الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مدى نجاح الزواج المبكر وكيفية اختيار الزوجة

السؤال

أنا طالب بالفرقة الأولى لكلية الآداب جامعة الإسكندرية، وأنا على قدر من التدين ولله الحمد، لكن مشكلتي هي شهوتي العالية جداً، ولن تحل مشكلتي إلا بالزواج، والحمد لله فنحن عائلة ثرية لكن أحب أن أعرف هل الزواج في هذا السن زواج ناجح أم لا؟ وكيف أختار زوجتي بعقلي لا بشهوتي؟ وكيف أقنع أهلي وأصدقائي؟
أرجو الإفادة والرد سريعاً لأهمية الأمر بالنسبة لي.
وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد:

أسأل الله العظيم أن يطهر قلبك، وأن يحصن فرجك، وأن يحفظك من كل سوء ومكره، وأن ييسر لك الحلال، وأن يصلح لك النية والذرية.

هذه السن التي أنت فيها مناسبة للزواج؛ لأن الزواج المبكر هو الذي كان عليه سلف الأمة الأبرار الذين فهموا مراد الله في قوله سبحانه : (( وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ ))[النور:32] ورحم الله ابن مسعود الذي قال : (التمسوا الغنى في النكاح)، وحتى الفقر ليس عذراً في تأخير الزواج؛ لأن الأرزاق بيد الله، والزوجة تأتي برزقها، والمطلوب من الشباب هو الجدية والسعي في طلب الرزق والرغبة في العفاف، وقد كان لزواجهم المبكر أطيب الثمار، وكان الفرق بين عمرو بن العاص وابنه عبد الله إحدى عشرة سنة، وقال الشافعي رأيت جدة عمرها إحدى وعشرين سنة.

ولكننا تخلينا عن هذا الخير في عصورنا المتأخرة، وتشبهنا -بكل أسف- بأعدائنا، وعنهم أخذنا موضة تأخير الزواج.

وعندما يؤخر أولئك القوم الزواج فعندهم أبواب للحرام ووسائل لتصريف الشهوات، وكلها مما يغضب الرحمن والعياذ بالله، وقد دفعوا ثمن ذلك أمراض وعلل لم تكن في الأسلاف السابقين، وكان نتيجة ذلك الفساد والتفكك والانحلال .

وديننا العظيم يحرم علينا السير على دربهم والتشبه بأفعالهم، ولا يملك الشاب المسلم إلا أن يسلك سبيل العفاف والطهر، ويجتهد في الصوم ويشغل نفسه ووقته بالمفيد؛ حتى ييسر الله له أمر الزواج، ورسولنا صلى الله عليه وسلم يكاثر بنا الأمم يوم القيامة، فعلينا أن نكثر أعداد الموحدين.

وأنت ولله الحمد من أهل الغنى واليسار، فسارع إلى الزواج، واظفر بذات الدين، وسوف تكون أسعد الناس بذريتك، وسوف تجد الاستقرار في حياتك وفي طلبك للعلم أيضاً، واحرص على حسن الاختيار، ورحمة الله على الإمام أحمد الذي أرسل إحدى قريباته لتخطب له، فجاءت وقالت له: وجدت فتاتين إحداهما بارعة الجمال ضعيفة الدين، والثانية صاحبة دين ومتوسطة الجمال، فقال رحمة الله عليه: أريد صاحبة الدين متوسطة الجمال، فعاش معها ثلاثين سنة، وقال: والله ما اختلفنا في كلمة.

واعلم يا بني أن الجمال الظاهري عمره محدود بسنوات قليلة، لكن جمال الدين والأخلاق يلازم صاحبه في الحياة ويفيده بعد الممات، وعليك أن ترجح جانب العقل لأن رحلة الحياة الزوجية طويلة وتمتد بالأخيار إلى الدار الآخرة (( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ))[الطور:21].

وأرجو أن تطرح الأمر على والديك إما مباشرة أو عن طريق شخص مطاع في الأسرة، وقد يساعدك إمام المسجد أو من يثق فيه أهلك من الأفاضل، أما الأصدقاء فأرجو عدم الالتفات لتعليقاتهم، بل ونحن نرجو أن تكون لهم قدوة حسنة للسير على طريق العفاف، فسارع بطلب الحلال، وابتعد عن الخنا والحرام، وتذكر أن الله قال في كتابه يمدح الأخيار : (( وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ ))[المعارج:29-30-31].

أسأل الله لك دوام التوفيق والهدى والرشاد، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً