الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بسبب التحرش أصبت باكتئاب وخوف وقلق.

السؤال

السلام عليكم.

أنا شاب عمري 20 سنة، أعاني من الخوف والقلق والوحدة، منذ 4 سنوات تعرضت لتحرش، وهذا إلى الآن يخجلني من نفسي، وأفكر كثيرا وأحس نفسي لست رجلا، ويراودني دائمآ الخوف من كل شيء حتى عندما أخرج من المنزل أخاف من الناس ومن نظراتهم، وأشعر بتأنيب الضمير إن فعلت خيرا أو شرا، ولا أستطيع إتخاذ أي قرار حتى لو كان سيغير حياتي، وليس لدي أصدقاء، لذلك أشعر بالوحدة وضيق في الصدر حتى عندما أصلي.

وأشعر بارتعاش في يدي وجسمي عند حدوث خلاف مع أحد ولو كان نقاشا عاديا، وأحس بالاكتئاب عندما أستيقظ من النوم، أستيقظ وأنا مهموم ومخنوق، وكأن هموم الدنيا على رأسي، ولا أستطيع النوم لساعات طويلة، وأنا أرى أن الموت أفضل من الحياة، لأني لا أجد ما يفرحني، ولست إنسانا كبقية الناس.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية.

لديك استشارات سابقة، أقربها الاستشارة رقم (2442953) أجابت عليها الأستاذة هالة دياب، فأرجو أن تستفيد من الإرشادات التي أسدتها لك.

وأنا أقول لك – أيها الفاضل الكريم – من الناحية النفسية: أنت لديك نوع من الخوف النفسي المكتسب، لديك شعور بعدم فعالية الذات، وهذا تولّد عنه ما يمكن أن نسميه بشيء من الرهاب أو الإحجام الاجتماعي.

حوادث التحرُّش في مرحلة الطفولة قطعًا لها تبعات نفسية، لكنّها جراحات تبرأ -إن شاء لله تعالى- يجب أن تنظر لهذا الأمر أنك لم تكن معتديًا، إنما كنت ضحيّة.

ويا أخي الكريم محمد: الإنسان دائمًا أفضل له أن يعيش في قوة الحاضر، الحاضر قوي جدًّا، والماضي ضعيف، في خبر كان، وسيكون من الخطأ أن يعيش الإنسان ما بين ضعف الماضي وخبر كان وسلبياته والخوف من المستقبل، هذا أمرٌ مرفوض تمامًا.

فأنا أريدك أن تعيش قوة الحاضر، تعيشها بكل ثبات وبكل ودٍّ وبكل إيجابية، ولا تُقلِّل من قيمة نفسك أبدًا، التقليل من قيمة الذات هو أحد الإشكالات الكبيرة جدًّا التي يقع فيها بعض الناس.

فالإنسان له قيمته، الله تعالى خلقك في أحسن وضع، الله تعالى خلقك في أحسن تقويم، لا تُقلِّل من قيمتك، هذا مهمٌّ جدًّا. أنا أريدك أن تعيش الحياة بقوة، أن تضع برنامجًا لإدارة وقتك، أن تكون لديك طموحات، أن تكون متميِّزًا جدًّا من الناحية الأكاديمية والتعليمية، أن تكون بارًّا بوالديك، مهتمًّا بأسرتك، أن تتواصل اجتماعيًّا مع الصالحين من الناس، وصلاة الجماعة في المسجد سوف تتيح لك الرفقة الطيبة إن شاء الله تعالى، حيث لا خوف ولا وجل مع مثل هؤلاء ولا في مثل هذا المكان أبدًا.

مارس رياضة مع بعض الأصدقاء، الرياضة الجماعية فيها خير كثير.

فيا أخي الكريم: يمكنك من خلال هذه المنافذ الحياتية الصحيحة أن تعيش حياة طيبة، طيبة جدًّا وسعيدة جدًّا. إذًا التغيير يأتي منك، ولا أحد يستطيع أن يُغيّرك، {إن الله لا يغير ما بقومٍ حتى يُغيروا ما بأنفسهم}.

أنا أودُّ أيضًا أن أصف لك أحد الأدوية البسيطة، الأدوية الممتازة، الأدوية الفاعلة، الأدوية التي تزيل المخاوف وتُحسِّنَ المزاج وتُحسِّن الدافعية، لكن التطبيقات السلوكية السابقة مهمة بنسبة خمسة وسبعين بالمائة، والدواء بنسبة خمسة وعشرين بالمائة.

من أفضل الأدوية عقار يُسمَّى (سيرترالين) هذا هو اسمه العلمي، أرجو أن تبدأ في تناوله بجرعة خمسة وعشرين مليجرامًا – أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على خمسين مليجرامًا – تناولها يوميًا لمدة عشرة أيام، ثم اجعلها حبة واحدة يوميًا لمدة أسبوعين، ثم اجعلها حبتين يوميًا، تتناولها كجرعة واحدة، وجرعة المائة مليجرام هذه هي الجرعة الوسطية السليمة التي أراها تناسبك جدًّا.

استمر على هذه الجرعة (حبتين) لمدة أربعة أشهر، ثم خفضها إلى حبة واحدة يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم نصف حبة يوميًا لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقف عن تناول الدواء.

هذا دواء فاعل، دواء جيد، دواء سليم، وغير إدماني، وأسأل الله تعالى أن ينفعك به.

أشكرك على الثقة في إسلام ويب، وبارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً