا لا أفضل إعطاء الأدوية، إلَّا دواء بسيطا مثل (إندرال) مثلاً، هو ينتمي لمجموعة تُسمَّى (كوابح البيتا)، يُقلِّل من إفراز مادة الأدرينالين التي تؤدي إلى تسارع ضربات القلب عند المواجهات، والجرعة المطلوبة هي عشرة مليجرام فقط، يعني يمكن أن تتناوله يوميًا بهذه الجرعة لمدة شهر، وبعد ذلك تتوقف عنه، أو تتناوله ساعة قبل الدخول في مواجهة كبرى مثلاً، هذه أيضًا طريقة ممتازة.

لكن الأدوية التي كتبها لك الطبيب أيضًا هي أدوية ممتازة جدًّا لإزالة القلق والرهاب والخوف، وعليك -أخي الكريم- التواصل مع طبيبك من أجل سحبها تدريجيًا.

(سوليبيريد) لا يوجد مشكلة في التوقف عنه، لكن (ديبريتين) يحتاج لشيء من التدرُّج البسيط، وما دام الطبيب قد كتبه لك دعْهُ هو الذي يتخذ القرار المناسب حول التوقف عنه.

طبعًا هنالك نوع من التواصل الاجتماعي المطلوب لعلاج مثل هذه الحالات بصورة جيدة، وأهم شيء: الرياضة الجماعية، تمارس رياضة مع أصدقائك، مثلاً ممارسة كرة القدم، كذلك الحرص على الصلاة مع الجماعة في المسجد، ومشاركة الناس في الأفراح، ومشاركتهم في أتراحهم وأحزانهم، وصلة الرحم، والتواصي بالحق والتواصي بالصبر.

هذه كلها أشياء وواجبات اجتماعية جيدة جدًّا فيها الانصراف عن مثل هذه الأعراض النفسية، وفي الوقت ذاته يكتسب الإنسان بفعلها الأجر والثواب.

وأريدك أيضًا أن تتدرَّب على تمارين الاسترخاء، حيث إنها جيدة جدًّا، تُوجد برامج كثيرة على اليوتيوب توضح كيفية القيام بهذه التمارين، فأرجو أن تحرص عليها، وأن تُطبِّقها، وأسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً