الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

يكاد أن يضيع مستقبلي بسبب الخوف، فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم..

عمري 26 سنة، لدي خوف من الاختلاط بالناس أو التحدث معهم، ولا أحب الخروج من البيت إلا بشكل نادر جدا، وأخاف أن أرد على الهاتف عندما يرن، وقد تركت الوظيفة، والآن أبحث عن وظيفة أخرى، ولكن عندما يتصل بي أحد لمقابلة عمل أشعر بالخوف من الرد على الهاتف، وبالخوف من حضور الانترفيو، فتضيع علي الفرصة، والآن أنا عاطل عن العمل، ولا أستطيع فعل أي شيء سوى الجلوس بالمنزل.


لا أنزل إلى الشارع إلا لشراء أبسط الأشياء، ولدي أصدقاء ولكن لا أخرج معهم، ولا أسأل عنهم، حتى عندما يتصل بي أحد من أصدقائي أشعر برهبة من الرد عليه، لا أعرف ما السبب؟

أصبح الموضوع زائدا عن حده، ولا أستطيع أن أخبر أهلي بهذا الموضوع؛ فذلك يسبب لي إحراجا شديدا، ولا أعرف ما الحل الآن؟

وهذه الحالة معي منذ أكثر من 10 سنوات، ولكن الموضوع الآن أصبح يعيقني، لأنني الآن يجب أن أعمل، وفي نفس الوقت أنا أخاف من الاختلاط بالناس، وحتى الرد على الهاتف أخاف منه.

جزاكم الله كل خير، وأتمنى أن يكون ردكم سببا في شفائي يوما ما من هذا البلاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ahmed حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

جزاك الله خيرًا، وأرحب بك في الشبكة الإسلامية.

الذي يظهر لي أنك قد طبَّعتَ نفسك على الانعزال الاجتماعي، وتولَّد لديك قلق ومخاوف، وافتقاد للثقة بالنفس، وأصبح لديك ما نُسمِّيه بـ (القلق التوقعي)، مثلاً تخوفك من الردِّ على الهاتف منشؤه قطعًا الخوف من أن يحمل لك أخبارا سيئة مثلاً، ولذا أصبحت تتردّد وتتخوَّف وتتجنَّب مثل هذه المواقف.

هذا كله نوع من القلق والرهاب المكتسب المتعلَّم، والناتج من التجنب، وأنت رجل كنتَ تعمل، وكانت لديك أنشطة، وحتى هذه الحالة وإن كانت منذ عشر سنوات؛ لكن العلاج بسيط جدًّا، يجب أن تنظر لنفسك بصورة إيجابية، تُقيِّم نفسك تقييمًا صحيحًا، أنت لست بناقصٍ، أنت لستَ أقلَّ من الآخرين، وتبدأ في أنشطتك الاجتماعية، وأوَّل وأفضل نشاط يكونُ هو الذهاب إلى المسجد لتصلِّي مع الجماعة، المسجد ليس مكان خوف، بل هو مكان أمان، ومكان اطمئنان، ولك من الله -إن شاء الله تعالى- أجر عظيم.

فيجب أن تجعل لنفسك تكييفا فكريا جديدا يقوم على مبدأ تجنب الخوف، وتحقير الخوف، والبدء في الأنشطة الاجتماعية.

الأمر الآخر: احرص على الأذكار، هذه الأذكار حافظة، أذكار دخول المنزل، أذكار الخروج من المنزل، أذكار النوم، أذكار الاستيقاظ، أذكار دخول الحمام والخروج منه، وأذكار اليوم والليلة، اجعلها أيضًا وسيلة في حياتك، فهي تُساعد الإنسان، وتجعله حقيقة في وضعٍ نفسيٍّ أفضل.

أنصحك أن تجلس مع الأسرة، وتطرح مواضيع إيجابية، أنصحك أن تمارس رياضة المشي، الرياضة الجماعية مع الأصدقاء، هذه مهمّة جدًّا، والعمل، العمل مهمٌّ جدًّا، يجب أن تقتحم هذا الفكر الخيالي، الفكر السلبي، أنت لست مريضًا، أنت فقط وضعتَ هذه الجُدر وهذه الحُجب حول نفسك، طاقاتك موجودة، مهاراتك موجودة، إمكاناتك موجودة، شبابك موجود، كلُّ هذا موجود، والتغيير يأتِي منك أنت، لأن الله {لا يُغيِّر ما بقومٍ حتى يُغيروا ما بأنفسهم}.

وأنا أعتقد – حتى يزول عنك القلق والخوف ويجعلك أكثر استعدادًا للمواجهة – يجب أن تتناول أحد الأدوية المضادة لقلق المخاوف، وعقار (سيرترالين) يُعتبر من الأدوية المثالية جدًّا، وهو سليم، وفاعل، وغير إدماني.

تبدأ في تناول السيرترالين بجرعة نصف حبة – أي خمسة وعشرين مليجرامًا من الحبة التي تحتوي على خمسين مليجرامًا – تتناولها يوميًا لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعل الجرعة حبة واحدة كاملة لمدة شهرٍ، ثم اجعلها حبتين يوميًا – أي مائة مليجرام – لمدة شهرٍ آخر، ثم خفض الجرعة واجعلها حبة واحدة – أي خمسين مليجرامًا – يوميًا لمدة شهرين، ثم خمسة وعشرين مليجرامًا (نصف حبة) يوميًا لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقف عن تناوله.

قطعًا السيرترالين علاج جيد، وفاعل جدًّا، وسوف يُساعدك للبدء في التطبيقات السلوكية التأهيلية الاجتماعية التي تحدثنا عنها سلفًا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً